سجّلت الليرة التركية تراجعاً بنحو 11 بالمئة، اليوم الأربعاء، وهوت لمستويات قياسية جديدة مقابل الدولار الأمريكي، فيما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محاربة ارتفاع الأسعار في أولى تصريحاته عقب ترؤّسه اجتماعاً للحكومة التركية الجديدة.
وانخفضت الليرة التركية التي تتعرض لضغوط قوية إثر إقبال على العملات الصعبة إلى 23.25 مقابل الدولار بحلول ظهر الأربعاء.
ولامست الليرة مستوى قياسياً منخفضاً عند 23.17 للدولار في وقت سابق لتصل خسائرها منذ بداية العام حتى الآن إلى 19% تقريباً.
وكان أدنى مستوى قياسي سابق للعملة التركية هو 21.46 ليرة لكل دولار سجلته يوم أمس الثلاثاء.
تداول حر
وحسب رويترز فقد سجل صافي الاحتياطيات الدولية لدى البنك المركزي التركي مستوى قياسياً منخفضاً عند 4.4 مليار دولار الشهر الماضي، بعد سنوات من التدخلات للحفاظ على استقرار الليرة.
وقال متعاملون إن انخفاض احتياطيات البنك المركزي التركي سيتوقف، فيما يعطي التراجع الحاد لليرة مقابل الدولار اليوم الأربعاء "إشارة قوية" إلى أن أنقرة تسحب دعمها للعملة بما يتيح تداولاً حراً لها.
وأشاروا إلى أن احتياطيات البنك المركزي قد تبدأ اتجاهاً صاعداً لكن مدفوعات خطة حكومية لحماية الودائع بالليرة من تداعيات انخفاض قيمة العملة تشكل التهديد الأكبر.
وتترقب الأسواق أيضاً تعيين محافظ جديد للبنك المركزي التركي ليحل محل شهاب قاوجي أوغلو الذي قاد عمليات خفض أسعار الفائدة في ظل سياسات أردوغان غير التقليدية.
وتدخلت السلطات بشكل مباشر في أسواق العملات الأجنبية إذ لجأت لعشرات المليارات من الدولارات من الاحتياطيات للحفاظ على استقرار الليرة معظم هذا العام.
ويتوقع بعض المحللين تراجع الليرة إلى نطاق بين 25 و28 مقابل الدولار.
ضغوطات
وتحت ضغط من أردوغان، الذي يصف نفسه بأنه "عدو" أسعار الفائدة، خفّض البنك المركزي سعر الفائدة إلى 8.5 بالمئة من 19 بالمئة في عام 2021 لتعزيز النمو والاستثمار. لكن ذلك أثار أزمة قياسية لليرة في ديسمبر/كانون الأول 2021 ودفع التضخم إلى أعلى مستوى في 24 عاماً وتجاوز 85 بالمئة العام الماضي.
ومطلع هذا الأسبوع، أعلن أردوغان تشكيلة الحكومة الجديدة وعيّن محمد شيمشك، الذي يحظى بتقدير كبير بين المستثمرين الأجانب، وزيراً للمالية. وقال شيمشك بعد تعيينه إن السياسة الاقتصادية في تركيا تحتاج إلى العودة إلى "أساس منطقي".
وتبشر عودة شيمشك، الذي كان وزيراً للمالية ونائباً لرئيس الوزراء في الفترة من عام 2009 إلى 2018، إلى الابتعاد عن التخفيضات غير التقليدية في أسعار الفائدة، والتي جرى تطبيقها على الرغم من ارتفاع التضخم وتسببت في فقد الليرة أكثر من 80 بالمئة من قيمتها في خمس سنوات.
والتقى شيمشك مع حفيظة غاية أركان، وهي مسؤولة مالية بارزة في الولايات المتحدة يُعتقد أنها ستكون الحاكمة المقبلة للمصرف المركزي، وفق ما ذكرت وسائل إعلام محلية هذا الأسبوع.
"إزالة الفوضى"
وأشارت المحللة البارزة في مصرف سويس كوت Swissquote Bank إبيك أوزكاردسكايا إلى أنه يفترض بأن يعمل شيمشك حالياً على "إزالة الفوضى" التي سادت خلال عام ونصف العام من أجل استعادة ثقة المستثمرين.
وقالت في مذكرة: "في السنوات الماضية، لم تفتقر تركيا إلى وزراء مال موهوبين أو مصرفيين أذكياء في البنك المركزي. لكن في كل مرة يحاول شخص ما أداء وظيفته أو وظيفتها بشكل صحيح - وهو ما يعني في تركيا رفع المعدلات - سرعان ما تتم إقالته أو إقالتها".
وتابعت: "لذلك، ما يرغب المستثمرون برؤيته في تركيا هو ليس إلى أي حد يُعدّ محمد شيمشك موهوباً في مجال المال، بل إلى أي حد سيقاوم ضغط مكتب الرئاسة لإبقاء معدلات الفائدة منخفضة".
وقال بول ماكنامارا المدير في جي.إيه.إم: "حتى بدون التدخل السياسي، فإن عملية وضع تركيا على مسار مستدام ستكون مضطربة، ومن المرجح أن تنطوي على تخفيض كبير في قيمة العملة وعوائد أعلى".
وأضاف: "نعتقد أن القيمة العادلة لليرة ربما تكون أقل 15 بالمئة أو نحو ذلك، لكن احتواء انخفاض قيمة العملة بدون دعم خارجي كبير سيكون مهمة صعبة للغاية".
معدلات الفائدة وارتفاع الأسعار
ورفعت المصارف المركزية حول العالم معدلات الفائدة في مسعى للسيطرة على التضخم، فيما كان أردوغان متمسكاً بمعدلات الفائدة المنخفضة سعياً لتحفيز النمو. ووصف في إحدى المرات رفع المعدلات بأنه "أساس الشر كلّه" وتدعمه "جماعة ضغط تنفّذ مصالح" خارجية.
وأمس الثلاثاء، تعهّد الرئيس التركي بأن تعمل حكومته الجديدة على إنهاء مشكلة ارتفاع الأسعار الناجم عن التضخم.
وقال أردوغان: "عازمون على القضاء على مشكلة ارتفاع الأسعار الناجم عن التضخم".
وأكد تصميم حكومته على خفض التضخم إلى خانة الآحاد مجدداً مثلما جرى في الماضي في عهد حكومات "العدالة والتنمية" السابقة.
التعليقات (1)