الزلزال الكبير وإعلام أسد المقاول

الزلزال الكبير وإعلام أسد المقاول

كما هو معروف يقوم الإعلام بوظيفة محورية في التواصل الاجتماعي، مع المتلقين شعوباً وأفراداً، ويكون المضمون معلومات متنوعة تتناول قضايا مختلفة، وأحياناً تكون السياسة والعلاقات الدولية هي الحاضر الأكبر.

وإذا ما حدث  طارئ يغطي الإعلام هذ الحدث مبيناً مظاهره وأسبابه ويسمى الإعلام بالسلطة الرابعة لما له من تأثير في تكوين الرأي العام، ونقل المعلومة والتوثيق، وفي تجديد أو تغيير التوجهات  العامة. كما يلعب الاعلام دور الكشف عن المخبوء والمستور. 

وبعد تطور وسائل الاتصال يبدو العالم أكثر من أي وقت مضى، على تماس مباشر  مع المتغيرات والأحداث ويفترض مسلكياً ومهنياً أن يكون الإعلام موضوعياً، ولكن واقع الحال يعاكس ذلك الافتراض.

ورغم ذلك قد نجد فروقات بين أداء إعلامي وآخر، وقد يكون موقع ما أقرب للمهنية والضمير المسلكي، وقد ينحط آخر إلى ماكينة للتهريج وخدمة إيديولوجيا أو همروجة أو توجه محدد.

وقبل أن نلج بالإحاطة في الفروق البينية علينا أن نصل إلى صياغة  تعرّف الإعلام، فالإعلام هو علم متكامل يستخدم تقنيات تسمح بها درجة التطور في كل مرحلة وعند كل أمة.

والرسالة الإعلامية يفهمها المرسل إليه الفرد أو الجمهور وتكون واضحة وبسيطة وفيها مهارة ومكنة الصياغة الإعلامية، ولكن المتمعن سيرى ذلك الفرق بين وظيفة الإعلام نظرياً وأدائه المخالف تماماً.

فمن المفترض أن يكون الإعلام نافعاً، وتطويرياً، وإرشادياً وتنموياً وتثقيفياً، وإذا كان مؤسسة رسمية تبلغ وظيفته الذروة بخلق إجماع حول القضايا الكبرى للمجتمع ومن الطبيعي أن يمارس النقد ويطوّر نفسه لوجستياً ومضامين أو محتوى وبعد ذلك تأتي وظيفته الأهم بخلق التفاعل الاجتماعي والطبيعي معززاً للمفاهيم القيمية الكبرى، هذا كله عدا كونه وسيلة تعنى بجمال الفن ورقيّ طقوسه.

ولكن السلطة استمرت باغتصاب بلد في حريته حتماً سيكون الإعلام طغياناً يستلب القيمة ويشوّه الرأي العام ويزيّف الوعي، كذا هو الإعلام السوري منذ عقود وعلى مدار الوقت بممارسة أساليب ممنهجة في التضليل، وخلق الوعي المزيف بل أكثر بذهابه نحو إثارة الفتنة والاقتتال ويبدو أن إعلام السلطة استغنى تماماً عن الحرفية والأكاديمية والبحث المستدام في عملية التطوير واستعاض عن ذلك برعاية أمنية مبرمجة، وتمويل مشبوه ونظام مقاولات.

والمتتبع لإعلام سلطة النظام قبل الحدث الكبير (الزلزال) سيرى بالأدلة الدامغة إهمال المتون المتعلقة بالنوعية والحضور والمهارة والتمكن من اللغة، ساعياً لإظهار الهوامش المتعلقة بتوافه الأمور والأخبار، متنازلاً لأفرع الأمن عن دوره، ساكتاً عن قضايا مصيرية متخلياً عن مسؤوليته الوطنية والتربوية، مجتهداً في إقناع الجمهور بشعارات تهويمية ومستمراً بحالة بث إقصائي وعدواني لمن يخالفه الرأي في الداخل والخارج، مُظهراً العدو صديقاً والصديق عدواً، وأصبح صانعاً للتفاهة بتفوق مستعيناً برباعية الأمن والحزب، والسلطة والاحتلال، كما أتى الزلزال ليُظهر العجز اللوجستي والفشل الأخلاقي والإنساني، واعتبار ما يحدث أمراً سياسياً وقابلاً للاستثمار الخبيث والمرامي المصلحية.

مرة تلو مرة يسقط إعلام النظام مضرجاً بالغباء والتفاهة والبغاء والعهر الفكري وبصورة وقحة يتخلى عن دور التوعية والفائدة ويتمترس في جيب وظيفي للأمن ومعوقاً للتقدم والتغيير والسلام.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات