وثّق تحقيق مشترك لهيئة الإذاعة البريطانية ومشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد وجود روابط مباشرة لعائلة بشار الأسد وكبار ضباطه بصفقات كبتاغون تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.
وقالت BBC في التحقيق الذي نشرته اليوم الثلاثاء، إنها توصلت إلى أدلة تشير إلى تورط مسؤولين سوريين كبار بالاضافة إلى أولئك الذي أدرجتهم مؤخراً بريطانيا وأمريكا والاتحاد الأوروبي على قوائم عقوباتها لأدوارهم بتجارة الكبتاغون بما في ذلك اثنان من أبناء عم بشار الأسد.
البداية من راجي فلحوط
وأضافت أنها حصلت على حق الوصول الحصري إلى هاتف (كنز معلومات) يعود لراجي فلحوط الذي كان يتزعم فصيلاً تابعاً لمخابرات أسد في السويداء، قبل أن تسيطر فصائل محلية في تموز 2022 على مقره، حيث عثر هناك على أكياس كبتاغون معدة للتوزيع وآلة يمكن استخدامها لضغط الحبوب، بالإضافة إلى بطاقة أمنية لفلحوط وهاتف محمول غير مقفل.
اطلع معدو التحقيق على سلسلة من الرسائل بين السيد فلحوط وجهة اتصال لبنانية لشخص يُدعى "أبو حمزة"، ناقش فيها الجانبان شراء آلة ضغط الأقراص تناولت اعتباراً من آب 2021 مسالة نقل الآلة من لبنان إلى سوريا.
باستخدام رقم الهاتف، حددت بي بي سي هوية أبو حمزة الحقيقية، وتبين أن اسمه حسين رياض الفيتروني، وهو شخص يتبع لحزب الله بحسب صحفيين محليين.
أدوار أخرى لحزب الله
لم تكن تلك المرة الوحيدة التي ظهر فيها حزب الله في التحقيق، حيث بعد شهور من الاستعدادات الأمنية، تمكنت بي بي سي من الوصول بشكل نادر إلى عنصر في ميليشيا أسد بحلب تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته.
العنصر أخبر معدّي التحقيق أن الراتب الشهري لزملائه كان أقل من 150 ألف ليرة سورية وأن العديد منهم أصبحوا تجار مخدرات محلياً لتكملة دخلهم، وأن هذا أصبح أمراً روتينياً بالنسبة لهم.
ورداً على سؤال حول دورة وحدته في تجارة الكبتاغون، قال إنه لم يسمح لهم بالذهاب إلى المصنع بل كانوا يشترون الكبتاغون من عناصر حزب الله، وهم من يحددون مكان التسليم وعقب ذلك يأتي التنسيق مع الفرقة الرابعة لتسهيل الحركة.
وجدت بي بي سي أدلة أخرى على تورط عائلة الأسد في أعمال الكبتاغون التجارية، ففي عام 2021 بدأت محاكمة في لبنان ضد رجل أعمال لبناني سوري سيئ السمعة يُدعى حسن دقو، الذي أطلقت عليه الصحافة اللبنانية لقب "ملك الكبتاغون"، وأدين بتهريب الكبتاغون بعد ضبط شحنة ضخمة من المخدرات في ماليزيا.
كانت الكمية، التي تضم ما يقرب من 100 مليون حبة، موجهة إلى المملكة العربية السعودية حيث قدرت قيمتها السوقية بما يتراوح بين مليار وملياري دولار، ما جعلها واحدة من أكبر عمليات ضبط المخدرات في التاريخ.
تم الاستماع إلى القضية خلف أبواب مغلقة، لكن معدي التحقيق علموا من القاضي أن معظم الأدلة جاءت من مراقبة الاتصالات الهاتفية بين دقو وعدد من مهربي المخدرات.
وللمفارقة، قال دقو في المحاكمة إنه كان يتعاون مع الفرقة الرابعة بميليشيا أسد لمحاربة مهربي الكبتاغون وقدم بطاقة هوية من الفرقة الرابعة كدليل.
اليد اليمنى لماهر الأسد
وبينما أُدين دقو بتهمة الاتجار بالبشر، قال القاضي لبي بي سي إنه لم يتم العثور على أي دليل على تورط مسؤولين سوريين في عمله في الكبتاغون.
لكن معدي التحقيق عثروا على أمر في وثائق المحكمة المكونة من 600 صفحة يحكي قصة مختلفة، إذ تضمنت تلك الوثائق سلسلة من لقطات الشاشة لرسائل واتساب التي أرسلها دقو إلى شخص أطلق عليه "المعلم" برقم هاتف ذي أرقام متكررة أو كما يسمى "الرقم الذهبي".
تحدثت بي بي سي إلى مصادر مختلفة رفيعة المستوى في سوريا أكدت أن الرقم يخص اللواء غسان بلال وهو الرجل الثاني في الفرقة خلف ماهر الأسد ويدير مكتب الأمن فيها، وقد حاول معدو التحقيق الاتصال بالرقم بشكل متكرر دون أي رد.
وفي رسائل واتساب، ناقش دقو مع المعلم تجديد التصاريح الأمنية وحركة "البضائع" - التي يعتقد أنها كبتاغون - إلى بلدة سورية تسمى صبورة، حيث يقع قاعدة كبيرة للفرقة الرابعة.
إذا كان المعلم حقاً هو الجنرال بلال، فإن المحادثة تشير إلى أن أحد كبار ضباط أسد مرتبط بتجارة الكبتاغون غير القانونية، والتي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.
فيما يبقى السؤال إلى أي مدى سيسعى المجتمع الدولي للضغط على النظام للتخلي عن إدمان حكومة أسد على الكبتاغون.
التعليقات (6)