عن التطبيع العربي.. المأساة المتجدّدة بسبب كلب!

عن التطبيع العربي.. المأساة المتجدّدة بسبب كلب!

كان "داحس" الحصان و"الغبراء" الفرس سبباً في حرب استمرّت بين قبيلتي "عبس" وذبيان" أربعين عاماً، حرب اشتركت فيها العديد من القبائل العربية اصطفافاً لجانب كلّ واحدة من القبيلتين العربيتين، وكانت "البسوس" وهي ناقة سبباً في اشتعال حرب دامية بين قبيلة "تغلب بن وائل" العربية وأحلافها ضدّ قبيلتي "بكر وشيبان" العربيتين استمرّت نحو ثلاثين عاماً، وأمّا حرب "الفِجار" وتدعى بحرب "الفُجّار" أيضاً، والتي اندلعت بين قبائل "كنانة" وقبائل "قيس عيلان" العربية فاستمرّت أحد عشر عاماً، ولقد جرت بسبب قرد!.

مع أنّ هذا حدث في "جاهلية العرب" كما يُعبَّر عنها، وقبل كلّ هذه المئات من السنوات، لكنّه ما زال يبدو غريباً لا منطقياً ولا مقبولاً حدوثه، فما معنى أن تندلع حروب هوجاء شعواء بين البشر وتستمرّ كلّ هذا الوقت، بسبب جحشين وجمل وسعدان؟.

ذكر التاريخ هذه الحوادث بمنتهى الاستغراب والأسى، كعلامات سوداء قاتمة كالحة في تاريخ العرب، علامات دامغة على الجهل والوحشية، لكنّ كلّ شيء كان مختلفاً في الحقيقة، الحياة، المجتمع، القيم، الأخلاق، وبالتأكيد المعارف والمشارب والأفكار، كلّ شيء على الإطلاق، ولم يكن بالإمكان الإشارة إلى حضارة أو تحضّر أصلاً، وليس لدى العرب وحدهم أو في جزيرتهم وحدها، وفي مثل زمان هذه الحروب العجيبة الرهيبة كان "الفايكينغ" أجداد السويديين والدانماركيين والفنلنديين، وكذلك "الجرمانيين" أجداد الألمان والنمساويين والهولنديين وغيرهم، عبارة عن مجموعات من القبائل والعشائر الهمجية المتخلّفة التي كانت تُصارع غيرها وتتصارع فيما بينها ربّما بسبب ثور أو أيل، ومن أجل أكلهما وليس بسبب سباق أو ثأر!.

تحضّرت الشعوب ودارت متفاعلةً مع دولاب "سنّة الحياة"، كلّ شعوب العالم دارت مع هذا الدولاب الحتمي الذي غيّر "الكرة الأرضية" بفعل تطوّر مهارات الإنسان ومعارفه، مع تفاوت الأوقات وتراوح ظروف وأشكال وبيئات التحضّر والتقدّم، ففي حين كان على الشعوب الأوروبية أن تنتظر اندلاع الثورة على "الكنيسة" وعلى الفساد الديني في القرن السادس عشر أو أن تنتظر قيام "الثورة الصناعية" في القرن الثامن عشر، أو كان على غيرهم من شعوب العالم في أمكنة أخرى انتظار معارك التحرير والتغيير والاستقلال، كان العرب قد سبقوا الجميع بمئات السنوات قبل ذلك، والحقيقة بسبب قيام "ثورة الإسلام"، الثورة التي نقلتهم وغيرهم من الشعوب التي حرّرتها هذه الثورة إلى صفوف الحضارة بخطاً واثقة واثبة وسريعة، العرب الذين كما قال أمير البيان "شكيب أرسلان": (إنّهم لم يستقلّوا استقلالاً حقيقياً واسعاً إلا بالإسلام، ولم تعرفهم الأمم البعيدة، وتخنع لهم الممالك العظيمة والقياصرة والأكاسرة ويتحدّث بصولتهم الناس، ولم يقعدوا من التاريخ المقعد الذي أحلّهم في الصفّ الأول من الأمم الفاتحة إلا بمحمّدٍ صلّى الله عليه وسلّم)، حتى حدث فدار العرب بل والمسلمون بعكس هذا الدولاب دولاب سنّة الحياة في التطوّر والتقدّم، فصاروا خلف الصفوف، بل في مؤخّرتها، وذا ليس مقالاً للحديث عن أسباب هذا، فلا تتّسع لشرح ذلك الأسفار!.

لكنّ ثمّة تساؤلات غريبة بالفعل قد تخطر في البال، وقد تكون بعيدةً كثيراً أو إلى حدّ ما عن طريقة تحليل أو تفسير كلّ هذا التراجع أو الانقلاب الذي حدث لنا، تساؤلات غير معنيّة بالتاريخ وحوادثه ومجرياته ومسالكه، أو بمؤامراته كما يعتقد الكثير منّا، مثل مسألة الإيمان بالتآمر على العروبة والإسلام، أو الصراع الوجودي بين الأعراق والشعوب والديانات، أو الحرب الكونية التي يشنّها العالم علينا كعرب وبجميع المكوّنات البشرية الحالية لهذه الكلمة أو لجزء من هذه المكوّنات أو أجزاء، لا.. لكن يبدو أنّه ثمّة تساؤلات حاضرة أخرى.  

هل كان تراجع "الإسلام" سبباً وسبباً رئيسياً لتراجع العرب حضارياً؟، بمعنى هل إنّ السبب الذي جعلهم يتقدّمون على شعوب الأرض قاطبةً خلال مئتي سنة وأقلّ منذ بزوغه، قد أودى بهم فقدان المحافظة على أصوله وقيمه وأخلاقه إلى التراجع بل السقوط؟، أم إنّهم فعلاً كما أشار "ابن خلدون" في مقدّمته: (قوم إذا تغلّبوا على الأوطان أسرع إليها الخراب، متنافسون في الرئاسة، قلّ أن يُسلّم أحد منهم لغيره ولو كان أباه أو أخاه أو كبير عشيرته إلّا في الأقلّ وعلى كُرهٍ، وإنّ العرب لا يحصل لهم الملك إلّا بصبغة دينية من نبوّة أو ولاية؟).

السؤال الآن.. هل هذه طِباع عربية؟، هل يوجد أصلاً ما يشي بوجود طِباع خاصّة بأيّ عرق من الأعراق وفي هذا الزمن؟، هذا صعب تصديقه، والأصعب ليس تصديق "ابن خلدون" لكنّما تكذيبه، فنحن يحدث لنا الآن تماماً ما قال عنه الرجل سنة 1377 للميلاد، ولا أعتقد أنّه كان يخمّن، بل كان مراقباً راصداً محلّلاً ومفسّراً لما كان يدور حوله، فلقد كان وقتها يعيش عهد انحلال المسلمين والعرب وتفكّك دولهم وتشرذمها.

قد لا يمكن على الإطلاق تفسير الأسباب والمسبّبات، الحوادث والحادثات، ولا التكهّن بالنتائج والمآلات، لكنّما تبقى مشروعةً دائماً مسألة التعجّب والتساؤلات، تساؤلات يُطرح واحد منها اليوم على "عرب التطبيع": طيّب ولقد مرّت مئات السنوات على حروب الكدش والبغلة والناقة بنت الجمل والقرد ابن السعدان، ما التفسير "العروبي" الطبيعي لهذا التطبيع الآن مع نظام حكومة ميليشيا أسد، بعد كلّ هذه الآثام والأعوام والأرقام على هذه المأساة البشرية السورية المتجدّدة بسبب "كلب"؟.

التعليقات (7)

    و مع ذلك

    ·منذ 6 أشهر 3 أسابيع
    يتهافت الترك والعرب وبرضى امريكا واتباعها للتطبيع معه

    ساخط سوري

    ·منذ 6 أشهر 3 أسابيع
    الله يزيد الحرقان عندكم يا خونة

    وسيم الاسد

    ·منذ 6 أشهر 3 أسابيع
    عشو حاسدينه للكلب مقضيها عم يآكل صراصير مقلية و فيران بروستد بالصين و انا ماشتغل و ممشي حالي هون و بدي حرر ابار النفط

    سوري

    ·منذ 6 أشهر 3 أسابيع
    أخشى ما أخشاه أن يقاضي الكلب موقع أورينت وكاتب المقال لتشبيهه ببشار.

    مواطن مسلم سوري

    ·منذ 6 أشهر 3 أسابيع
    الجواب المباشر لهذا التطبيع الآن مع نظام حكومة ميليشيا بشار هو أن "عرب التطبيع" لا يقومون بأي عمل و لا يتصرفون أي تصرف ذاتياً و إنما طراطيرهم تأتيهم الأوامر و النواهي من سيَدهم الإستعمار الفرعوني الجاثم على وطننا العربي . هذا الإستعمار أعلن بصراحة أنه لا يريد تغيير النظام في سوريا و إنما تغيير سلوكه (!!) ، و هذا الإعلان يستخف بعقول الناس حيث أنه يتنافى مع المنطق البسيط و هو أن ذيل الكلب طول عمره أعوج و لا يمكن أن يتعدل و لو وضعوه في قالب . نفس هذا الاستعمار يريد إعادة تدوير هذا النظام "كما يجري تدوير النفايات" لأن هكذا نظام قام بأمور رهيبة لم يقم بها الغزاة لسوريا عبر التاريخ فنال على ذلك الرضا التام من جانب سيَده الاستعماري .

    ساخط سوري الجحش

    ·منذ 6 أشهر 3 أسابيع
    ساخط سوري : يابغل يا جحش يا عوايني المخابرات تفو على شرفك إذا عندك شرف.

    سالم سالم

    ·منذ 6 أشهر 3 أسابيع
    فكرت انك تتكلم عن التطبيع مع إسرائيل! ام ان ذلك لا يعني لكم شيئا؟ ام انه فضيله ؟ امثالك وامثال مشغليك هم راس الفتنه واعداء الوطن واعداء كل قريب من الشرف والكرامه . تف عليك وعلى امثالك الخونه .
7

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات