التقارب التركي مع النظام جعجعة بلا طحين

التقارب التركي مع النظام جعجعة بلا طحين

بينما كانت الأنباء تتوارد من المناطق الخاضعة لسلطة النظام السوري تنذر بقرب انهيار اقتصادي، جاء نبأ إقرار الإدارة الأمريكية لقانون "الكبتاغون" ليزيد الطين بلة ويقدم الدليل القاطع على أن الأرض تهتز تحت أقدام النظام السوري، وفي اتجاه معاكس تماماً تتسارع التصريحات والخطوات من قبل الحكومة التركية للتطبيع مع النظام السوري واضعة السوريين في حيرة من أمرهم، وفي عبارة أدق: طغت مشاعر الذعر والغضب على مشاعر التفاؤل، وأصبحت قضية التطبيع حديث الساعة؛ فماذا عنها؟

محاولة متعددة الأهداف

يعلم الجميع أن المحاولات التركية لإقامة منطقة آمنة في الشمال السوري لم تتوقف، وأنها فشلت بالوصول إلى هذا الهدف عن طريق توجيهها الدعوات للمجتمع الدولي في مساعدتها بهذا الأمر. كذلك لم تتمكن تركيا من إنشاء هذه المنطقة اعتماداً على إمكاناتها الذاتية من خلال العديد من العمليات العسكرية التي أنجزتها في الداخل السوري، وبالأصح، هي أنجزت جزءاً من هذه المهمة ولم تعد قادرة على إتمامها بسبب الفيتو المرفوع من أغلب القوى الرئيسية الفاعلة في الساحة السورية. مؤخراً، ومع اقتراب موعد الانتخابات التركية، خاصة وأن ملف اللاجئين أصبح ورقة رابحة بيد المعارضة التركية، يبدو أن الحكومة التركية ارتأت أن الإنصات للمقترح الروسي بالتفاوض مع النظام السوري؛ هو خيار رابح حتى في أسوأ الاحتمالات، فالاحتمال الأول هو أن تحرج الإدارة الأمريكية وتدفعها إلى ممارسة المزيد من الضغوط على قوات سوريا الديمقراطية، أما الاحتمال الثاني؛ فهو سحب الورقة الرابحة (قضية اللاجئين) من يد المعرضة التركية وهو الهدف الأهم والاحتمال الوحيد القابل للتحقيق، وثالث الاحتمالات؛ هو أن تتمكن تركيا من الوصول لهدفها القديم المتجدد، أي، إقامة المنطقة الآمنة رغم أن هذا الاحتمال شبه مستحيل.

ما الذي تسعى إليه روسيا؟

من جهة أخرى، تسعى روسيا من وراء هذا المقترح لعدة أهداف، أهمها: فك عزلة النظام السوري والسير خطوة نحو الأمام في محاولة تعويمه، وزيادة الهوة بين تركيا والولايات المتحدة الأمريكية، وهي ترى أنه، لو سارت الأمور على ما يرام، قد تصل عن طريق تركيا إلى هدف يبدو صعب المنال فيما لو اعتمدت على مقدرتها الذاتية، فروسيا تعلم جيداً أنها لا تستطيع بالقوة العسكرية أن تسيطر على مناطق الثروات في شمال شرق سوريا، لأن القوات الأمريكية ستسحق كل قوة تحاول الاقتراب من تلك المناطق، أما الاستيلاء على تلك المناطق من قبل القوات التركية بعد التفاهم مع النظام السوري وتعديل معاهدة أضنة مع تقديم الضمانات بإعادة تلك المناطق للنظام فيما بعد، فهو سيضع الإدارة الأمريكية في موقف حرج سيدفعها للمفاضلة بين تحالفها مع تركيا وتحالفها مع قوات سوريا الديمقراطية، ولا شك أن روسيا تعتقد أن كلا الخيارين للولايات المتحدة سيكون في مصلحتها؛ فإما انسحاب أمريكي مرحّب به، وإما توتر للعلاقات مع تركيا مرحّب به أيضاً.

لا مصلحة للنظام السوري بالتطبيع

من جهته، لا يرغب النظام السوري باستعادة مناطق مأهولة بالسكان إلا إذا كانت الموارد في تلك المناطق تزيد عن حاجة سكانها، كذلك هو لا يرغب بعودة اللاجئين، فهو غير قادر على القيام بأعباء بضعة ملايين يقيمون في مناطق سلطته، وما رفضه لعودة اللاجئين من لبنان إلا دليل على ذلك، من جهة أخرى، فالثقة بين النظام السوري والحكومة التركية الحالية تكاد تكون معدومة تماماً. من هنا، فالسير في خُطا التطبيع مع تركيا تحت ضغط القيادة الروسية سيجعله يحوّل المفاوضات إلى ما يشبه مفاوضات اللجنة الدستورية، وستكون مطالبه من الحكومة التركية شبيهة بمطالب المنتصر من المهزوم في اتجاه معاكس لما يتمناه الجانب الروسي الذي يعتقد أن النظام السوري يجب أن يأخذ المصالح الروسية بالحسبان وأن يكون أكثر برغماتية.

خوف غير مبرر

كل المؤشرات تقول: إن أقصى ما يمكن الوصول إليه من تلك المباحثات بالنسبة للحكومة التركية هو سحب أو إضعاف مفعول ورقة اللاجئين التي تمتلكها المعارضة التركية، أما بالنسبة للنظام السوري وروسيا فهو التفاخر بخرق لعزلة النظام السوري يضاف إلى ما سبقه من خروقات لا قيمة فعلية لها. أما فيما يخص الذعر المتأتي من تنبؤات شديدة التشاؤم؛ فهو في غير موضعه، فإعادة اللاجئين قسراً، على سبيل المثال، هو قرار يستحيل أن تتخذه حكومة ما؛ حتى وإن كانت حكومة تركيا تسيطر عليها المعارضة، فمثل هذا القرار سيضعها في مواجهة المجتمع الدولي برمته، فقضية اللاجئين تخضع للكثير من المحددات والقيود التي تلزم الدول المضيفة، ولعل البعض يتذكر أن نظام صدام حسين كان يستقبل على أراضي العراق بعض اللاجئين المعارضين للنظام الإيراني (مجاهدي خلق)، وأنه بعد سقوط النظام العراقي آلت الأمور في العراق لأتباع إيران، ورغم ذلك؛ لم يتمكن هؤلاء من طرد المعارضين الإيرانيين وتسليمهم للنظام الإيراني، بل هم لم يتمكنوا من إخراجهم من العراق إلى مناطق أخرى حتى نهاية العام 2016 بموجب اتفاق مع الأمم المتحدة، أما تسليم المناطق التي تسيطر عليها القوات التركية فهو تصوّر يفترض حكومة على درجة من السذاجة يصعب تخيلها.

لا تراجع عن الحراك الثوري المناهض للتطبيع

كل ما سبق لا يعني إيقاف الحراك الثوري المناهض لمحاولات التطبيع أو التراخي به، بل على العكس تماماً، فإن ذلك الحراك هو الذي يجعل افتراضات هذا المقال باستحالة التوصل لاتفاق خطير بين الحكومة التركية والنظام السوري افتراضات شبه مؤكدة، فالحراك الثوري المناهض للتطبيع يشكل ورقة ضغط مهمة على الحكومة التركية إن كان لديها بعض النوايا شديدة المهادنة، وورقة ضغط قوية لها إن كانت ترغب بالتفاوض بقوة، وهو (الحراك الثوري المناهض للتطبيع) يشكل ورقة ضغط على الجهات الرسمية الممثلة للثورة في حال قررت التماهي مع مطالب ترفضها جماهير الثورة، كما يعتبر رافعة ومدخلاً للقوى الدولية التي ترغب بإعاقة عملية التطبيع، وهو في أسوأ الاحتمالات إعادة لألق الثورة وتذكير بأننا هنا. 

إن التصورات المتفائلة من كلا الطرفين تفترض الطرف الآخر قمة في السذاجة، وكذلك التصورات المتشائمة من كلا الطرفين تتصور أشياء لا يمكن حدوثها، لذلك فأغلب الظن أننا سنسمع جعجعة ولن نرى طحيناً.

التعليقات (1)

    Omar

    ·منذ سنة 3 أشهر
    أتريد ياأروغان أن تتصالح مع مختار الباقي من سوريا بشارالمجرم مصاص الدماء وتعومه بعد أن أوشك على الهلاك.إيران هي صاحبة الكلمة العليا في سوريا وهي تصنع قاعدة وحاضنة شيعية لها في سوريا بعد أن شيعت الكثيرين من أهل السنة خطر المجوس على تركيا أشد خطرا من اليونان ياأردوغان أنت بتصالحك هذا مع المجرم بشار وتعويمك له أنت والخونة الزعماء العرب تغضب الرحمن عليك ويسلط على تركيا من لايرحمها.أحذر غضب ودعاء الثكالى والأيتام والقابعين في سجون بشار الذي يسومهم سوء العذاب.اقرآ ياأردوغان عقائد الشيعة من أمهات كتبهم كالكافي ومن لايحضره الفقيه وبحار الأنوار ورجال الكشي الشيعة الإثنا عشرة المجوس الذين يحكمون إيران والعراق وسوريا ولبنان واليمن أشد كفرا ونفاقا من اليهود لاتنسى ياآردوغان أنك بمصاحفتك مع خمنائني إنما تصافح الشيطان .ينشرون المجوسية ويفتحون الحسينيات في تركيا باسم أل البيت رسول الله وآل بيت رسول الله منهم براء إونما حقيقة يتخفون حول بيت رسول الله تورية وخدعة لأهل الشنة ولنشر المجوسية وأنت ياآردوغان عنهم لاهي. الله سيدمر تركيا إذا تصالحت مع بشار بعد ثلاث أشهر من مصافحة أردوغال لبشار مصاص الدماء ومسلم سوريا للمجوس.نحذرك ياأردغان. اللهم هل بلغت أللهم فاشهد. أتريد ياأردوغان أن تأتي بالمجوس مهربي المخدرات والسلاح ومروجي زواج المتعة أنت والأخوان لاتعتبرون الشيعة مجوس بل هم طائفة مسلمة وهذا غلطكم الإستراتيجي الذي سيؤدي لذهاب ريح تركيا إحذر ياردوغان خبث المجوس فهم يعتبرنك كافرا زنديقا لأنك مسلم سني .
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات