الكشف عن مخطط ميليشيا أسد في قضم مخيم اليرموك وسلب ممتلكات الفلسطينيين

الكشف عن مخطط ميليشيا أسد في قضم مخيم اليرموك وسلب ممتلكات الفلسطينيين

كشف تحقيق استقصائي بالوثائق والأدلة التلاعب بحقوق الملكية والتعويضات في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بدمشق وأدوار ميليشيات وشخصيات تُعدّ واجهة لنظام أسد، عملت على سلب حقوق اللاجئين الفلسطينيين.

واستند التحقيق الذي أجراه موقع "سيريا إندكتور" إلى شهادات ومقابلات مع مهجّرين من المخيم وتقارير وإحصاءات مؤسسات حقوقية، وكتب ومراسلات بين جهات محسوبة على حكومة أسد.

مخطط تنظيمي جديد ينسف قوانين التملّك

وقسّم المخطط التنظيمي الذي أصدرته محافظة دمشق منتصف العام 2020 مخيم اليرموك إلى ثلاث مناطق وفق حجم الأضرار التي لحقت بها، بذلك أصبحت مساكن المخيم بمثابة إنشاءات وأنقاض، لا تشملها قوانين التملّك، لأنها أُقيمت على أراضٍ مؤجّرة من الدولة للمؤسسة العامة للاجئين الفلسطينيين. 

وأجرى الموقع أثناء إعداد للتحقيق مقابلة مع أحد ضحايا التهجير القسري نتيجة الحرب ويدعى "عمار القدسي"، حول قوانين وإجراءات أمنية تحرم اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى مخيم اليرموك، والذي يُعرف بـ "عاصمة الشتات".
 
وبذات الوقت، بات عمار كما الكثيرون ضحية قوانين تُجبره على العودة لإثبات ملكيته تحت طائلة فقدها، وتشترط "الفرقة الرابعة" التي يقودها ماهر الأسد، شقيق رأس النظام بشار الأسد، استلام مبلغ 1000- 1500 دولار مقابل السماح للمدنيين بترميم منازلهم.

هدر حق الملكية 

ويملك “عمار القدسي” عقاراً بمساحة 61 متراً مربعاً في المخيم بموجب إذن سكن، ففي عام 1949 تأسست الهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين بموجب القرار 450، واستأجرت من الحكومة السورية أرضاً مساحتها 2.1 كيلومتر مربع على أطراف العاصمة دمشق. 

الهيئة وزّعت مساحات تُسمى "النمرة" للاجئين لتشييد مبانٍ، وتحصّل اللاجئ بموجبها على إذنٍ للسكن، وتقدّر بثلث إجمالي المساحة العقارية لمخيم اليرموك.

وقدّرت لجنة إزالة الأنقاض التابعة لهيئة التحرير الفلسطينية عدد الوحدات السكنية في مخيم اليرموك بـ 128 ألف وحدة، حيث يكشف التحقيق عبر مراسلات بين المؤسسة العامة للاجئين الفلسطينيين وبين محافظة دمشق، عن محاولة تغيير المخطط التنظيمي لمعالم مخيم اليرموك والتلاعب بالملكيات العقارية، وذلك بتضخيم نسب الأضرار التي لحقت بالأبنية نتيجة الحرب.

تجزئة الوحدة العقارية

وقاطع تحقيق "سيريا أنديكيتور" الخروقات القانونية الصريحة للحقوق العينية العقارية للاجئين الفلسطينيين وفق المخطط التنظيمي لمنطقة اليرموك وقرارات حكومية، مع تقرير متغيرات الهوية الديموغرافية وتأثيرها على النسيج المجتمعي وحقوق الملكية وعودة اللاجئين الصادر عن منظمة "اليوم التالي"، وهي منظمة مجتمع مدني سورية تعمل على توثيق حقوق الملكية والسكن لتسليط الضوء على أبرز تلك الخروقات.

التقرير ذكر أن هذه الخروقات تؤدي لتجزئة الوحدة العقارية للمخيم، وتبيّن أن "الشركة العامة للدراسات الهندسية" التي قامت بدراسته وإعداده، وهي جهة حكومية، وبعد موافقة اللجنة الفنية في محافظة دمشق، والمصادقة عليه من قبل اللجنة الإقليمية، تجاهلت حقيقة ثابتة، وهي أن مخيم اليرموك ومنذ بدايات نشوئه في منتصف الخمسينات، وخلال مراحل توسّعه العمراني طيلة العقود الماضية، كان وحدة عقارية تتبع لمدينة دمشق، وهو ما تظهره رخص بناء حصل عليها التحقيق، ويؤكده المخطط التنظيمي للمخيم الصادر عام 2004، والمصدّق أصولاً، والذي يُحدِد المخيم القديم ومناطق توسع المخيم في غرب اليرموك وجنوبه، على أنها منطقة عقارية واحدة تضم كافة أحياء وحارات المخيم بمسمياتها.

استملاك قسري وفق القانون 

وفي إحدى الشهادات التي أدرجها الموقع لـ "عامر الطبري"، وهو لاجئ فلسطيني مالك أحد العقارات الخاضعة لإعادة التنظيم في المخيم، ذكر أنه لم يتمكن من المطالبة بسكن بديل وفق القانون 23\2015 الذي أُقرّ المخطط التنظيمي بموجبه، ويُلزم القانون الجهة المنفذة بإقامة سكن بديل، ودفع بدلات الإيجار للسكّان الذين يتم إخلاؤهم.

ووفق تقرير اليوم التالي، فإن تعويض إعادة التنظيم وفق المخطط التنظيمي “أقرب إلى الاستملاك”، حيث يستند المخطط التنظيمي فيما يتعلق بالسكن، وتعويض أصحاب الأملاك المشمولة بإعادة التنظيم، إلى المرسوم "رقم 5 لعام 1982"، والذي يحصر التعويض وفق مساحة البناء، وليس الأبنية والشواغل المُشيّدة عليه، وتوزيعها إلى أسهم بين المالكين، إذ لا يحق للمالكين المطالبة بالتعويضات وفق الشواغل أو الغرف المشيّدة ضمن هذه المساحة المملوكة لصاحب العقار والمثبتة بموجب أحكام قضائية.

غنيمة لواجهات اقتصادية

وحصل موقع “سيريا انديكيتور” على مقاطع فيديو من داخل مخيم اليرموك، تبيّن عمليات “تعفيش” الأبنية وهدم أسقفها لاستخراج القضبان الحديدية، وبعد تقصٍ حول شخصيات من ينفذون تلك العمليات، ومقاطعتها مع شهادات لأهالي مخيم اليرموك، قادت المعلومات إلى أن “الغجر” أو من يعرفهم أهالي المخيم بـ “قرباط شارع الثلاثين”، نسبة لمكان إقامتهم، يعملون ضمن ورشات لدى قادة ميليشيات تعمل بجانب الفرقة الرابعة التي يقودها ماهر الأسد ، لتنفيذ عمليات “التعفيش” بأجور يومية، كما اعتادوا أن يعيشوا عندما كانوا يسكنون بالقرب من سوق السيارات في شارع الثلاثين على أطراف المخيم. 

وتعمل تلك المجموعات التي نشطت تحت أعين الفصائل الفلسطينية الموالية لميليشيا أسد وقوات الفرقة الرابعة، والفرع 235 أو ما يُعرف بـ “فرع فلسطين”، التابع لشعبة المخابرات العسكرية.
ووفقاً لصحيفة فايناشال تايمز، “أبرم حمشو وماهر الأسد صفقة تنصّ على ترحيل الخردة المعدنية التي نهبتها الفرقة الرابعة إلى مصنع حمشو. حيث العمل مجاني والمواد مجانية – ويحصل على كل شيء دون دفع فلس واحد، وماهر وحمشو يستعينان بالجنود والميليشيات للسيطرة على تجارة الخردة المعدنية”.

وبحسب تقرير لـ "برنامج مسارات الشرق الأوسط" للباحث "أيمن دسوقي"، “بلغت قيمة أرباح حمشو من تجارة حديد التعفيش 10 ملايين دولار شهرياً، خلال مطلع عام 2019. وصُدّرت خردة النحاس المعاد صهرها إلى تركيا عبر الموانئ التي تشرف عليها الفرقة الرابعة. 

واحتلت صادرات النحاس المرتبة الأولى بين صادرات الخام المعدنية في العام ٢٠١٧، بقيمة بلغت حوالي ١٤ مليون دولار أميركي وفقاً لمركز التجارة الدولية.

شروط "تعجيزية" لعودة أهالي المخيم

وتوصل تحقيق سيريا أنديكيتور إلى جملة الشروط التي تفرضها ميليشيا أسد للسماح بعودة أهالي مخيم اليرموك إلى منازلهم، وحصل الموقع على شهادات من أبناء المخيم تنفي ما أعلنت عنه اللجنة الرباعية من شروط عودة السكان للمنازل الصالحة للسكن، بأن يكون البناء سليماً، وأن يثبت الشخص ملكيته للعقار، بالإضافة إلى وجوب حصوله على الموافقات اللازمة. 

وحسب الشهود، يحتاج مالك العقار بعد إثبات ملكيته لتبرئة ذمة الخدمات منذ عام 2012، وتشمل الكهرباء والمياه والهاتف والبلدية و”الترابية” وهي خدمات المالية، وبعد تنفيذ الشرطين الأوليين، يُجرى التدقيق الأمني، وترفض حكومة ميليشيا أسد طلب الدخول في حال وجود شخص مطلوب أو معارض من أصول أو فروع مالك العقار.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات