فيصل المقداد والاجتماع العربي ـ الباسيفيكي!

فيصل المقداد والاجتماع العربي ـ الباسيفيكي!

فرصة بديلة أعطتها الجامعة العربية لنظام الأسد من خلال دعوته للمشاركة في اجتماع بين المجموعة العربية ومجموعة دول جزر الباسيفيك، يومي الأحد والإثنين، بعد أن صدّت ألمانيا محاولات الجامعة إدخاله في اجتماع أوروبي عربي كان مقرراً عقده في العشرين من الشهر الحالي لرفض الأوروبيين تعويم النظام وتسويقه دولياً.

فيصل المقداد وزير خارجية النظام في الرياض بدعوة من فيصل بن فرحان وزير خارجية السعودية، والاجتماع "العربي ـ الباسيفيكي" سيكون مناسبة غير مسبوقة له منذ العام 2011 للمشاركة في تجمع دولي يكون فيه صوت الصين التي احتدمت المنافسة بينها وبين الولايات المتحدة على النفوذ في جزر الباسفيك، ولكي يسجل من خلاله عودة النظام إلى الساحة الدولية من البوابة العربية.

ويُحسب لموقف ألمانيا إذا ما قيس بالموقف العربي إلغاؤها باسم الأوروبيين الاجتماع العربي ـ الأوروبي برُمّته، لأن النظام كان سيشارك فيه وأحبطت رغبة أمين عام الجامعة أحمد أبو الغيط الذي كان عوّل على انعقاده بهدف إقناع الاتحاد الأوروبي بما وصفه بصوابية المنهج العربي إزاء إعادة النظام للجامعة بحسب ما أعلنه في مؤتمره الصحفي في ختام أعمال القمة العربية في 19 الشهر الماضي.

ولكن لماذا هذا الاندفاع العربي لتعويم النظام دولياً بعد أن أعادوه للجامعة العربية؟، وهل يصبّ ذلك في مسار الحل السياسي الذي استخدموه "شعاراً" في حملتهم التي سبقت القمة العربية؟ وما الأوراق التي بيد العرب لتُلزمه بعد أن أعطوه سنداً رسمياً يحميه من أي مساءلة عربية؟

من الواضح أن نظام الأسد لم يكن يريد من العرب في هذه المرحلة أكثر من تعويمه والاعتراف بشرعيته، بعد نجاحه في صنع ملفات بينها الكبتاغون ويتقن التعامل معها في مرحلة لاحقة إذا طلب العرب منه حتى إدخال "كرتونة" مساعدات للسوريين، لأنه سيعُدّ ذلك تدخلاً بالشؤون الداخلية وقالها صراحة، فكيف هو الحال إذا تعلق الأمر باللاجئين أو الحل السياسي؟!.

وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان تحدث بأن: "الحكومة السورية قطعت التزامات واضحة لمعالجة مخاوف المجتمع الدولي، وأن الحوار معها يسهم في حل المشكلات الإنسانية"، وكذلك ذكر أحمد أبو الغيط بأنه من أجل حل المشكلات "الملفات" لا بد من الحوار مع النظام.

ولكن من المستبعد ألا يدرك العرب طبيعة النظام وكيف سيتعامل مع مطالبتهم له بالوفاء بتلك الالتزامات التي يتم الحديث عنها، وهنا تكون المصيبة أكبر ولا سيما أن أحد أبرز صفات النظام هي عدم التزامه بأي وعد يقطعه، وأرواح مئات آلاف الضحايا التي أزهقها في حربه ضد السوريين كفيلة بإعطاء الدليل.

ويُرجَّح على هذا الأساس أن يكون ما ذُكر عن تلك الالتزامات في اجتماعَي جدّة وعمّان أو في قرار إعادته الجامعة العربية، ليس أكثر من مخارج إعلامية لاتفاقيات مختلفة عما جرى في الواقع وتبريراً لإعادته للجامعة ولا أسس واقعية لها، وإن تحدثت عن انسجامها مع القرار 2254.

ومن الصعب أيضاً ألّا يكون العرب مدركين بأن أكثر ما يمكن أن يقدّمه النظام هو تخفيف تصدير الكبتاغون بين الحين والآخر بحسب حاجته للضغط والدفاع بصيغة الهجوم، وهو أكثر الملفات تأثيراً عليهم، بعد أن يعيدوا العلاقات الدبلوماسية البينية وأكثر ما سيفعلونه هو حصر مساعداتهم في مجالات إنسانية ضيّقة ومحدودة التأثير ولا تصبّ في مجال إعادة الإعمار الذي يربطه الغرب بالحل السياسي منذ سنوات.

ويؤكد هذه الرؤية عدم صدور مواقف عربية إزاء تصريحات فيصل المقداد الذي انقلب على التزامات قالوا إن النظام تعهّد بها، إذ وَصف عمل لجنة متابعة تلك الاتفاقيات التي ضمّت مصر والسعودية والأردن والعراق (لم تجتمع حتى الآن)، بأنه يندرج في إطار تشكيل "خط عربي لدعم سورية..!"، وسخر من اللجنة الدستورية وطرح القرار 2254 الانتخابات، ولم يصدر أي تعليق من جانب العرب يوضح تفاصيل الخطوة بخطوة التي تضمنها مسار التطبيع معه، الذي وُصف بأنه مشروط.

وما تفوّه به المقداد حول الحل السياسي يستند إلى التطورات التي طرأت على القضية السورية فهو لم يكن بديلاً للحل العسكري الذي رفضه المجتمع الدولي، ولم يتدخل لمنع النظام من الاستمرار به وقتل المدنيين بدعم من حلفائه الروس والإيرانيين، وبنفس الوقت لم يكن هناك أدوات ضغط كافية لحمل النظام على القبول بالحل السياسي.

وصحيح أن الغرب لم يُظهر جدّية أو إرادة لفرض القرار 2254 أكثر من ربط المشاركة في إعادة الإعمار بالحل السياسي، وفرض عقوبات اقتصادية على شخصيات وكيانات تتبع النظام وهي لا تشكل أزمة صلبة تضغط على النظام، ولكن العرب كان باستطاعتهم التفاهم لفرضه مع الغرب الذي يعمل على كسبهم إلى جانبه في ظل صراعه مع الروس والصينيين. 

ولكن من الواضح أن النظام ومن خلفه إيران هو من امتلك المبادرة من خلال الضغط على العرب وإغراق مجتمعاتهم بالكتباغون، ولهذا كانت الاندفاعة العربية باتجاه النظام هدفها الرئيسي يتعلق بعوامل خاصة بالدول العربية ومصالحها، وليس بقضية السوريين بوصفها ثورة أو صراعاً سياسياً وقضية شعب يريد التحرر من الاستبداد، ولا سيما أن تلك الدول ركزت على ملفات اللاجئين والنازحين في المخيمات، ومواءمتها مع مواقف دولية أخرى دفعت باتجاه تدحرج الحل السياسي منذ وضعت أسسه في القرار 2254 من سلاله المتعددة إلى سلة إنسانية وأخرى دستورية تتآكل يوماً إثر يوم.

مع بدايات الثورة تحدث النظام عن شطب أوروبا والتوجّه شرقاً، انتقاماً لموقفها المؤيد للشعب السوري، ولم يكن كلامه حينها واقعياً بل كان يدعو للسخرية، إلا أن الوضع الآن بات مختلفاً في ظل اندفاعة الدول العربية نحوه، وعلاقته مع الصين التي وصلت حد التبعية، وأيضاً علاقات العرب مع الصين وأبرزهم مجلس التعاون الخليجي التي وصلت إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية فيما بينهم، ولا سيما بعد ضمانها الاتفاق السعودي الإيراني.

وبتعويمه على الساحة الدولية من قبل العرب يكون النظام انضمّ إلى نادي الزعماء العرب الذين ظن السوريون بعضهم أقرب إليهم منه، في مرحلة هم أحوج فيها إلى دعم بني قومهم، لوقف الكارثة التي ألحقها النظام بهم بمساعدة أعتى القوى الغاشمة بالعالم. 

وفي حين يحاضر المقداد في الاجتماع العربي الباسيفيكي عن القطبية الثنائية وصحة ما طرحه النظام حول التوجه شرقاً، وعن المناخ الذي هو الهاجس الرئيس للجزر الصغيرة، تعود العائلة الحاكمة والحلقة القريبة منها إلى ممارسة نشاطاتهم الاستعراضية كلعب أسماء الأسد بالورود أو زيارة مشفى لتتصور مع جهاز أشعة، ويخترع زوجها نشاطات منح أوسمة لبعض الشخصيات، لإثبات حضوره وشرعيته. 

التعليقات (1)

    المقداد يلمع بشار

    ·منذ 10 أشهر 4 أسابيع
    المقداد اصبح لعبة بين الأسد والدول العربية وهو مجرد ساعي بريد يقوم بتلميع صورة المجرم الكيماوي الذي قتل مليون سوري وشرد عشرة ملايين سوري من اجل حفنة من الدولارات وفيلا في درعا
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات