مبالغ طائلة وتهديد بالقتل.. سوريون يكشفون تورّط حزب الله بعمليات تهريب البشر إلى أوروبا

رغم الخطاب الحماسي الذي خرج به زعيم ميليشيا حزب الله اللبناني حسن نصر الله، بعد غرق قارب المهاجرين قبالة سواحل طرطوس أواخر العام الماضي، والذي حمّل فيه مسؤولية غرق اللاجئين إلى دول أوروبا نفسها، كشف سوريون في لبنان عن عمليات تهريب للبشر تُدار من قبل ميليشيا حزب الله، وعن تعرّض بعضهم للتهديد بالسلاح أو الإغراق خلال رحلتهم التي لم تدم طويلاً قبل أن يتم القبض عليهم من قبل خفر السواحل اليوناني.

لكل رحلة سعرها

وقال منذر عبد اللطيف، وهو سوري لاجئ في لبنان لـ أورينت نت: "قبل مدة قررت مع مجموعة من رفاقي التوجه إلى أوروبا، وبالطبع كان علينا مغادرة المدينة التي نقيم فيها باتجاه الشمال الغربي من لبنان وبالتحديد عكار، حيث التقينا هناك بأحد المهربين، وبعد أن أخبرناه عن وجهتنا (قبرص)، طلب منا اختيار نوع الرحلة التي نرغب بها حيث تبدأ الأسعار من 200 دولار وتنتهي بـ 9000 دولار على حد تعبيره".

وأشار عبد اللطيف إلى أن ثمن الرحلة وأجورها يعتمد على وسيلة النقل التي ستنقل الشخص من شواطئ لبنان باتجاه الدولة التي يقصدها، وهي إحدى ثلاث (قبرص - اليونان - إيطاليا).

وأضاف: "تعتمد رحلة الـ 200 دولار على قارب صغير لصيد السمك مهترئ ولا يتسع لأكثر من 4 أشخاص حيث يتم تحميله بـ 7 أشخاص كحد أدنى وإرساله في البحر"، لافتاً إلى أن هذه الرحلة هي أشبه بمن يدفع 200 دولار من أجل أن يغرق وليس من أجل أن يسافر.

وبحسب عبد اللطيف، تصل الأسعار إلى 9 آلاف دولار أمريكي فيما لو قرر الشخص السفر تهريباً على متن بواخر موجودة في المياه الدولية، حيث يتعامل المهربون مع بعض القباطنة من أجل إخفاء المهاجرين داخل السفن وإنزالهم في البلد الذي يريدون.

طريقة التهريب

وحول طريقة التهريب والمسؤولين عنها، أكد عمر الإبراهيم، الذي وصل إلى إيطاليا العام الماضي لـ أورينت نت أن "غالبية شبكات التهريب في لبنان تابعة لميليشيا حزب الله، هم يديرون عمليات التهريب في عكار وبلدة بنين التابعة لها، حيث يتم التهريب عبر قوارب صغيرة مخصصة للمسافات القصيرة مثل (قبرص)، أو أن تلتقي تلك القوارب الصغيرة بقوارب أكبر في عرض البحر يتم نقل المهاجرين إليها".

وأوضح أن "الطريقة الأسهل والأكثر أماناً والأكثر تكلفة أيضاً، هي السفر على متن يخت سياحي أو باخرة متجهة إلى أية دولة أوروبية وخاصة إيطاليا، لقد خرج رفاقي من لبنان بهذه الطريقة وقد تم وضعهم داخل إحدى حاويات الشحن لحين وصولهم، أما أنا فقد فضّلت السفر على متن أحد القوارب الكبيرة، تماماً بنفس الآلية التي اتُبعت مع غرقى قارب طرطوس، وهنا يلعب القدر والحظ دوره في أن تصل تلك الرحلة إلى وجهتها أو ينتقل ركابها إلى عالم الأموات".

تهديد بالقتل والإغراق

وبحسب ما ذكر أحد اللاجئين ممن أُلقي القبض عليهم من قبل خفر السواحل اليوناني، ويُدعى "فهد.ل" فقد تعرّض مع آخرين كانوا معه على متن أحد القوارب للتهديد بالسلاح.

وقال لـ أورينت نت: "خلال الرحلة التي لم تدم أكثر من ساعة ونصف لحين القبض علينا، تلقينا عشرات التهديدات من قبل المهرّب ومساعده الذي كان يقود القارب، لقد أخبرنا أنه سيقتلنا طعناً أو يرمينا في البحر إن أخبرنا خفر السواحل بأنه المهرّب في حال القبض علينا".

وأشار إلى أن التهديدات اشتملت أيضاً على اعتقالهم من قبل (حزب الله) وتسليمهم لنظام أسد وتصفيتهم بعد العودة إلى لبنان.

لماذا الشمال؟

وفي سياق الإجابة عن سبب اختيار الشمال كوجهة للتهريب، قال "أبو علي" وهو أحد العاملين السابقين في مجال التهريب لـ أورينت نت: "الجنوب يعدّ أخطر من الشمال ومكشوفاً أيضاً، هناك سفن قوات حفظ السلام (اليونيفيل) وربما يكون هناك طرّادات تابعة للجيش الإسرائيلي في عرض البحر، تلك الطّرادات ستطلق النار مباشرة على أية سفينة أو قارب، كما إن الإبحار من الشمال أكثر أماناً نظراً لطبيعة السواحل الجنوبية الصخرية".

وفيما ادّعى نظام أسد ومن خلفه ميليشيا حزب الله أسفهم على من غرق في قارب الموت، كشف تقرير نشره موقع أورينت قبل أيام تضمّن شهادة أحد الناجين من قارب الموت، عن تعرضه وغالبية من نجا من القارب للاعتقال والتعذيب والضرب والإخفاء القسري.

وذكر أن وطأة الاعتقال كانت بالعديد من العوامل أبرزها (المدينة التي ينحدر منها الشخص)، مشيراً إلى أن السبب الوحيد لاعتقال الناجين هو بحث نظام أسد عن معارضيه من أجل قتلهم.