فشل مجلس النواب اللبناني في انتخاب رئيس للجمهورية خلال جلسة "جس نبض" لكشف الانقسامات السياسية والتكتلات الحزبية في الأوساط اللبنانية المحتكمة لقانون المحاصصة، وسط توقعات بدخول البلاد في نفق الفراغ الرئاسي بسبب النزاعات والعرقلات السياسية بدفع مباشر من الثنائي الشيعي وحلفائه العونيين.
وأفادت مراسلة أورينت من لبنان إيلينا بونعمة، اليوم الخميس، أن البرلمان اللبناني عقد جلسة لانتخاب رئيس جديد للبلاد خلفاً للرئيس ميشال عون الذي تنتهي ولايته نهاية الشهر المقبل، لكن الجلسة انتهت بفشل ذريع دون التوصل لاسم توافقي بين الأطراف اللبنانية.
وأوضحت "بونعمة" أن الجولة الأولى من جلسة البرلمان انتهت دون حصول أي مرشح على النِّصاب المطلوب والمتمثل بأصوات ثلثي المشرعين (86 نائباً) من أصل (128 نائباً)، وسط توقعات بدخول البلاد في نفق الفراغ السياسي بسبب عدم التوافق الحزبي على اسم يحظى بالغالبية المطلوبة.
وبلغت نتائج التصويت في جلسة انتخاب الرئيس الأولى، 63 صوتاً لـ (الأوراق البيضاء)، التي تمثّل حلف إيران من حزب الله وحركة أمل وتيار العونيين، و36 صوتاً لمرشح المعارضة (ميشال معوّض) و11 صوتاً لمرشح التغيريين (سليم إده) وصوت واحد لـ (مهى أمينة) و10 أصوات لـ (لبنان) وصوت واحد لـ (نهج رشيد كرامي).
مناورة خبيثة
وتقول المراسلة نقلاً عن مصادر لبنانية مطّلعة إن جلسة التصويت التي عقدها البرلمان اللبناني اليوم، كانت بمثابة "جلسة جس نبض أو مناورة خبيثة" من قبل رئيس البرلمان نبيه بري، حليف حزب الله، لاستكشاف التكتلات والانقسامات الحزبية الراهنة بين الكتل البرلمانية، ولإيصال رسائل سياسية تلمّح إلى أن المعارضة "غير قادرة على التوصل على اسم توافقي لمنصب الرئاسة".
وبحسب المصادر فإن المتوقَّع دخول لبنان في نفق الفراغ الرئاسي في حال عدم التوافق على اسم يحظى بغالبية برلمانية لمنصب رئيس الجمهورية، ولا سيما أن الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) وحلفاءه من التيار الوطني الحر، صوتوا في ورقة بيضاء ولم يسمّوا مرشحهم أثناء الجلسة الأخيرة، في وقت يسعى فيه الحلفاء الثلاثة لعرقلة انتخاب رئيس جمهورية محسوب على تكتلات المعارضة.
ويتفق حزب الله وحركة أمل على تسمية زعيم (تيار المردة) سليمان فرنجية كمرشح لمنصب رئاسة الجمهورية، لكن إخفاء اسم فرنجية والتصويت لـ (الأوراق البيضاء) عده محللون ضعفاً وتخبّطاً في صفوف الثنائي الشيعي وحليفهم (التيار الوطني الحر) الذي يتزعّمه جبران باسيل، (صهر الرئيس ميشال عون).
سيناريو مشابه
وينصّ الدستور اللبناني على حصول مرشح الرئاسة (مسيحي ماروني) على ثلثي المشرعين في البرلمان (86 من أصل 128 صوتاً) حتى يتمكن من الفوز بمنصب الرئاسة خلال الدورة الأولى من التصويت، أما في حال انعقاد جولة ثانية للتصويت فالمطلوب حصول المرشح على 65 صوتاً.
وتعيدنا التطورات الأخيرة إلى فترة انتخاب خلف للرئيس ميشال سليمان عام 2014، حيث انتهت تلك الجولة بسيناريو التعطيل الذي أدخل لبنان بفراغ رئاسي استمر لمدة عامين، حتى انتخاب ميشال عون (88 عاماً) رئيساً للبنان لفترة رئاسية واحدة في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2016.
ويعيش لبنان أسوأ ظروفه السياسية والاقتصادية بتاريخه الحديث مع تراكم الأزمات، ولا سيما الانهيار الاقتصادي بسبب المنعطفات القاسية التي شهدتها البلاد على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، ولا سيما منذ انفجار مرفأ بيروت في آب 2020، وما تبعه من انهيار اقتصادي أعاد البلاد عقوداً للوراء، حيث خسرت الليرة اللبنانية 95% من قيمتها، في ظل تسلّط الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة أمل) وحليفه تيار العونيين على البلاد وقرارها السيادي.
وتهيمن أذرع إيران (حزب الله وحركة أمل) على لبنان وقراره السيادي بسطوة السلاح الإيراني، وتعمل بأساليبها التخريبية على جرّ البلاد إلى الهاوية من خلال الهيمنة على الحياة السياسية والاقتصادية وكذلك القضائية، إلى جانب تعطيل الحياة السياسية كما حصل خلال عرقلة تشكيل حكومة خلال العامين الماضيين، حيث انتهى ذلك الفراغ في حزيران الماضي بتشكيل حكومة بصبغة إيرانية يقودها نجيب ميقاتي.
التعليقات (3)