رغم كافة التحذيرات التي أطلقتها المنظمات الحقوقية الدولية، تمضي حكومة ميليشيا حزب الله في لبنان في تنسيقها الأمني مع حكومة ميليشيا أسد من أجل التضييق على اللاجئين السوريين في لبنان، بغية دفعهم للعودة إلى مناطق أسد، وإجبارهم على الالتحاق في صفوف ميليشياته، وسَوق المعارضين والمنشقين إلى مقصلته وسجونه.
تنسيق متبادل
وأعلنت مديرية الأمن العام اللبناني توقف استقبال طلبات تسوية أوضاع اللاجئين السوريين الداخلين بطريقة غير شرعية "خلسة". وزعمت أن القرار لأجل "إفساح المجال أمامهم لتسوية أوضاعهم مباشرة عند مغادرتهم طوعاً عبر الحدود، والعودة مجدداً للدخول بطريقة شرعية" حتى تاريخ 15 حزيران/يونيو القادم.
ويعني القرار عملياً، منع الهاربين من مناطق أسد إلى لبنان بطريقة غير شرعية، بمن في ذلك المنشقّون والمطلوبون أمنياً لأفرع أمن أسد، وكذلك للمطلوبين لأداء الخدمتين الإلزامية والاحتياطية، من إمكانية تسوية أوضاعهم والحصول على إقامات قانونية، حيث لا يمكن لهؤلاء الدخول بطريقة شرعية والمرور من الحدود بين البلدين.
ويخالف قرار المديرية، قراراً سابقاً يسمح بتسوية أوضاع جميع اللاجئين في لبنان، والذي ينتهي في 30 حزيران/يونيو.
واللافت، هو تزامن القرار مع إعلان سفارة أسد في لبنان، إيقاف تلقّي طلبات استخراج جوازات السفر المستعجلة والبطيئة بدءاً من 15أيار/مايو حتى إشعار آخر، لأسباب قالت إنها " تقنية".
كما علمت "أورينت نت" من مصادر مطلعة، أن دائرتي الهجرة والجوازات في محافظتي دمشق وريفها، ستتوقف خلال اليومين القادمين، عن استقبال طلبات استخراج جوازات للاجئين السوريين في لبنان، بعدما كان بالاستطاعة الحصول عليه في وقت سابق.
وتشير تلك القرارات مجتمعة بما لا يدع مجالاً للشك، إلى أن هناك تنسيقاً متبادلاً بين ميلشيا حزب الله ونظام أسد، لدفع اللاجئين السوريين وخصوصاً المطلوبين والمنشقّين نحو سجونه ومقصلته، حيث أصبح هؤلاء بين فكّي كماشة، فلا هم قادرون على استخراج جوازات سفر والخروج نحو بلاد أخرى مثل مصر أو ليبيا، ولا هم قادرون على الاستمرار في الإقامة بلبنان، بعد منعهم من تسوية أوضاعهم.
شباب للتجنيد
وذلك الاستنتاج، عزّزه مصدر من لبنان مطّلع على تسجيل أسماء الراغبين في ما يسمى بـ "العودة الطوعية" إلى سوريا، وقال لـ"أورينت نت"، إن مخابرات أسد وافقت على عودة عدد يُقدر بنحو 150 شاباً في لبنان، مطلوبين للخدمة الإلزامية في سوريا، في حين لم يرد بالموافقة إلا على عدد قليل من عوائلهم من نساء وأطفال.
وكانت مديرية الأمن العام قد أعلنت قبل أسبوعين، استئناف ما يسمّى بـ "العودة الطوعية"، وذلك بالتزامن مع حملة اعتقالات ومداهمات طالت مئات اللاجئين السوريين في مختلف المناطق اللبنانية، قبل أن يتم تسليمهم إلى الفرقة الرابعة ومخابرات أسد عند الحدود السورية.
وبحسب المصدر، فقد شكّلت موافقة الأسد على عودتهم مفاجأة للقائمين على العملية، حيث رُفضت في العملية السابقة مئات الأسماء التي تحمل الحالة ذاتها، مشيراً إلى أن أعداد من سجلوا في العودة الطوعية لم تتجاوز حتى الآن أكثر من 600 اسم، على الرغم من حملة الجيش اللبناني ومخابراته ضد اللاجئين.
ورحّل لبنان خلال المرحلة الأولى من "العودة الطوعية" في تشرين الأول/أكتوبر، مئات اللاجئين، ضارباً بعرض الحائط جميع التحذيرات التي صدرت من المنظمات الحقوقية الدولية وفي مقدمتها منظمتا "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية"، بعدم إعادتهم بسبب عدم وجود ضمانات لحياتهم من نظام أسد.
وما تم التحذير منه حدث حينها، إذ اعتقلت مخابرات أسد، عدداً من العائدين بينهم امرأة، ينحدرون من مناطق في القلمون الغربي، بحسب موقع "صوت العاصمة".
حملة جديدة
ويتخوف السوريون في لبنان، من حملة ترحيل جديدة تطالهم بعد انتهاء المهلة الواردة في قرار الأمن العام، والذي حمل تهديداً واضحاً بذلك، حيث قال إن "على الرعايا السوريين التقيد بنظام الإقامة في لبنان، وسيُصار إلى اتخاذ المقتضى القانوني (الترحيل لسوريا) بحق المخالفين بعد انتهاء التاريخ المحدد".
وكان الجيش اللبناني قد بدأ من منتصف نيسان/إبريل، حملة مداهمات واعتقالات طالت مئات اللاجئين السوريين في لبنان، قبل أن يتم تسليمهم إلى مخابرات أسد، بينهم منشقون ومطلوبون لأفرع مخابراته، وذلك رغم التحذيرات ودعوة لبنان لاحترام حقوق الإنسان واللاجئين، من قبل أكثر من 20 منظمة وحقوقية وإنسانية دولية.
وبحسب مركز "وصول" لحقوق الإنسان، فإن "عملية الترحيل القسري الجماعية الأخيرة للاجئين السوريين من قبل السلطات اللبنانية، نُفذت بشكل تعسفي، منتهكة الوضع القانوني والسياسي للاجئين في سوريا وتجاهل صارخ للقانون الدولي لحقوق الإنسان".
وقال إن هذه الإجراءات "هي جزء من خطة الحكومة اللبنانية لإعادة 15 ألف لاجئ شهرياً إلى سوريا، رغم إدانة هذه الخطة بشكل واسع النطاق من قبل منظمات حقوق الإنسان".
التعليقات (4)