في مسعى جديد من شأنه خلق بصيص أمل لآلاف العائلات في سوريا، صوتت الجمعية العامة في الأمم المتحدة أمس على قرار لإنشاء مؤسسة معنية بكشف مصير نحو مئة ألف مفقود ومختفٍ قسرياً في سوريا بأغلبية أصوات الدول المشاركة، فيما اعترض على القرار 11 دولة على رأسهم روسيا وإيران.
وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية فإن القرار هدف لإنشاء مؤسسة مستقلة مهمتها جلاء مصير آلاف المفقودين بسوريا على مدى 12 عاماً، والذين تقدر المنظمات الحقوقية عددهم بما يزيد على 100 ألف شخص جلهم فقد في سجون ومعتقلات ميليشيا أسد وحلفائه.
وأشارت الوكالة إلى أنه على الرغم من رفض نظام أسد لهذه المؤسسة، إلا أنه تم إقرار إنشائها بأغلبية 83 صوتاً مقابل 11 ضده وامتناع 62 عن التصويت، وذلك بناء على الطلب المتكرر لأهالي المختفين والناشطين الحقوقيين، بهدف جلاء مصير ومكان جميع المفقودين في سوريا.
وبينت أن القرار الأممي يوجب على المؤسسة الجديدة المشاركة والتمثيل الكاملين للضحايا والناجين وأسر المفقودين، وأن تسترشد بنهج يركز على الضحايا، دون تحديد طرائق عملها فيما سيتعين على الأمين العام أنطونيو غوتيريش تطوير "إطارها المرجعي" بغضون 80 يوماً بالتعاون مع المفوض السامي لحقوق الإنسان.
تصريح المنظمات الحقوقية
من جهتها غردت المفوضية السامية على حسابها في تويتر قائلة: إن المبادرة جاءت بوقت تشتد الحاجة فيه لمساعدة العائلات السورية التي لها الحق في معرفة مصير ومكان وجود أقربائها، في حين لفت (لويس شاربونو) المسؤول في منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى أنه يجب على الدول الأعضاء ضمان حصول هذه المؤسسة الجديدة على الموظفين والموارد اللازمة لإتمام عملها.
العفو الدولية كان لها موقف أيضاً من القرار، حيث قالت الأمينة العامة للمنظمة "أنياس كالامار": إنه يمكن للدول الأعضاء توفير وسيلة لإعمال حق العائلات في معرفة الحقيقة وذلك عبر إنشاء مؤسسة تركز على الضحايا وتزودهم بالإجابات التي طال انتظارها حول ما حدث لأحبائهم.
في المقابل، بررت ميليشيا حكومة أسد معارضتها للقرار بأنه لم يتم استشارتها مطلقاً بشأنه، فيما زعم مندوبها أن ما تم التصويت عليه هو تدخل في الشؤون الداخلية ودليل إضافي على استمرار ما سماه (النهج العدائي لبعض الدول الغربية) وخصوصاً الولايات المتحدة، ومدعياً في الوقت نفسه أنه هذه الآلية غريبة ولا تورد أي تعريف محدد لمصطلح المفقودين.
الدول التي صوتت للقرار
وكانت أغلب الدول الغربية قد صوتت لمصلحة القرار في حين لم تصوت له من الدول العربية سوى قطر والكويت، وامتنعت 13 دولة عن التصويت هي: لبنان والعراق ومصر والسعودية والجزائر والبحرين والمغرب والإمارات وجيبوتي واليمن والأردن وعمان وتونس، فيما رفضته الصين وروسيا وكوريا الشمالية وكوبا وإيران وغيرها.
من ناحيتها اعتبرت "ليندا غرينفيلد" السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة أن الضحايا ليسوا فقط من تم سجنهم وتعذيبهم وقتلهم بل هم أيضاً عائلاتهم وأقاربهم، وأنه بحسب إحصائياتها فلا يزال أكثر من 155 ألف شخص مفقوداً في سوريا.
إلى ذلك قالت (وداد حلواني) رئيسة "لجنة اهالي المخطوفين والمفقودين" في لبنان: إن إمتناع لبنان عن التصويت على مشروع إنشاء هيئة لتوضيح مصير المفقودين والمخفيين قسراً في سوريا مؤسف جداً، مشيرة في حديث لـ"صوت لبنان" أن من امتنع كالذي عارض القرار والـ62 دولة التي امتنعت لا تحترم شعوبها.
يذكر أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أوصى في آب الماضي بإنشاء هذه الهيئة مشدداً في تقرير له على أن العائلات السورية تجري بنفسها عمليات البحث في الوقت الحالي، ما يفاقم من صدماتها ويعرضها للخطر، موضحاً أنه وفقاً للتقديرات فلا يزال مكان ومصير 100 ألف سوري مجهولاً.
دعوات المنظمات الحقوقية
وقبل نحو أسبوع، دعت 103 منظمات سورية ودولية في بيان مشترك "الجمعية العامة للأمم المتحدة" للتصويت على قرار بإنشاء مؤسسة مستقلة لكشف مصير وأماكن وجود الأشخاص المفقودين في سوريا.
وجاء في البيان أن الدعوة لإنشاء مثل هذه المؤسسة الجديدة مدعومة من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، والفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري، و"اللجنة الدولية للصليب الأحمر".
ومن المنظمات الموقِّعة على البيان، رابطة معتقلي ومفقودي سجن صيدنايا، رابطة عائلات قيصر، عائلات للحقيقة والعدالة، سوريون من أجل الحقيقة والعدالة، والشبكة السورية لحقوق الإنسان.
ميليشيا أسد والمختفين
ووفق إحصاءات الشبكة السورية لحقوق الإنسان فإن أكثر من 110 آلاف شخص، بينهم أكثر من 9 آلاف طفل وامرأة، ما زالوا في عداد المفقودين في سوريا على يد مختلف الأطراف سوريا منذ عام 2011.
ومن بين حصيلة المفقودين بحسب الشبكة، أكثر من 95 ألفاً اختفوا قسرياً على يد ميليشيا أسد، فيما كان تنظيم داعش مسؤولاً عما يقارب 6700 شخص.
التعليقات (2)