الثورة السورية ومآلات الاستدارة التركية نحو نظام الأسد

الثورة السورية ومآلات الاستدارة التركية نحو نظام الأسد

مما لا شكّ فيه أن الشعب السوري الذي ثار على نظام الأسد في آذار 2011م، ومازال مستمرّاً فيها بعد مرور أكثر من عقد على انتفاضته وثورته .. أقول لا شكّ أن هذا الشعب قد تعرض لمؤامرة كونية عليه وعلى حقّه في الحرية والكرامة وعلى بلده من أقصاه إلى أقصاه. 
ولو أننا عدنا قليلاً إلى الوراء نستقرئ الأحداث والمواقف، لوجدنا أن رأس الحربة في هذه المؤامرة هم من ادّعوا زوراً الوقوف مع الشعب السوري في حقه لنيل حريته وكرامته، ألا وهم الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، وبأوامر إسرائيلية صهيونية متحكمة باقتصاديات هذه الدول بلوبيات يهودية معروفة للجميع، وإلا كيف يمكن لإيران ثم روسيا أن تتدخلا لمساندة النظام وعدم السماح له بالسقوط الذي شارف عليه أكثر من مرة كان آخرها أواسط العام 2015م أي قبل التدخل الروسي المباشر، والذي عبّر عنه آنذاك لافروف وزير الخارجية الروسي عندما صرح قائلاً: لولا تدخّلنا لكان النظام سقط خلال أسبوعين.
إذاً يمكن القول إنّ كل الدول التي تدخلت في الشأن السوري سواء إلى جانب النظام أو إلى جانب الثورة كانت تعمل بدور وظيفي كُلفت به سواء بعلمها أو من دونه، ورأس الحربة والرأس المدبر الذي يدير اللعبة أو قل الأزمة هو الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلفها الغرب، وبهذا نستطيع أن نخرج بنتيجة مفادها أن الجميع تقريباً كان مخدوعاً، ودخل اللعبة مصدقاً أن الأمريكان قرروا إسقاط نظام البعث( الأسد ) في سوريا كما فعلوا ذلك في العراق, فقام كلٌّ بدوره بأمانة وإتقان معتقداً أنه خارج المؤامرة الكونية، وأن الأمر لا يخرج عن نطاق التعاطف الدولي مع الشعب السوري الثائر الذي يتعرض للإبادة على يد حكومته.
وباعتقادي أن تركيا كانت إحدى الدول المخدوعة بالخطاب الأمريكي، فتدخّلت بقوة وفتحت أبوابها للسوريين ودعمتهم، بل وارتقت تصريحات رئيسها أردوغان إلى سقف عالٍ من مثل لن نسمح بإعادة تجربة حماة مرة ثانية، وحلب خط أحمر، ومن هذا القبيل. 
لم يستفق الأتراك من غفلتهم إلا وقد صار على حدودهم الجنوبية شبه كيان كردي يمشي بتؤدة واتزان نحو تحقيق أهداف الكرد منذ مئة سنة في إقامة دولة كردية تضم شتاتهم بين دول المنطقة، ولا شكّ أن المتأثر الأكبر في ذلك تركيا لوجود عدد كبير من الشعب الكردي في الجنوب التركي.
وعندما حاول الأتراك عرقلة قيام هذا الكيان بالقيام بعدة عمليات عسكرية كانت تواجَه بعراقيل أمريكية روسية تصل إلى حد الابتزاز, فكانت النتيجة عمليات محدودة ربما تعرقل قيام هذا الكيان، لكنها لا تقضي عليه وسيبقى وربما ينجح في نهاية المطاف. من هنا ونتيجة كل ما مرّ أقرأ تصريحات المسؤولين الأتراك الأخيرة حول المصالحة مع نظام الأسد وإعادة العلاقات معه من باب المصلحة العليا للدولة التركية لا من باب ما أريده أنا الثائر والمعارض لنظام الأسد.
المسؤولون الأتراك لمسوا جدية الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية.. في الإبقاء على نظام الأسد وتقسيم سوريا إن تعذّرت إعادتها كاملة تحت حكمه، وهذا الأمر بالضرورة سيؤدي إلى قيام كيان كردي في جزء من الشمال السوري، وهذا يعني بالنسبة لهم خطراً داهماً على الجنوب التركي ذي الأغلبية الكردية.
- ما الحل إذاً في ضوء المعارضة الشديدة من قبل الغرب لأي عملية تركية تستهدف المناطق المسيطر عليها من قبل حزب العمال الكردستاني المصنف إرهابياً عند الأتراك؟
الحل هو إعادة العلاقات مع نظام الأسد ودعم عودته إلى السيطرة على كامل الجغرافية السورية، وإعادة ملايين اللاجئين السوريين إلى بلدهم طوعاً أو كرهاً قبل حلول موعد الانتخابات التركية القادمة التي بقي عليها أقل من سنة، وسحب هذه الورقة من يد المعارضة التركية التي تلوّح بها في وجه الحكومة التركية كورقة انتخابية ضاغطة باعتبارهم أثروا على الاقتصاد التركي كما يدّعون.
- ما الذي ستجنيه الحكومة التركية الحالية من وراء هذه العملية؟
لا شكّ أنها بذلك ستئد المشروع الكردي في مكانه إلى ما شاء الله، وتسحب ورقة اللاجئين من يد المعارضة التركية، وهذا يكفيها كمنجز تخوض به انتخابات 2023م القادمة وتفوز بها. 
- ما هو الثمن الذي سيدفعه جمهور الثورة والأكراد على حدّ سواء؟
سيعود الطرفان صاغرَين إلى حضن نظام الأسد بمصالحات شكلية لا تلبث أن تنتهي باعتقالهم ومحاسبتهم.
- ما هو موقف الغرب وعلى رأسهم أمريكا من ذلك؟
سيباركون هذه الخطوة وسيدعمونها لإعادة الاستقرار إلى سوريا تحت ظل نظام الأسد؛ لأن الغرب بالأصل لا مشكلة له مع النظام، وهو الذي منع سقوطه كل هذه السنين من عمر الثورة.
وهذا الموقف الغربي اتضحت معالمه شيئاً فشيئاً عبر هذه السنين، فهم أي الغرب يريدون سوريا موحدة تحت سيطرة هذا النظام، فإن تعذر ذلك، فليكن التقسيم.
وهذا يأخذنا إلى لاءات كثيرة عمل الغرب على فرضها على أرض الواقع في سوريا، منها: 
1ـ لا نسمح أن يحكم السُنة سوريا( تصريح لافروف الشهير )
2ـ لا نسمح أن تحكم الديمقراطية في سوريا؛ لأنها بالضرورة ستجلب السُنة إلى الحكم.
3ـ لا نسمح بقيام دولة سورية قوية موحدة إلى جانب إسرائيل إلا تحت حكم نظام الأسد.
4ـ لا مانع لدينا من التقسيم إن تعذر ذلك.
وبعد، ما الذي يملكه السوريون بكل مكوناتهم في وجه كل هذه المخططات والمؤامرات على مصيرهم وحقهم بالحرية والكرامة، في ضوء تشرذم الجناح العسكري وتناحره وتأجيره بندقيته لصالح الدول ومصالحها بعيداً عن المصلحة الوطنية، وليس الجناح السياسي( الائتلاف ) بأحسن حالاً.
لا حلّ يجدي إلا بالوحدة وإعادة القرار الوطني إلى يد السوريين والتمرد على الدول المتنفّذة في الملف السوري، وتنظيم مظاهرات على كافة الجغرافية السورية إن أمكن، رفضاً للتقسيم والعودة إلى زريبة الاستبداد والعبودية والإصرار على الحصول على الحرية والكرامة في بلد تحكمه العدالة والمساواة.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات