"الخوذ البيضاء" أحد أسباب الحياة

"الخوذ البيضاء" أحد أسباب الحياة

رغم الكارثة غير المسبوقة في تاريخ سورية منذ قرون ورغم حجم الخسائر الذي يكبر يوما بعد الآخر، التي تسبب بها زلزال 6 شباط 2023، فكثيراً ما فرح السوريون في الأيام الأخيرة سواء أولئك الذين يشهدون الخراب في أرض الزلازل أو من كانوا يتابعونه من وراء شاشات أجهزة التلفزيون ومحمولاتهم الشخصية.

أما الكارثة والحزن والفجيعة فمعروفة السبب، وأما الفرح فسببه إنقاذ طفل أو شاب أو امرأة من تحت الانقاض، يتجدد الفرح بين السوريين المكلومين كلما استطاعت مجموعة من الخوذ البيضاء الدفاع المدني السوري إنقاذ إنسان جديد من تحت الانقاض.

وقبل زلزال تركيا المدمر، خمسون ألف حياة كانت الخوذ البيضاء السورية سببا في استمرارها، خلال الحرب الإرهابية على الشعب السوري، لا شك أن هذا الرقم زاد بضع مئات من الحيوات خلال الأيام المنصرمة بعدما أنقذت فرق الخوذ البيضاء أرواحا جديدة، هذه المرة من براثن زلزال  6 شباط 2023 الذي صف بأنه الأسوأ في تاريخ تركيا، ويرجح البعض أنه قد يكون الأسوأ في التاريخ قاطبة، بحيث إنه دمر مدينة كبيرة مثل أنطاكيا وبضع مدن أخرى في رأسها مدينة مرعش، كما دمر كثيرا من الابنية في مدن صغيرة في الشمال السوري.

بفريق يبلغ تعداده ثلاثة آلاف شخص تعمل الخوذ البيضاء، نصف الفريق تقريبا متخصص بأعمال الانقاذ، وهو رقم صغير مقابل أربعة ملايين ونصف مليون إنسان يقطنون شمال غربي سورية، ليست مشكلة النقص في عدد المنقذين هي الوحيدة، إنما أيضا تعاني الخوذ البيضاء من نقص فادح في معدات الانقاذ ورفع الانقاض، فحتى اليوم الخامس من وقوع زلزال 6 شباط فبراير لم تدخل اي مساعدات خاصة بازالة الانقاض وأعمال الإنقاذ الى شمال سورية، يفترض أن تضم آليات حفر ورافعات ومواد أخرى لمساعدة العالقين تحت الأنقاض على البقاء أحياء لأطول مدة ممكنة ريثما يتم الوصول اليهم وانتشالهم بسلام.

ومساء الخميس 9 شباط الجاري قال الدفاع المدني السوري:" لا يزال الآلاف تحت الأنقاض، ووصلنا إلى نقطة حرجة، ونحتاج إلى دعم دولي".

يعمل هؤلاء الشباب والرجال مع عدد قليل من السيدات بلا توقف وبما توفر لديهم من معدات وبمؤازرة سكان يستخدمون المعاول وحتى الأواني المنزلية.

وبجهود الخوذ البيضاء والمتعاونين معهم خلال الايام الاربعة التي تلت كارثة زلزال تركيا-سورية  تم احصاء 1700 مبنى مدمر كلياً أو جزئياً شمال غربي سوريا حتى اللحظة. فيما بلغت اعداد القتلى تحت الانقاض 3370 في سورية حتى اللحظة ويرجح أن يبلغ العدد خمسين ألف قتيل في تركيا وسوريا كما أخبرني صحفي وسياسي سوري مخضرم. 

وفي عام 2016 تم ترشيح منظمة الخوذ البيضاء لنيل جائزة "نوبل" للسلام، وإن لم تحصل عليها فقد حصلت في العام ذاته على جائزة المنظمة السويدية الخاصة "رايت لايفليهود" (Right Livelihood) السنوية لحقوق الإنسان التي تعد بمثابة "نوبل بديلة"، وقد أشادت "بشجاعة متطوعي المنظمة الاستثنائية وتعاطفهم والتزامهم الإنساني لإنقاذ المدنيين من الدمار الذي تسببه الحرب".

وفي فبراير/شباط 2017 نال فيلم وثائقي يتحدث عن عملهم وعرضته شبكة نتفليكس جائزة "الأوسكار" عن أفضل وثائقي قصير.

ماذا يمكن أن يتحدث سوري مكلوم عن منظمة الخوذ البيضاء الدفاع المدني السوري تلك التي كانت دوما شوكة في حلق النظام الإرهابي الأسدي البوتيني الذي حاول قتل أكبر عدد ممكن من السوريين المدنيين، ممثلا دور عزرائيل قابض الأرواح، فيما كانت الخوذ البيضاء تنقذ الضحايا تحت القصف المستمر ما تسنى لها من الوقت الضيق والمعدات البسبطة،  ممثلة-أي الخوذ البيضاء- دور الملائكة مانحة الأمل بحياة جديدة، لأجل ذلك حرص نظام بوتين الأسد على تشويه سمعة المنظمة  في إعلامه المبثوث باللغة الانكليزية وبواسطة صحفييه المأجورين في الغرب، فاتهم الخوذ البيضاء بالارهاب وإنها تضم عناصر من تنظيم القاعدة وجبهة النصرة، رغم تأكيد رئيس "الخوذ البيضاء" رائد صالح مراراً أنهم حياديون ومستقلون وغير منحازين وليسوا مرتبطين بأي جهة سياسية أو مجموعة مسلحة.

ولم يكتف نظام بوتين الأسد بتشويه سمعة الدفاع المدني السوري بل تقصدت طائرات بوتين قصفهم مرارا وإلحاق الأذى بطواقهم حتى أثناء عملهم.

ستبقى الخوذ البيضاء الناطق الرسمي باسم آلام السوريين، كما باسم أفراحهم وسط الموت والكوارث، كلما أعادوا ضحية قصف أو زلزال الى الحياة.

التعليقات (2)

    Hope

    ·منذ سنة شهرين
    الازمات تكشف معادن الناس.. تحيه للخوذ البيضاء .

    سمر

    ·منذ سنة شهرين
    بالفعل أحد أسباب الحياة في الزلزال
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات