اتفاق جزئي.. متى تعلن أمريكا وإيران زواج المصلحة وهل ستبارك إسرائيل وروسيا الخطوة؟

اتفاق جزئي.. متى تعلن أمريكا وإيران زواج المصلحة وهل ستبارك إسرائيل وروسيا الخطوة؟

يكرر الطرفان الرئيسان في خطة العمل المشتركة الشاملة، نفيهما لأي مباحثات هادفة للتوصل لاتفاق نووي مؤقت، وفي المقابل، تُشير بعض المواقع الإعلامية إلى اقتراب الجانبين من حافة الاتفاق، ما يدعو للحيرة والتساؤل، هل نصدق التصريحات الرسمية الموزونة بدقة؟ أم نسلم بما تنطق به السلطة الرابعة؟ والذي تدعمه بعض القرائن، وآخرها موافقة واشنطن على الإفراج عن مبلغ 2.5 مليار يورو من مستحقات واردات الغاز والكهرباء الإيرانية لدى العراق.

ووفقاً للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر: "يتفق الإفراج الحالي مع إفراجات سابقة تمت الموافقة عليها، للسماح لإيران بالوصول إلى الأموال المودعة في حسابات في العراق للمعاملات الإنسانية وغيرها من المعاملات غير الخاضعة للعقوبات".

وحقيقةً، إن تحرير الأموال الإيرانية لدى العراق لا يشكل دليلاً يعتدّ به، لولا الخبر الذي سال في الحديث عن مباحثات غير مباشرة أجراها الطرفان في العاصمة العُمانية مسقط خلال الشهر الفائت، بعد عملية جس نبض قام بها منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط، بريت ماكغورك، عبر الوسطاء العُمانيين، لمعرفة الثمن الإيراني المطلوب للتوصل إلى اتفاق جزئي لبرنامجها النووي وسلوكها الإقليمي ودعمها العسكري والسياسي لموسكو في الحرب الأوكرانية، حسب موقع أكسيوس الأمريكي. 

وأشار الموقع في وقت سابق إلى مناقشة الجانب الأمريكي مع شركائه الأوربيين والإسرائيليين مقترح اتفاق نووي جزئي مع إيران، فيما ذكرت صحيفة الاقتصادي الكورية، بالتزامن مع زيارة ماكغورك، نقاشاً أمريكيا كورياً لتحرير مبلغ 7 مليارات دولار إيرانية محتجزة لدى سيول.

حاجة الطرفين للاتفاق رغم تباعدهما

وتسارع الأنشطة النووية الإيرانية مع التطورات الجيوسياسية منذ أيلول/سبتمبر 2022 (توقف المفاوضات النووية والانتفاضة الإيرانية والكشف عن دعم طهران لموسكو بالمسيّرات) بالتزامن مع كبح واشنطن نهجها الدبلوماسي لإعادة إحياء خطة العمل المشتركة الشاملة خلال الأشهر الماضية، أشار بوضوح إلى أن الاتفاق بات بعيداً.

كما تعزز هذا التصور مع امتناع الإدارة الأمريكية عن تفعيل خيار الضغط الاقتصادي أو السياسي أو العسكري تجاه إيران، مكتفية بتكرار تصريحاتها عن عدم السماح لإيران بامتلاك السلاح النووي، أو بلوغها نسبة التخصيب 90٪، في حين قابلت طهران ذلك بالوقوف عند نسبة 60% من التخصيب، لتلافي مغبة اضطرار واشنطن للرد بخطوات تصعيدية ضدها. 

لكنها راكمت مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، بشكل لم يسبق له مثيل، مقرباً إياها من وضعية دولة العتبة النووية، ما ولّد أمراً واقعاً جديداً تسبب بضغط على واشنطن لإجراء تسوية دبلوماسية تحد من أنشطة إيران النووية، يُجنبها ضرورة التصعيد العسكري تجاه طهران، ويمنع أيضاً امتلاك إيران للسلاح النووي.

في المقابل، تخشى طهران من انزلاق صراعها الخفي مع إسرائيل إلى حرب مفتوحة، مع ما تعانيه من ضغوط اقتصادية ومالية، بجانب العزلة السياسية، نتيجة مشاركة الاتحاد الأوروبي لأمريكا في الضغط على إيران، بعد انخراط الأخيرة إلى جوار روسيا في الحرب الأوروبية على الساحة الأوكرانية. 

وباقتراب الموقف الأوروبي تجاه إيران من الموقف الأمريكي، تضاعفت مخاوف طهران من احتمالية تفعيل العقوبات الأممية (سناب باك) عليها، والتي لا يحتاج تفعيلها إلا لتقديم طلب إلى مجلس الأمن الدولي من قبل إحدى الدول الموقّعة على اتفاقية خطة العمل المشتركة الشاملة. 

وهو أمر محصور بدول الترويكا الأوروبية( فرنسا بريطانيا ألمانيا)، نظراً لاستبعاد قيام الصين أو روسيا بذلك، والإشكالية القانونية المثارة حول احتساب الولايات المتحدة الأمريكية كأحد أطراف هذه الاتفاقية بعد انسحابها الأحادي منها، وعليه فالعرض الأمريكي يشكل لنظام الملالي فرصة ذهبية لا يمكن تفويتها خلال الظروف الحالية.

وإلى ذلك، يذهب الباحث المشارك في المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية، مصطفى النعيمي، في حديثه لموقع أورينت إلى أن الإدارة الأمريكية ستلجأ إلى إبرام اتفاقيات غير مكتوبة بدلاً من إجراء اتفاق طويل الأمد، تتمكن إيران بموجبه من رسم إستراتيجياتها لتجاوز سلك التفاهمات بما يحقق لها أعلى المكتسبات، يؤكد ذلك، بعض المعلومات التي رشحت عن توافق أمريكا إسرائيل مع إيران على عدم تخصيب اليورانيوم بنسب تزيد عن 60%، وهي نسبة الاستخدامات السلمية للمادة.

ويقول النعيمي: بالإضافة إلى ذلك لدينا ضرورة توسيع إيران من نطاق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والامتناع عن تزويد موسكو بالصواريخ الباليستية والمسيّرات، وهي خطوات تقابلها أمريكا بالإفراج عن أصول مالية إيرانية مجمّدة بالبنك الدولي أو بالعراق وكوريا الجنوبية لشراء السلع الغذائية والطبية، بالإضافة لتغاضي واشنطن عن تصدير إيران لمليون برميل من النفط يومياً.

وبحسب الأستاذ المشارك في كلية الدراسات العليا للشؤون العامة والدولية بجامعة أوتاوا، توماس جونو، فإن: بقاء "الجمهورية الإسلامية" عند هذه العتبة، وهو السيناريو الأكثر ترجيحاً على المدى القصير إلى المتوسط، يفرض على واشنطن إعادة الانخراط دبلوماسياً في الملف النووي، والقيام بذلك من شأنه أن يعرّض الولايات المتحدة للانتقاد، كونها تلقي بحبل نجاة لنظام متذبذب، لكن عدم القيام بذلك من شأنه أن يجازف بإحراز إيران تقدماً إضافياً في برنامجها النووي، وكلا الاحتمالين غير جذابين إلى حد كبير.‏

معوقات التوافق

قبل دخوله للمكتب البيضاوي، أبدى الرئيس الأمريكي جو بايدن رغبته بإعادة إحياء الاتفاق النووي مع إيران، الذي انسحب منه سلفه، وقد صرفت إدارته الكثير من جهودها الدبلوماسية لإعادة الحياة للاتفاق النووي لعام 2015، ومنذ نيسان/إبريل 2021 أجرى الجانبان مفاوضات غير مباشرة برفقة المجموعة الدولية (4+1) في العاصمة النمساوية فيينا. 

ومع رفض واشنطن للتعديلات الإيرانية على آخر مقترح أوروبي لمشروع الاتفاق المأمول، خلال آب/أغسطس الماضي، دخلت المفاوضات مرحلة التجميد، والموت السريري لاحقاً، بوصفها من قبل الرئيس الأمريكي ميتة، دون الحاجة للإعلان رسمياً عن وفاتها.

ومنذ ذلك التاريخ، والطرفان يسيران باتجاهين متعاكسين يبّعد المسافة بينهما، ومع الدعم الإيراني للمجهود الحربي الروسي في الحرب الأوكرانية، والممارسات الوحشية للنظام الإيراني تجاه الاحتجاجات الشعبية الإيرانية، تعمّقت الهوّة بين الجانبين، ونتيجتها تراجعت أولوية إعادة إحياء الاتفاق النووي لدى صانع القرار الأمريكي، مع الحديث عن ضرورة شمول أي اتفاق مع إيران لبرنامجها الصاروخي وسلوكها العدواني، بعد أن طال الفضاء الأوروبي، ما يعني اتفاقاً جديداً ترفضه إيران بشدة.

وعليه، يرجح مصطفى النعيمي توصل الطرفين لتفاهمات ضمنية أو اتفاق مؤقت يلبي الضرورات الحالية لكل طرف منهما، بانتظار ما تسفر عنه الانتخابات الأمريكية من نتائج، قد تنقل التفاهم الضمني أو الاتفاق المؤقت إلى اتفاق دائم أو تنسفه، في حال دخول رئيس جمهوري إلى المكتب البيضاوي.

ويضيف بهذا الخصوص: لكن خلال المدة الباقية من ولاية الرئيس الأمريكي جو بايدن، فإن تفاهماً أو اتفاقاً مؤقتاً مع طهران ممكن، خاصة في ظل ما أوردته بعض المواقع الإعلامية عن عرض أمريكي يمنح طهران متنفساً اقتصادياً وسياسياً أيضاً، وفي ذات الوقت، يمنح واشنطن فرصة لترتيب أوراقها، على ضوء الحرب الأوكرانية والمتغيرات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط.

إلى أين؟

بعد مضي أكثر من عامين على بدء مفاوضات إعادة إحياء الاتفاق النووي دون نتائج إيجابية، تلاشت رغبة كل من واشنطن وطهران في هذا الإحياء،  فالإيرانيون ينظرون للمدة الباقية من ولاية الرئيس بايدن على أنها العمر المتوقع للاتفاق المأمول، بعدها تأتي إدارة أمريكية جديدة، قد تكون جمهورية وتنسحب من الاتفاق ثانيةً، ما يضعف موقف التيار الإيراني المتشدد، والممسك بالسلطات الثلاث في إيران، أمام التيار الإصلاحي، وهو ما لا ترغب به طهران، التي بدأت ترتيب مقعد الولي الفقيه الثالث للجمهورية "الإسلامية" الإيرانية. 

في المقابل، أهالت واشنطن التراب على خطة العمل المشتركة الشاملة، أملاً في إعادة إبرام اتفاق جديد مع إيران يسد ثغرات الاتفاق السابق، إلا أن الوقت والمناخ السياسي والانتخابي في واشنطن، مع التغيرات الجيوسياسية الإقليمية والدولية يقفون عائقاً أمام الأمل الأمريكي حالياً. 

وفي ظل تسارع وتيرة تخصيب اليورانيوم في إيران، وتصاعد وتيرة حرب الظل الإيرانية-الإسرائيلية، وإمكانية خروجها عن السيطرة نتيجة سوء تقدير ردة فعل الطرف الآخر تجاه فعل ما، مع رغبة واشنطن بفرملة تطور العلاقات الروسية الإيرانية بعد الحرب الأوكرانية، لا بد من التوصل لاتفاق جزئي مع طهران، يجنبها دفع أثمان إعادة إحياء الاتفاق القديم في السوق الانتخابية الأمريكية القادمة.

وطهران بدورها ترى في هذا الاتفاق المؤقت حلاً يجنبها أيضاً دفع أثمان داخلية وخارجية لحالة عدم التوصل لاتفاق، رغم رفضها السابق لأي حديث يتطرق لاتفاق جزئي أو مؤقت، ويؤكد ذلك تلميح المرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، خلال لقائه بعض مديري الطاقة النووية الإيرانية مؤخراً، لموافقته على اتفاق حول بعض المجالات، مع تشديده على عدم المساس بالبنية التحتية للصناعة النووية. 

وهو ما يتناغم مع الموافقة الأمريكية على نسبة تخصيب لليورانيوم أقصاها 60%، مع إعادة ذكره لعبارة "المرونة البطولية"، في خطابه أمام السلك الدبلوماسي الإيراني مؤخراً، وهي العبارة التي كانت مفتاح الانفتاح على الحوار السياسي مع أمريكا عام 2013، والتي تكللت لاحقاً بالتوقيع على خطة العمل المشتركة الشاملة.

وعليه فإن التوصل لاتفاق أمريكي إيراني مؤقت مسألة وقت، وقد لا يطول كثيراً، مع ترجيح توصل الطرفين لتفاهمات معينة أو لاتفاق غير رسمي يمكن البناء عليه لاحقاً، دون الحق بالاحتجاج ببنوده، ولا سيما فيما يتعلق بنسبة التخصيب، إضافة لما يمنحه إياهما من حرية المناورة.

اتفاق جزئي إذن، ومؤقت أيضاً، هذا هو الحل الذي يبدو أن كل من واشنطن وطهران قد اقتنعتا به حالياً، في ظل عدم حسم كل الملفات العالقة، والأهم عدم ثقة الطرفين ببعضهما البعض، الأمر الذي يطرح سؤالاً مهماً هو: هل سيكون مثل هذا الاتفاق بمثابة زواج المصلحة والضرورة لإخراج كل طرف من عنق الزجاجة التي وجد نفسه فيها، وهل سيكون هذا الزواج مباركاً من الحلفاء، حلفاء أمريكا (إسراىيل والعرب والأوروبيون) وحلفاء إيران (روسيا والصين)؟

تقول المعطيات: إن حلفاء الغرب يباركون ويصرون على إنجاز هذا الاتفاق اليوم أكثر من أي وقت مضى، خاصة بعد المصالحة السعودية-الإيرانية، باستثناء إسرائيل نتنياهو، التي لا يبدو أن الأمر يروق لها، ومع ذلك لن تكون لمعارضة تل أبيب قيمة كبيرة تمنع الاتفاق إن حصل.

لكن ماذا عن حلفاء الشرق؟

لا شك أن المعطيات واضحة في أن كلاً من روسيا والصين لا تريدان هذا الاتفاق لا من حيث المبدأ لأنه يفقدهما ورقة إيران في الصراع مع أمريكا، ولا من حيث الواقع لأنه يجري بدون إشراكهما، الأمر الذي سيعني إنجازه ابتعاداً إيرانياً عن الجبهة الشرقية يفتح باب حسابات كبيرة لا يمكن اختزالها بكلمة (ابتعاد)، فهل يمكن أن تفعلها طهران؟

 

التعليقات (2)

    Omar

    ·منذ 10 أشهر أسبوع
    الفرس المجوس مدعومين من حكام الأرض وهم الصدوقيين والمسمون الآن بالنورانييين وهم الذين ينتجون المشاريع الماسونية والأعضاء الماسونيين ينفذون الأوامر لذالك ترى أن إيران تتمدد بكل إراحية .الأردن اللقمة القادمة تليها السعودية ودول الخليج.والغريب العجيب وحقيقة ليس بغريب عندما نرى أن الحكام العرب يتصالحون مع الضبع الذي سيلتهمهم الواحد بعد الآخر ,عجيب أمر الشعوب ترى الحكام يكبلونها من أجل تسهيل عملية الذبح والقضاء على الإسلام وهم حتى أن تلك الشعب لاتستنكر بلسانها بل أن كثيرمن هؤلاء الرعاع يصفقون لهؤلاء الخونة عبدة الشيطان.لعن الله وعاظ الزعماء العرب الخونة من علماء دين باعوا شرفهم ودينهم للشيطان مقابل حفنة من المال. قاتل الله المداخلة وغيرهم من وعاظ السلاطين والذين يفصلون الفتوى حسب مقاييس السلطن.ستحشرو ن أنتم والطواغيت الذين كنتم تبررون لهم أعمالهم زمرا إلى جهنم ويو القيامة يفضحكم الله أمام الأشهاد فتسال وجوهم كالشمع من الخزي أمام أهل الحشر.في يوم الحشر. ولن تقبل لكم صلاة ولا صيام ذالك هو الخسران المبين.

    Nadim

    ·منذ 10 أشهر أسبوع
    الله أعلم بائعة الهوى عندها من الشرف والمروءة والنخوة والضمير أكثر من هؤلاء الملوك والأمراء والرؤساء العرب الذين يتصالحون مع بشار النصيري السفاخ اللقيط إبن أمه. عهرهم ودعارتهم أوصلتهم أيضا أن يتصالحوا مع الضبع الموجوسي الإيراني والذي أقسم بأن يجعل كل فارسي مليونيرا بعد أن يحتل السعودية ودول الخليج وطرد ماتبقى من سكانها بعد المذابح التي سيقومون بها ضد أهل السنة أي المسلمين. وهذا هو القاسم المشترك بين الحكام العرب والمجوس بحقدهم وكرههم للإسلام وأهله.أوامر من النورانيين بفتح أبواب الدول العربية أمام جحافل المجوس.
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات