ميليشيات إيران تستبيح أملاك الأهالي في الميادين والبوكمال وممارساتها تدفعهم للهروب

ميليشيات إيران تستبيح أملاك الأهالي في الميادين والبوكمال وممارساتها تدفعهم للهروب

قضية بيع العقارات والأراضي في دير الزور مسألة حساسة جداً، فعادةً لا تُباع الأرض إلا لظرفٍ قاهر، وغالباً ما تحدث بسبب قضية ثأر، أو مشكلة عشائرية، وإذا كان ولا بد من بيع الأرض أو المنزل، فالبيع يكون لأقارب من الدرجة الأولى، ثم من يليهم من ضمن العشيرة، ونادراً جداً ما يتم البيع لشخص غريب عن المنطقة، لكن وخلال السنوات الخمس الأخيرة ومع اجتياح ميليشيا أسد والحرس الثوري الإيراني لمناطق دير الزور الواقعة في غرب الفرات، أو ما تُعرف بــ "الشامية"، اختلف الحال كثيراً، وباتت المنطقة تشهد عمليات بيع للعقارات والأراضي بشكل مُتسارع، من قبل أصحابها بقصد الهجرة، بالذات في مدينتي البوكمال والميادين، والسبب ممارسات ميليشيات إيران.

البوكمال بوابة سوريا الشرقية لميليشيات إيران

تحظى منطقة البوكمال بأهمية كبيرة لميليشيات إيران العابرة للحدود، كونها تعتبر صلة الوصل لنفوذها ما بين العراق وسوريا ولبنان، لذلك كان لزاماً عليها أن تحوّلها مع سائر مناطق دير الزور الواقعة غرب الفرات لمنطقة حاضنة لها وتثبت أركانها فيها، ومن هنا بدأت الميليشيات بعمليات الاستيلاء على المنازل والعقارات في البوكمال منذ أواخر العام 2017، تارةً بعمليات شراء وتارةً بالاستيلاء عليها عنوةً.

عبارات "برسم البيع" باتت تملأ جدران المنازل الخارجية في البوكمال، غالبية سكان المدينة وريفها مُهجرون اليوم، ولم يتبقّ سوى القليل من السكان، الخدمات شبه متوقفة في المنطقة التي تحكمها فعلياً ميليشيات الحرس الثوري الإيراني، مع وجود شكلي لميليشيا أسد، من بقيَ من الأهالي يحاول الهجرة غالباً فهي حديث الشارع الذي لا ينتهي في عموم الشرق، تخوفٌ كبير من قِبل الأهالي من وجود الميليشيات في البوكمال، والأخيرة حولت عدداً كبيراً من المنازل لمقرات عسكرية، ومستودعات ذخيرة، وسجون.

 يقول عبد اللّه أحد سكان مدينة البوكمال لأورينت :"الحياة في المدينة كارثية، لم نعد نعرف من هم جيراننا، كل شيء تغيّر في البوكمال، على بُعد منزلين عن منزلي الذي أقيم فيه تقطن مجموعة من مسلحي ميليشيا فاطميون الأفغانية، كانوا قد استولوا على منزل تعود ملكيته لأحد أبناء عمومتي ترك المنطقة منذ 2017، لا نشعرُ بالأمان صراحةً، والخوف الأكبر أن تحتوي مقراتهم على ذخائر مثلاً وتنفجر، أو يتعرض مقرهم لقصف من طيران التحالف، هذه السيناريوهات لا تفارق بالي، نشعر بالخوف فعلاً وأفكّر بالهجرة منذ مدة طويلة لكنها مُكلفة".

بتاريخ 8 مارس آذار من العام الجاري، استيقظ أهالي مدينة دير الزور الواقعة تحت سيطرة ميليشيا أسد على وقع انفجار ضخم هزّ حي الحميدية موقعاً ثمانية قتلى وعدة جرحى، وذكرت شبكة نهر ميديا أن الانفجار وقع في منزل قرب العيادات الشاملة، استولت عليه ميليشيا الحرس الثوري الإيراني وجعلته مقراً لها، ولليوم يُجهل سبب التفجير هل كان استهدافاً من قبل طيران التحالف، أو انفجار ذخيرة. تكرار هكذا سيناريوهات بات مصدر خوف وقلق لسكان المناطق التي توجد فيها ميليشيات إيران، وبالذات مدينة البوكمال التي تعج بعشرات المقرات.

الميادين لم تسلم من أطماع إيران

حركة بيع العقارات في عموم دير الزور تتسارع تباعاً، ولا تقتصر فقط على البوكمال، مدينة الميادين شرق دير الزور كذلك فقد تغيرت ملامحها كثيراً هي الأخرى، وباتت واقعة ضمن اهتمام وتركيز قيادة ميليشيا الحرس الثوري، والتي أسست فيها ميليشيات محلية من أبناء المنطقة ذاتها، وهما ميليشيا أبو الفضل العباس بقيادة عدنان السعود، وميليشيا لواء السيدة زينب بقيادة مؤيد الضويحي.

 أحياء كاملة باتت بغالبيتها مسكونة من قبل عناصر أجنبية من منتسبي الميليشيا، على غرار حي التمو، منطقة الصناعة، وشارع الأربعين، وهاتان الشخصيتان ساهمتا بشكل كبير في عمليات الاستيلاء على منازل الأهالي وشرائها، وقد دفعت كثافة انتشار الميليشيات في المدينة، نسبة كبيرة من السكان المتبقين لترك منازلهم، والأكثرية عرضوها للبيع لتأمين كلفة الهجرة.

 في ذات السياق تعمل إيران منذ الأول اليوم من وصولها لدير الزور لإيجاد موطئ قدم ثابت لها، وباشرت بعدة مشاريع هدفها كسب ودّ الأهالي، وتأسيس نواة لها تضمن مصالحها في المنطقة مستقبلاً.

 وفي تصريحٍ خاص لأورينت قال الكاتب والصحفي فراس علاوي: "تعوّل إيران بمشروعها في دير الزور على خلقِ حواضن شعبية لها، لذلك تنشط كثيراً في محاولة استقطاب الشباب والأطفال عبر مشاريع اجتماعية وثقافية، وتوسيع دائرة عمليات التجنيد في صفوفها، وتحظى مدينة البوكمال بأهمية خاصة في أجندات المخطط الإيراني، فهي بوابة سوريا مع العراق، ومنها المنطلق لباقي الداخل السوري.

وأضاف أن "حركة الهجرة الحاصلة اليوم في دير الزور تبدو كأنها مُسيسة ضمن مساعي التغيير الديموغرافي في البلاد، وتدخل ضمن خطة خلق الحاضنة الشعبية المرجوّة لإيران، هم يتوقعون عموماً أن يتلاشى أو ينخفض وجودهم العسكري في سوريا مستقبلاً، ولهذا يعملون على تكوين حاضنة موالية لهم لتكمل مشاريعهم في المنطقة لاحقاً، على غرار الضاحية الجنوبية في بيروت، ولسان حالهم يقول إذا لم "يكن لديك حاضنة شعبية، فاخلقها بنفسك".

ومع تفشي البطالة في مناطق سيطرة ميليشيا أسد بشكل كبير، فالخيارات المتاحة أمام سكان المنطقة هي الانتساب لميليشيات إيران وميليشيا أسد، أو الهجرة، والأخيرة هي الخيار الأقل سوءاً للسكان المحليين.

 يقول الصحفي عبد السلام الحسين لأورينت: "ممارسات الميليشيات تدفع بالمدنيين لبيع ممتلكاتهم والهجرة، فمع انتشار المخدرات، وفوضى السلاح التي لا تتوقف، يلجأ غالبية سكان دير الزور لمحاولة إنقاذ أبنائهم، يبادر كثيرون لإرسالهم إلى العراق أو لبنان، والأكثرية تتوجه نحو تركيا بطريقة غير شرعية لمواصلة طريقهم لأوروبا، وقسم آخر ممن لا يملك أجور التهريب يعبر نهر الفرات نحو مناطق الجزيرة الخاضعة لسيطرة ميليشيا قسد ويحاول العيش هناك، الوضع الإنساني كارثي، ولا توجد فرص عمل، ولا أي مقومات للحياة، هناك غاية وحيدة اليوم من بيع العقارات ألا وهي توفير كلفة التهريب".

التعليقات (1)

    يلعن روحك ياحافظ

    ·منذ 10 أشهر أسبوعين
    يلعن روحك يا حافظ على تدمير سوريا وتهجير أهلها
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات