كشف متقاعد عراقي تفاصيل موعدين التقى بهما مع الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في العاصمة العراقية بغداد، تحدث الأخير في أحدهما عن عدم إيفاء رأس النظام في سوريا بشار الأسد لوعد قطعه له بالوقوف إلى جانب العراق.
ونقلت صحيفة "الشرق الأوسط" عن المتقاعد العراقي قوله إنه التقى صدام حسين مرتين بعد سقوط بغداد في 9 نيسان/ أبريل 2003، موضحاً أن اللقاء الأول كان في الفلوجة في نيسان، واللقاء الثاني كان في بغداد في 19 تموز/ يوليو، أي بعد أربعة أشهر من سقوط المدينة.
وذكر المتقاعد الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، أن صدام حسين كان قريباً من ساحة الفردوس في بغداد حين أسقطت مدرعة أمريكية تمثاله في 9 نيسان، مشيراً إلى أنه قاد بنفسه أول عملية للمقاومة والتي استهدفت مواقع أمريكية في حي الأعظمية، حتى إنه أمسك بقاذف آر بي جي وأراد المشاركة بالاشتباك بعد اشتداد المعركة قبل أن يتم منعه من قبل مرافقيه.
اللقاء الأول: قيادة المقاومة
وبحسب شهادة المتقاعد العراقي، انتقل صدام حسين في اليوم التالي إلى مدينة هيت غرب بغداد، ثم عاد إلى محيط مدينة الفلوجة في 11 نيسان، حيث "استدعى مرافقوه 5 أشخاص كنت بينهم، وشارك في اللقاء مع الرئيس في مكان ملاصق لمحطة وقود عند أطراف الفلوجة نجله قصي وعدد من المسؤولين الأمنيين والحزبيين".
وخلال اللقاء، وبعد معرفته بتوغل الجنود الأمريكيين بين المنازل في الفلوجة، رد حازماً: "أخرجوهم"، وتابع قائلاً: "علينا أن نصبر. المعركة طويلة. واجبنا أن نستنزف العدو، وأن نفتح جبهات في كل مكان لضمان عدم استقرارهم على أرض العراق. انصبوا لهم الكمائن في الطرق الرئيسية، وعليهم أن يعرفوا أن العراق لقمة صعبة وليكن ذلك درساً لهم".
وأشار إلى أنه قبل ظهر اليوم التالي، التقى صدام في أطراف منطقة الدورة جنوب بغداد، محاسبي ديوان الرئاسة، وحصل منهم على مبلغ لدعم المقاومة. وأصرّ على توقيع ورقة كتب فيها: "أنا صدام حسين رئيس جمهورية العراق أسجّل عليّ ذمة في رقبتي مبلغ مليون و250 ألف دولار لإدامة عمليات المقاومة ضد الاحتلال الأمريكي، وعليّ إعادتها في أقرب الآجلين. عاش العراق. عاشت الأمة العربية".
اللقاء الثاني: خيانة بشار الأسد
وأوضح الشاهد أنه التقى صدام حسين في 19 تموز 2003 في مقر سري بحي الأعظمية، وخلال اللقاء عبّر عن خيبته لأن محافظات في العراق ارتضت ألّا تقاوم المحتل بعدما كانت وعدت بذلك.
وقال صدام حسين: "العراق هو السدّ الأخير، فإذا سقط هذا الحائط ستتعرّض دول عربية لاحتلال مباشر وأخرى لاحتلال غير مباشر. إذا سقط العراق ستُفتح كل الأبواب أمام إيران وسيمتدّ نفوذها حتى المغرب".
ووفق ما نقل الشاهد، انتقد صدام حسين الموقف العربي وعبّر عن خيبته من موقف سوريا، قائلاً: "أنا أخذت من بشار الأسد وعداً بأن تقف سوريا مع العراق فور انطلاق الطلقة الأولى".
وأضاف: "خِلْته (بشار الأسد) مختلفاً لكن الابن سرّ أبيه. فليتذكروا أن العراق ليس صدام حسين، إنه ملك العراقيين والعرب، وسيدفع كثيرون ثمن ترك العراق يسقط".
طريق الخروج من بغداد
وروى الشاهد ما جرى ليلة سقوط بغداد، موضحاً أنه في 6 نيسان وصلت دبابات أمريكية إلى القصر الجمهوري وفندق الرشيد في العاصمة العراقية، وهنا اتصل عبد حمود سكرتير الرئيس صدام حسين بمدير المخابرات الفريق طاهر جليل الحبوش، وطلب منه استطلاع الطرق الآمنة لخروج الرئيس من بغداد، حيث قام الحبوش شخصياً بعملية الاستطلاع.
وتوجّه الحبوش إلى ناحية الطارمية ووجد الطريق آمناً، وطلب من مرافقه العقيد محمود العودة إلى العاصمة واستخدام الهاتف الخاص في مكتبه لإبلاغ عبد حمود بأن طريق ديالى سالكة وآمنة، وأنه شخصياً سيرجع في غضون ساعات.
وخلال استطلاع الطريق الأخرى، شاهد الحبوش أن الطائرات الأمريكية ألقت قنابل شديدة المفعول على الطريق، وأن الاستمرار بالسير نحو بغداد شديد الخطورة، ليتخذ قراراً بعدم العودة، ثم الانخراط بالمقاومة، فيما واجه صدام حسين لاحقاً مصيره المعروف.
التعليقات (8)