من المسؤول عن غرق قارب المهاجرين؟

أُسدل الستار على جهود البحث عن ركاب قارب الصيد الذي غرق في مياه البحر المتوسط في أسوأ حادثة غرق في المتوسط في التاريخ الحديث. 

 كان قارب الصيد الفولاذي الذي يبلغ طوله 30 متراً مكتظاً بشدة باللاجئين الذين أبحروا من مدينة طبرق الليبية.، وفقاً لأقوال من تم إنقاذهم ، ويعتقد أن حوالي 600 شخص قد غرقوا في الحادث.

وبحسب التقارير، حدث تدافع على متنها بعد تعطل المحركات، وإن القارب فقدَ توازنه وانقلب وغرق على الفور، وأفاد الناجون أن الكثيرين على متن السفينة لم يتمكنوا من السباحة ولم يكن أي شخص يرتدي سترة نجاة، بالإضافة إلى ذلك لا يمكن للأشخاص الذين كانوا على سطح السفينة أن يهربوا إلى الخارج بهذه السرعة، في غضون ذلك، اشتكى الناجون من قيام خفر السواحل اليوناني بسحب القارب الذي نتج عنه تغير في التوازن فأدى إلى انقلاب القارب، ومع ذلك، نفى خفر السواحل محاولة جر القارب، وتحدث ناجون عن "مروحيات كانت في الموقع وسفن أخرى، ولم يرغب أحد في التدخل"

يقدر الناجون أن هناك ما يصل إلى 750 شخصاً على متن السفينة، تم إنقاذ 104 ركاب، وتفترض السلطات الآن أكثر من 600 حالة وفاة ، بما في ذلك العديد من الأطفال. وقد انتشل خفر السواحل حتى الآن 81 جثة. يقع مكان الحادث على بعد حوالي 50 ميلًا بحريًا (90 كيلومترًا جيدًا) جنوب غرب شبه جزيرة بيلوبونيز اليونانية، والذي يعدّ أعمق نقطة في البحر الأبيض المتوسط ​​على ارتفاع أكثر من 5000 متر. لذلك يعدّ إنقاذ الحطام والضحايا الآخرين شبه مستحيل، كما تم نقل الموتى الذين تم انتشالهم إلى أثينا، وتم إيواء الناجين البالغ عددهم 104 في خيام في ميناء كالاماتا وبعدها تم نقلهم إلى مخيم مالاكاسا للاجئين بالقرب من أثينا، ووفقًا لخفر السواحل، فإن معظم الأشخاص هم من سوريا وأفغانستان وباكستان، كما اعتقل خفر السواحل اليوناني تسعة ناجين قيل إنهم عملوا كمهربين.

 المجتمع الدولي "حزين للغاية"

 المجتمع الدولي "حزين للغاية" لسقوط عدد كبير من القتلى، ويجب أن يواصل العمل مع جميع الدول ذات العلاقة لتجنب مثل هذه المآسي. واعتبر أنه أمر محبط، مرة أخرى يدعو الجميع إلى بذل كل ما في وسعهم لضمان عدم اختيار الناس طرق الهروب الخطرة هذه"

"كل شخص ينطلق بحثًا عن حياة أفضل تستحق الأمن والكرامة"

 كتب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس: "كل شخص ينطلق بحثًا عن حياة أفضل يستحق الأمن والكرامة". إنها تعبيرات عن التعازي غالبًا ما تُسمع بعد كوارث مماثلة، لكن هذه المرة كانت مصحوبة بانتقادات قاسية بشكل خاص: قبل أيام قليلة من غرق السفينة، وافق الاتحاد الأوروبي على حل وسط بشأن إصلاح سياسة اللجوء. لذلك يتهم المنتقدون الاتحاد الأوروبي بالنفاق، وقال أحدهم "هذا الحادث هو نتيجة لسياسة اللاجئين في أوروبا، سياسة العزلة والسماح للناس بالموت". كان من الممكن تفادي هذه الكارثة لو تم الالتزام بالقانون الدولي "حيث ينص القانون الدولي للملاحة على إنقاذ الأشخاص الذين يطلقون نداء استغاثة في البحر دون إبطاء، 

 يأتي غرق السفينة في وقت متفجر سياسيًا مع الإصلاح المقرر مؤخرًا لنظام اللجوء الأوروبي المشترك،حيث يجب أن يتيح الإصلاح معالجة إجراءات اللجوء للأشخاص من البلدان الأصلية بطلبات اللجوء على الحدود الخارجية للاتحاد الأوروبي، بما في ذلك اليونان وإيطاليا.

تيتانيك الفقراء وتيتان الأغنياء

مفارقة كبيرة ما حصل منذ أيام في غرق الغواصة الاستكشافية التي خرجت في رحلة لاستكشاف حطام السفينة "تيتانيك" على عمق نحو 4000 متر في قاع المحيط الأطلسي, الآن و بعد مرور أكثر من مئة عام على الكارثة، ثمة مفارقة كبيرة تجمع حادثة الغواصة "تيتان"  وقارب الصيد  

"تيتانيك الفقراء "

لعل المفارقة الأولى هي الفرق الكبير بين ركابها من حيث الخلفية الاجتماعية، ففي رحلة الغواصة كان جميع الركاب أثرياء وبلغ سعر تذكرة الرحلة 250 ألف دولار، وفي الجانب الآخر كان على متن قارب الصيد ركاب فقراء كانوا في طريقهم إلى ما كان يُعرف بـ"الحلم الأوروبي "وسعر التذكرة 4500 دولار أمريكي تم دفعها سلفاً، قبل تلاشي حلم الوصول بغرق قاربهم كما غرق ركاب الغواصة الخمسة لم يعرفوا أنهم في الطريق لإقامة دائمة قرب السفينة الغارقة وليس زيارة استكشافية سريعة .

بين مطرقة الحكومات وسندان المهرّبين 

 تتعامل محموعات التهريب مع البشر الراغبين بالهجرة كما تتعامل الحكومات مع شعوبها فيه, بخفة, وازدراء , وتتمنى لو البحر ينشق ويبتلعهم و تخلص من نقهم و مطالبتهم بحريتهم و حقوقهم و نصيبهم من ثروة البلاد، حيث تؤكد المصادر، أن مهربين يتقاضون  4500 دولار أميركي عن كل شخص، وبعد إرسال هذه القوارب لا يهم المهربين إن كان هؤلاء قد وصلوا بخير أم لا، ولا يعنيهم ذلك. وكذلك خفر السواحل الأوروبية لا تستجيب لنداءات المهاجرين اليائسة للحصول على المساعدة، ويبدو أن السلطات الإيطالية واليونانية تأخرت في عملية الإنقاذ لغرق القارب الأخير.

وقالت سلطات خفر السواحل اليونانية أنها لم تتلقّ نداء استغاثة وإن القارب يكمل رحلته بشكل طبيعي نحو إيطاليا, ولكن أقوال بعض الناجين دحضت أقوالهم , بأن القارب بقي لمدة سبع ساعات دون حركة قبل أن يأتي زورق يوناني ويقطر قارب المهاجرين بطريقة غير حرفية، مما تسبب بإنقلاب القارب على عقب , بعد ثوانٍ من إرساء هذا الناجي على سطح الماء والسماء فوقه كتبت له الحياة، إذا كان قادراً على السباحة ومن وجد نفسه داخل القارب لم يتمكن من النجاة، وتابع رحلته هو وأفراد عائلته نحو أعمق مكان تحت سطح البحر الموسط وهي أقصر الطرق التي أتبعوها لملاقاة باريهم,  أن الفساد انتشر في البحر كما انتشر في الأرض والجو , حيث تبيّن أنه قارب صيد متهالك فاقت حمولة طاقته الاستيعابية عشر مرات.

كل هذا و مع شديد غضبنا واستنكارنا للاستهتار الفاضح بأرواح الناس, و كبر آلامنا لعذابات أهالي المنكوبين, نعزيهم بمصابهم الأليم ونقول لهم ما أشبه ما حصل لقارب الصيد لما حصل لبلادنا التي نئن تحت حكم عسكري منذ خمسين عاماً عندما تعرضت للحصار، ركب المسؤولون زوارق النجاة و وتركوا الشعب ليلاقي حتفه المكتوب إلى جوار الذين رقدوا على عمق5000 متر أو على سطح الأرض بلا عمق أو علو، فالموت يلاحق السوريين الفقراء

 بحراً و جواً . فقوارب الموت الغارقة هي نموذج شديد الوضوح لواقع المجتمع العربي المعاصر، ونتيجة موضوعية لسكوتنا عن ممارسات الفساد. 

 من المسؤول عن غرق قارب المهاجرين؟ 

من الجدير بالذكر أن الرابطة السورية لحقوق اللاجئين طالبت الأمين العام للأمم المتحدة بفتح تحقيق دولي في حادثة غرق القارب، كما طالبت الأمين العام لجامعة الدول العربية بالتدخل لكشف مصير عشرات السوريين الذين كانوا على متن المركب، وسط صمت مطبق من قبل النظام السوري ووسائل إعلامه حيال الكارثة التي ألمّت بعشرات السوريين في أسوأ كارثة يشهدها العالم منذ قرن, واستجابة المعارضة السورية لم تكن أحسن حالاً"  فبينما كان السوريون يغرقون في البحر, كان أفراداً" من المعارضة السورية يلتقطون الصور مبتسمين في اجتماعات بروكسل وجنيف وباريس …بهدف ﺇﻳﺠﺎﺩ ﺣﻞ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﻭﺇﻧهاء ﺍﻟﺼﺮﺍﻉ ﺑﻴنهم وبين النظام.