هل ستزدهر الاستثمارات في 2023 وتنجح بتجاوز الأزمة الاقتصادية الحالية؟

هل ستزدهر الاستثمارات في 2023 وتنجح بتجاوز الأزمة الاقتصادية الحالية؟

منذ عقود بدأت الدول النامية برامجها التنموية من خلال التعويل على الاستثمار الأجنبي المباشر لما له من أهمية كمصدر لتمويل برامج التنمية ووسيلة لنقل التكنولوجيا وزيادة القدرات التصديرية، واكتساب وتنمية المهارات الإدارية والتقنية والاهتمام بالاستثمار الأحنبي المباشر جاء بسبب عدم كفاية المدّخرات الوطنية للدول النامية الناتجة أصلاً من ضعف مستوى الناتج المحلي الإجمالي لتوفير التمويل اللازم للاستثمار المحلي.

الأزمة الاقتصادية العالمية ووضع الاستثمار:

وبحسب تقرير منظمة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد" فإن العالم يتّجه نحو ركود طويل الأمد إذا لم يتم تغيير السياسات الاقتصادية للدول، فبالإضافة لنتائج الحروب في أوكرانيا وغيرها وافتقار الدول الضعيفة للمخزون المالي للتعامل مع الكوارث وازدياد مشاكل تغيرات المناخ وتأثيره على جميع القطاعات وارتفاع أسعار الطاقة وارتفاع التضخم وانخفاض القوة الشرائية، كل ذلك وأكثر أدى لتوقعات بانخفاض النمو الاقتصادي في عام 2023 إلى 2.2٪ وبالتالي سيكلّف العالم أكثر من 17 تريليون دولار أي ما يقارب 20٪ من إجمالي الناتج المحلي العالمي.

في المقابل، فإن توقعات شركة الاستشارات المالية والاستثمارية الأمريكية The motley fool كانت مختلفة، حيت ترى أن عام 2023 سيكون جيداً للاستثمار ومن أهم الأسباب ذلك هو ارتفاع أسعار الفائدة.

وأفضل توجهات الاستثمار يجب أن تكون في مجالات الطاقة والأدوية والسلع الاستهلاكية دائمة الطلب والتي يستمر الناس في شرائها حتى في فترات الركود، فهذه القطاعات أثبتت قدرتها على الصمود في ظل الأزمات الاقتصادية إذ يُعدّ الاستثمار الأجنبي المباشر هو النوع المفضّل من الاستثمار لأن التكنولوجيا الجديدة ستدخل البلاد، وسيتم إنشاء مشاريع استثمارية أو شراء وحدات إنتاج جاهزة واستثمارها، وبالتالي سيتمّ خلق فرص عمل جديدة وفرص تصدير، بينما فائدة الاستثمار في العقارات تُعدّ مساهمة لمرة واحدة فقط يتم فيها جلب المال. 

ويطلق على عمليات الاستثمار في الشركات أو العقارات من خلال شراء أسهم أو شهادات الأسهم والسندات والأوراق المالية من قِبَل الطرف المستثمر اسم استثمار غير مباشر، ونجد ذلك في تركيا كمثال على اللجوء إلى الاستثمار في العقارات والأوراق المالية. 

تركيا وجذب الاستثمارات الأجنبية 

تجاوز حجم العملات الأجنبية التي يجلبها الأجانب لشراء العقارات في تركيا حجم استثمارات رأس المال الأجنبي المباشر، وانخفض حجم الاستثمارات الرأسمالية المباشرة التي يقوم بها المستثمرون العالميون بغرض إنشاء أو شراء مرافق في تركيا، وأصبح هناك خلق فرص عمل، ونقل للتكنولوجيا، وخلق فرص التصدير، ومساهمة في نمو الناتج المحلي الإجمالي على مدار العام.

وتزايدت تحويلات العملات الأجنبية إلى تركيا لشراء العقارات كما هو موضّح في الرسم البياني: 

 

كيف سيتأثر وضع الاستثمار الأجنبي في تركيا في ظل توقعات الركود الاقتصادي العالمي؟ 

يجيب عن هذا السؤال الباحث في المجال الاقتصادي خالد التركاوي قائلاً: إنه يجب التمييز بين نوعين من الاستثمار الأجنبي المتدفق نحو تركيا (الداخل): الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة وهي لصالح شراء أوراق مالية في السوق التركية والتي ارتفعت بسبب خروج مستثمرين من روسيا وأوكرانيا ومن أماكن أخرى.. الأمر الذي أدى لدعم الأسواق المالية التركية وذلك لأن سيولتها سريعة، ويبدو ذلك واضحاً في مؤشرات البورصة حيث ارتفعت نسبة شراء الأوراق المالية في الأشهر السابقة، أما الاستثمارات المباشرة فقد كانت نسبتها خلال عام 2022 مرتفعة وستزداد ارتفاعاً خلال عام 2023، وتأتي تلك التوقعات من عدة أسباب أهمها فارق الأجور بين تركيا وباقي الدول الأوروبية.

أما فيما يتعلق بسياسة تخفيض سعر الفائدة وعلاقتها بجذب الاستثمارات، فيذكر تركاوي أن قضية جذب الاستثمارات تتبع قضية انخفاض سعر العملة بغض النظر عن تقلبات بقيّة العملات، إذ أدّى انخفاض سعر العملة لرفع معدّل التجارة الخارجية منذ عام 2020 وإلى الآن يواصل ارتفاعه وبالرغم من أن هذا الارتفاع ليس كبيراً إلا أنه جيد وانعكس إيجاباً على مرونة الإنتاح وكفاءة الاقتصاد التركي للاستجابة للمتغيرات الدولية، أيضاً أظهر قدرته على التنافسية وزيادة الطلب على السلع التركية.

وأضاف أنه بناءً على عدة مؤشرات تم ذكر بعضها سابقاً منها مؤشر زيادة الاستثمار ومؤشر ازدياد التجارة الخارجية يليه زيادة في الإنتاج، ثمّ زيادة في الناتج المحلي الإجمالي وبالتالي النمو الاقتصادي سيزداد في 2023، ولاشكّ أن النموذج التركي المتّبع في تخفيض سعر الفائدة كان له أثر على جذب الاستثمارات سواء مباشرة أو غير مباشرة، حيث إن التركيز الدائم على معالجة عدم استقرار سعر العملة أدى إلى زيادة معدلات التضخم وتآكل القوة الشرائية لدى المواطن وارتفاع أسعار السلع والخدمات وغيرها من الأمور التي سببها عدم استقرار سعر العملة.

وأوضح تركاوي في تحليل مفصّل للنموذج التركي وأسباب اتباع الحكومة لهذا النموذج والأهداف المنتظرة حسب رؤية الحكومة التركية والتي بدأت بتخفيض سعر الفائدة أنها أدت لزيادة حجم الأموال الرخيصة الموجودة في البنوك والمؤسسات المالية، وهذا بدوره سيشجع المستثمر التركي أو الأجنبي للحصول على رأس مال رخيص وبالتالي سيستطيع بناء منشآت للاستثمار، وهذا بدوره سيؤدي إلى زيادة في التوظيف ومنه سنصل إلى نسبة بطالة أقل وهذا ما تمّ ملاحظته في عام 2022، وعليه سيحدث زيادة في الإنتاج وزيادة في معدلات التجارة الخارجية وبالتالي زيادة في القطع الأجنبي ومنه زيادة الطلب على الليرة التركية واستقرار في سعر العملة وتخفيض معدلات التضخم.

وأشار الباحث الاقتصادي إلى أن العديد من الأشخاص يرفضون هذا النموذج ولكن في النهاية هي نظرية اقتصادية لها دلالاتها وشواهدها ولها دعائمها سواء اقتصادية أو سياسية ومهما تعددت الآراء إلا أنّ هذا النموذج سيعمل على زيادة الاستثمار ورفع معدل النمو بحسب وجهة نظر الحكومة التركية.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات