ميليشيا قسد والأسد والعشائر

ميليشيا قسد والأسد والعشائر

"قسد والعشائر والأسد"، هو عنوان مباشر يُعبّر عن قوى الأمر الواقع الموجودة هناك، ويعبّر عما يجري في الجزيرة السورية وحول دير الزور بشكل خاص.

 معارك طاحنة تدور بين مقاتلي العشائر في المنطقة وبين ميليشيا قسد أحد أذرع ميليشيا PKK الإرهابية، ورغم محاولة بعض الكرد السوريين سورنة مؤسسات قسد، إلا أن الإدارة الامريكية التي تحمي المنطقة اتخذت وضع المزهرية كما يقال.

هذا الاقتتال بالتأكيد هو ليس بين العرب والكرد، بل هو اقتتال بين قوى أمر واقع أمريكية - أسدية، فالقوى التي نتحدث عنها أفرزتها السياسة الأمريكية بشكل رئيسي بطريقة تعاملها مع الثورة السورية والنظام الأسدي، فقبل الثورة السورية عام 2011 كانت الأسدية قوى أمر واقع مسلحة ووحيدة تستولي على كامل المساحة السورية، تقتل من تقتل تخرق حتى القوانين التي تسنها نفسها. سلطة تشبه أي احتلال أجنبي لبلد ما.


الفارق أحياناً بين احتلالات وأخرى، هو وجود قوانين لمعاملة الأسرى وفق شريعة حقوق الإنسان، لكن الاحتلال الأسدي ديدنه القتل والقمع المعمم والمدروس أيضاً، بحيث يُسجن المعارضون السياسيون لمدد طويلة بدون قانون، بل بقرار عرفي صادر عن رأس النظام، وهذا أمر متعارف عليه لدى الشعب السوري وقواه السياسية.


والأغرب أن سلوك الاحتلال الأسدي يتعامل مع المعتقلين، وكأنهم مقاومون لهذا الاحتلال،  سواءً من خلال الأحاديث الشفوية التي تجري بين ضباط الأسد الأمنيين وبين المعتقلين أو من خلال قضاء شكلي وتافه ومسيّر من أجهزة المخابرات.

طريقة توزيع الثروة السورية كانت طريقة احتلال، وليست طريقة دولة تحترم الحد الأدنى من حقوق مواطنيها. توزيع الثروة يتم بقرار عسكري بالدرجة الأولى. ضمن هذا المنظار يمكننا تلمّس الحالة القسدية في الجزيرة السورية، كله يأتي بقرار عسكري من قيادة ميليشيا PKK وبحماية أمريكية مع الحفاظ على عدم الاشتباك مع المحتل الأسدي، سواء خارج الجزيرة أو في مربعاته الأمنيّة المتوزعة بين مدن الجزيرة، وهنا السؤال الذي يطرح نفسه: "لماذا لم يتم طرد المربعات الأمنية الأسدية من هذه المدن؟ هذا سؤال لقيادتي قسد وأسد، أكثر من ست سنوات وهذه القوات تدير المنطقة، لم تنشأ مؤسسة سياسية وقانونية واحدة تعمل بعيداً عن قرارها العسكري وتُعبّر عن حقوق سكان هذه المنطقة.


أما عن مقاتلي العشائر فأكثرهم كان ينضوي فيما يسمى المجلس العسكري لدير الزور التابع لميليشيات قسد حتى فترة قريبة، ولكن لماذا فُتحت اليوم هذه المعركة التي لا تصب في مصلحة أي مكون من مكونات الجزيرة السورية الاثنية، ولماذا لم يحاول الأمريكيون وقف الاقتتال؟


لقد كان الحديث حول هذا الأمر يدور (أمريكياً -  سورياً)، عن تشكيل أمريكا لما يعرف بـ "جيش من مقاتلي العشائر"، والسبب المعلن هو قتال ميليشيات الملالي الإيرانية الموجودة هناك. لكن هذا القتال لم يحدث حتى اللحظة، رغم تشكيل هذا الجيش الذي قام بمناورات عسكرية مع قوات أمريكية وقوات من الجيش السوري الحر في منطقة التنف السورية على الحدود العراقية.

والسؤال هو، هل يستطيع مقاتلو العشائر الصمود في وجه ميليشيات أسد وإيران وروسيا، التي ستحاول اجتياح المنطقة في حال خروج قسد المحمية أمريكياً إذا رفعت أمريكا يدها؟، عندها ستأخذ الحكومة التركية وضع المزهرية أيضاً، سيما وأن الصحافة التركية أطلقت على ما يحدث "ثورة سورية ثانية في دير الزور".

ويمكن السؤال هنا، لحساب مَن؟.. يسقط الضحايا من الطرفين؟ هل لحساب أن يعود الأسد للمنطقة؟ أم لحساب سكان المنطقة؟ رغم أن كلا القوتين المتحاربتين هي قوى أمر واقع عسكرية فُرضت على سكان المنطقة تماماً مثل ميليشيات إيران وأسد، التفاوض بين الطرفين كان الحل الأنسب مع بقاء الحماية الأمريكية للمنطقة من الأسد والروس والإيرانيين لأن الاقتتال لن يكون في مصلحة أحد.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات