تمويل بالعجز.. كيف تضاعف زيادة الرواتب انهيار الليرة السورية؟

تمويل بالعجز.. كيف تضاعف زيادة الرواتب انهيار الليرة السورية؟

يشكك اقتصاديون سوريون في تبريرات وزير اقتصاد نظام الأسد حول غياب تأثير زيادة كتلة الرواتب الأخير على مستويات التضخم المتفاقمة التي تعيشها السوق المحلية، وما تعيشه الليرة من انحدار غير مسبوق، ما يُنذر بمزيد من العجز النقدي في الموازنة العامة.

فقد عززت القرارات الأخيرة لحكومة مليشيا أسد بزيادة رواتب وأجور الموظفين بنسبة 100 في المئة، بالتزامن مع تحرير أسعار المشتقات النفطية، مخاوف السوريين من لهيب الأسعار وتآكل ما تبقى من قدرة شرائية للسكان.

تصريحات عجيبة

وفي تصريحات أثارت استهجان كثير من الاقتصاديين، أكد وزير اقتصاد ميليشيا أسد "محمد سامر الخليل" عدم تأثّر سعر صرف الليرة في قرار زيادة الرواتب والأجور وتحرير أسعار المحروقات، معتبراً أن التغيرات التي طرأت على قيمة الليرة غير مبررة وغير اقتصادية، ناتجة عن شائعات الحرب، وبث الذعر لدى الناس بوجود سيناريوهات عسكرية واقتصادية ضد سوريا.

لكن مدير البرنامج السوري في "مرصد الشبكات والبحوث السياسية والاقتصادية" كرم الشعار اعتبر أن تصريحات وزير اقتصاد ميليشيا أسد "مذهلة" وتنافي أساسيات علم الاقتصاد، حيث إن رفع كتلة الرواتب تعني زيادة المعروض من الكتلة النقدية، وبالتالي انخفاض قيمة العملة المحلية.

ويعتقد أن حجم المعروض النقدي في سوريا يتجاوز العشرين ترليون ليرة من النقد المتداول، وبالتالي فإن مضاعفة الرواتب تشكل أكثر من خمسة في المئة من إجمالي الكتلة النقدية في سوريا.

ويقول الشعار في تصريحه لأورينت: إنه "من الطبيعي أن يحمل هذا القرار أثراً تضخمياً وينعكس بشكل مباشر على أسعار صرف العملة، وهو من أساسيات فهم الاقتصاد، إذ ينظر للعملة كسلعة تخضع لقوانين العرض والطلب في تحديد قيمتها الفعلية".

مؤكداً أن زيادة المعروض من الليرة يساهم في خفض قيمتها، خاصة وأن الزيادة الأخيرة تشمل أكثر من 900 ألف موظف مدني، إضافة إلى الآلاف من العسكريين والمتقاعدين، الذين ارتفعت رواتبهم بنسبة 100 في المئة.

وما يؤكد حديث الشعار، تهاوي سعر صرف الليرة بعد قرارات حكومة أسد، لتلامس سقف 15 ألف ليرة لكل دولار أمريكي، فضلاً عن حالة الفوضى والتخبط في الأسواق بعد قرار تحرير أسعار المحروقات، الذي ضاعف أسعار السلع والبضائع بنسب متفاوتة بين 10 و20 في المئة.

تمويل الرواتب بالعجز

 بينما قرأ اقتصاديون تصريحات الوزير "الخليل" توجّه ميليشيا أسد لتمويل زيادة الأجور من خلال رفعها الدعم كلياً عن المشتقات النفطية، وبالتالي تحرير أسعار الخدمات والسلع المرتبطة بالمادة، وتشمل فعلياً مختلف القطاعات من طاقة ونقل ومؤسسات الأفران وغيرها من خدمات الدولة، وصولاً إلى السلع الغذائية.

أمر يتفق معه الخبير الاقتصادي فراس شعبو، الذي أشار إلى أن الرواتب لعام 2023 تمثل 2,1 ترليون ليرة سورية، بينما تبلغ قيمة الدعم المخصص نحو 4,9 ترليون ليرة، وبالتالي توجيه جزء من فائض الدعم لتمويل كتلة الرواتب، وما يتبقى يذهب لدعم قطاعات أخرى.

لكن شعبو اعتبر أن آلية تنفيذ القرارات غير مدروسة وغير صحية، خاصة أن عملية إزالة الدعم شملت الجميع، بينما التعويضات المفترضة اقتصرت على موظفي الدولة الذين لا تتجاوز نسبتهم 25 في المئة من السكان.

ويقول: توقيت القرار الذي جاء منتصف الشهر، خلق حالة من الفوضى وتعطّل الكثير من المؤسسات ومنها النقل وتضرر الحركة التجارية، إضافة إلى الإجراءات الاعتباطية وطريقة التنفيذ الفجة، حيث طبق رفع الدعم بشكل مباشر بينما زيادة الأجور حتى الشهر القادم، ما يؤكد غياب التحضير والدراسة لاتخاذه.

ويضيف: إزالة دعم المحروقات تعني فعلياً تحرير أكثر من 350 سلعة مباشرة يدخل فيها الدعم، ما يعني تضخّم أسعار السلع بشكل كبير يصل إلى 300 في المئة، بينما مثّلت نسبة زيادة الأجور 100 في المئة، في وقت تعتبر الرواتب ضعيفة جداً ولا تغطي متطلبات أسرة صغيرة لمدة أسبوع، وبالتالي تآكل المزيد من قدرة السكان الشرائية بدل تعزيزها.

 مجاعة قادمة

وأشار شعبو، إلى أن موجة الغلاء الحالية التي تشهدها الأسواق، مرتبطة بتحرير أسعار المحروقات، بينما ينتظر السوريون موجة ثانية مطلع الشهر القادم بعد تطبيق قرار زيادة الرواتب.

ويردف: الزيادة فعلياً خفضت القوة الشرائية للأجور بنسبة 25 في المئة، وهذا يؤدي إلى فوضى التسعير، التي لا يمكن لوم التجار عليها مع تذبذب قيمة الليرة التي تفرض عليهم وضع هامش أمان على الأسعار، إضافة إلى المنغصات التي تفرضها حكومة أسد عليهم من تسليط المكتب السري وفرض ضرائب تعجيزية.

ويحذر كثير من الاقتصاديين السوريين ومنهم فراس شعبو، من مجاعة تلوح في الأفق القريب، مع عجز السكان النقدي وعدم قدرتهم على توفير أبسط متطلبات العيش، مقابل التضخم الجامح الذي تعيشه الأسواق والغلاء المتسارع في الأسعار، وهو ما يفسر حالة الاحتقان التي وصل إليها السكان وخروجهم ضد مليشيا أسد مؤخراً.

التعليقات (4)

    شاوي قاعد غاد

    ·منذ 8 أشهر أسبوع
    نتابع و نراقب و نقلق بشدة و نتناول البغلاوة بشدة و احزنني 😀

    محمد المسالمة

    ·منذ 8 أشهر أسبوع
    لصرم عنزتنا الاجرب

    جابر

    ·منذ 8 أشهر أسبوع
    هم يعلمون ما يفعلون وليسوا أغبياء كما يتوقع الجميع ولكن = مأمورين =. تاتي الأوامر من الخارج وعليهم الاطاعة والتنفيذ. وهم سميع مطيع مطوبز لأن الشعب السوري لا زال باقيا ويجب تصريف 7 مليون من الموجودين بأي طريقة والآن بدأت عملية الفقر والتجويع ليموتوا.

    جرير

    ·منذ 8 أشهر 6 أيام
    من لم يمت بالتعذيب أو التصفية أو في زوارق الموت سيموت قريباً من الجوع و هو المُخطط المُعد لهذا الشعب من قبل الأنجاس النصيريين و الشيعة المجوس عملاء معممي إيران أبناء المتعة و عبيد الأضرحة و المقابر.
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات