رغم الزخم السياسي والإعلامي الكبير الذي سبق اجتماع الزعماء العرب في القمة العربية في مدينة جدة السعودية، التي أرادت من خلالها المملكة العربية السعودية أن تحقق نجاحات ومكاسب سياسية داخلية وخارجية في عدد من القضايا، وفي مقدمتها القضية السورية، غير أن أجواء التوتر التي سادت في القمة طغت على المشهد، مفرزة الكثير من المواقف التي تعزز فرص الفشل في تحقيق أي مكاسب مؤمولة، جرياً على عادة القمم السابقة.
وبدا واضحاً أن حضور بشار الأسد رئيس عصابة المخدرات في القمة، المعاد للجامعة بعد 12 عاماً من تجميد عضويته، زاد من توتر أجواء القمة، وكشف عمق الانقسام والضعف العربي وهو ما ظهر على وجوه الحضور وفي كلماتهم ومواقفهم الكثيرة، التي يمكن تلخيص أبرزها وأكثرها حرجاً في 5مواقف.
1- خطاب بشار الانتقامي
كان خطاب بشار الأسد هجوميا على الجامعة والدول العربية، وبدا وكأنه استغل فرصة الحضور للانتقام من الجامعة التي أبقت على عضويته مجمدة 12 عاماً.
وخلال الكلمة التي ألقاها في القمة العربية بجدة، قال رئيس عصابة المخدرات، بشار الأسد، إن على الدول العربية بداية إعادة تموضعهم في هذا العالم ومغادرة المحور الغربي، واصفاً إياه بالمجرد من المبادئ والأخلاق والأصدقاء والشركاء.
واعتبر رئيس عصابة المخدرات أن جامعة الدول العربية قاصرة عن مناقشة القضايا ومعالجتها ما لم تطوّر منظومة عملها عبر مراجعة ميثاقها والنظام الداخلي.
واتهم العرب بالعمالة والخاينة بشكل مبطن حين قال إن "على الجامعة استعادة دورها كمرمم للجروح لا معمق لها، وأن يكون دورها متنفساً في حال الحصار لا شريك فيه وملجأ في وجه العدوان لا منصة له".
كما أعلنها بشكل صريح رفضه تدخل الجامعة العربية ودولها بالشأن الداخلي، ما يعني نسفاً لبيان الاجتماع الخماسي التشاوري في عمّان وقبل بيان جدة، واللذين طالبا بشار الأسد بضرورة إعادة اللاجئين مع تهيئة الظروف الآمنة لذلك وحل سياسي وفق القرار 2254، فقال "الأهم ترك القضايا الداخلية لشعوبها فهي قادرة على تدبير شؤونها وما علينا إلا أن نمنع التدخلات الخارجية في شؤونها ومساعدتها عند الطلب حصراً".
وبرر بشار الأسد ارتماءه بالأحضان الإيرانية والروسية زاعماً أن ماضي وحاضر ومستقبل سوريا هو العروبة، لكن عروبة الانتماء وليس الأحضان، قبل أن يقول إنه "ربما ينتقل الإنسان من حضن لآخر لسبب ما، لكنه لا يغير انتماءه، ومن يقع في القلب لا يقبع في حضن، وسوريا قلب العروبة وفي قلبها.
2- حضور زيلينسكي يحرج بشار
زادت دعوة رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي حالة التوتر في القمة العربية، فقد أدت إلى امتناع رئيس الجزائر الذي يؤيد روسيا في حربها على أوكرانيا من الحضور، كما أغضب حضوره بشار الأسد، كيف لا وهو الذي يرسل المرتزقة للقتال إلى جانب الروس ضد الجيش والشعب الأوكراني.
فيديو | كلمة الرئيس الأوكراني زيلينسكي في القمة العربية الـ 32#قمة_جدة#الإخبارية pic.twitter.com/oebEdAqAQa
— قناة الإخبارية (@alekhbariyatv) May 19, 2023
3- اليمن والسودان يُغضب بشار الأسد
بدا الغضب واضحا على وجه بشار الأسد ووفده المؤلف من لونا الشبل وبثينة شعبان ووزير خارجيته فيصل المقداد ومعاونه أيمن سوسان، من الكلمات التي ألقاها كل من مندوب اليمن والسودان، حيث ركز الأول على ممارسات الحوثيين العدوانية في اليمن وأسماههم بالميليشيات منتقداً التدخل الإيراني حليف الأسد بشؤون اليمن، رغم ترحيب "الحذر" كما قال بالاتفاق الإيراني السعودي برعاية صينية، أما الثاني فقد ركز في كلمته على جرائم قائد قوات الدعم السريع "حميدتي" المدعوم من بشار الأسد وروسيا والذي يقود الانقلاب على عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني.
كلمة رئيس مجلس القيادة اليمني #رشاد_العليمي أمام القمة العربية في #جدة: الرئيس العليمي: نأمل أن تنعكس التفاهمات بين #السعودية و #إيران إيجابا على #اليمن#قمة_جدة #العربية pic.twitter.com/SXLyLTsiIw
— العربية (@AlArabiya) May 19, 2023
كلمة مبعوث مجلس السيادة السوداني دفع الله الحاج في #القمة_العربية_2023 #قمة_جدة #السودان https://t.co/mpPAQ2BlWo pic.twitter.com/1Vas10LEUb
— 𝑫𝒓 𝑴𝒐𝒉𝒂𝒎𝒎𝒆𝒅 𝑯𝒂𝒔𝒔𝒂𝒏 (@BUILD_SUDAN) May 19, 2023
4- مغادرة أمير قطر للقمة أثناء الانعقاد
زادت مغادرة أمير قطر للقمة أثناء انعقادها التوتر والحرج على أجواء القمة، حيث ذكرت رويترز وعدد من المواقع العربية أنه غادر دون أي يجري أي لقاءات ثنائية وحتى قبل أن يلقي بشار الأسد كلمته.
5-غياب رؤساء دول أبرزهم الإمارات والكويت
من المواقف المحرجة التي طغت على أجواء القمة عموماً وخاصة بالنسبة لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هو غياب 5 رؤساء دول بينهم 3 دول خليجية أي ما يشكل نصف أعضاء مجلس التعاون الخليجي وهي الكويت وعُمان والإمارات، حيث تجمعه علاقة طيبة وقوية مع ولي العهد السعودي كما هو معروف، إضافة أيضا إلى كل من الرئيس الجزائري والمغربي.
وانعكست تلك الأجواء المتوترة على البيان الختامي للمؤتمر، الذي جاء من 11 بنداً، خصّ منها سوريا ببندين، الأول ترحيب بإعادة بشار الأسد للجامعة والثاني هو أقرب للنأي بالنفس وتوصية ليس أكثر.
فبعد بند الترحيب ذكر البيان رقم 6 الذي جاء عاماً يشمل ضمنه سوريا :"نشدد على وقف التدخلات الخارجية في الشؤون الداخلية للدول العربية والرفض التام لدعم تشكيل الجماعات والميليشيات المسلحة الخارجة عن نطاق مؤسسات الدولة، ونؤكد على أن الصراعات العسكرية الداخلية لن تؤدي إلى انتصار طرف على آخر، وإنما تفاقم معاناة الشعوب وتثخن في تدمير منجزاتها وتحول دون تحقيق تطلعات مواطني دولنا".
وكانت الجامعة العربية قد أعلنت في 7 من الشهر الجاري أن وزراء الخارجية العرب تبنوا خلال اجتماع مغلق قراراً باستعادة بشار الأسد لمقعد سوريا بالجامعة، وذلك بعد تجميده في عام 2011 عقب قمع ميليشيا أسد بشكل وحشي للمظاهرات السلمية التي عمّت حينها جميع أنحاء سوريا.
التعليقات (11)