كشفت دراسة حديثة نشرتها العديد من المجلات العلمية المختصة أن إحدى القرى السورية شهدت أول تحوّل للإنسان نحو الزراعة قبل نحو 13 ألف عام.
وقال باحثون من "جامعة كاليفورنيا- سانتا باربرا" الأمريكية في الدراسة التي نشرها موقع Space الأمريكي والعديد من المجلات العلمية أن الزراعة بدأت في سوريا بضجة كبيرة منذ 12800 عام، عندما اصطدم مذنّب متشظٍّ بالغلاف الجوي للأرض.
وأضافت الدراسة أن الانفجار والتغيّرات البيئية اللاحقة أجبرت الصيادين وجامعي الثمار في مستوطنة "أبو هريرة" البشرية التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ على تبني ممارسات زراعية لتعزيز فرصهم في البقاء على قيد الحياة.
وفي هذه الأيام، تقع منطقة أبو هريرة وسجلها الأثري الغني تحت ما يسمى ببحيرة الأسد، التي نشأت نتيجة بناء سد الطبقة على نهر الفرات في السبعينيات، لكن قبل هذا الطوفان، تمكّن علماء الآثار من استخراج كميات كبيرة من المواد لدراستها.
يُعتقد أن إحدى قطع المذنب المليئة بالحرارة الهائلة قد انفجرت عالياً في الغلاف الجوي للكوكب وأمطرت موجات صدمية شديدة فوق القرية، وبالتالي قضت على سكانها، وكذلك يعتقد العلماء أن هذا الحدث، الذي يُطلق عليه "فرضية تأثير يونغ درياس"، قد غطى المنطقة بالغبار، ما أدى إلى حجب ضوء الشمس وتسبب في شتاء بارد.
وبحسب الباحثين فقد "ترك سكان القرية سجلاً وفيراً ومستمراً من البذور والبقوليات وغيرها من الأطعمة"، ومن خلال دراسة هذه الطبقات من البقايا، تمكّن العلماء من تمييز أنواع النباتات التي تم جمعها في الأيام الأكثر دفئاً ورطوبة قبل تغيّر المناخ وفي الأيام الأكثر برودة وجفافاً بعد بداية الفترة الباردة المعروفة باسم Younger Dryas .
وقبل الاصطدام، وجد الباحثون أن النظام الغذائي للسكان في عصور ما قبل التاريخ كان يتضمن البقوليات البرية والحبوب البرية، و"كميات صغيرة ولكن كبيرة من الفواكه البرية والتوت".
لكن في طبقات البقايا التي تلت الفترة الباردة اختفت الفواكه والتوت وتحوّل النظام الغذائي للسكان نحو المزيد من الحبوب والعدس من النوع المنزلي، حيث جرّب الناس طرق الزراعة المبكرة.
تشير الأدلة أيضاً إلى انخفاض كبير في عدد سكان المنطقة، وحدوث تغيّرات في الهندسة المعمارية للمستوطنة لتعكس نمط حياة أكثر زراعية، بما في ذلك تربية الماشية الأولية وغيرها من علامات تدجين الحيوانات.
وقال العالم في طبقات الأرض، جيمس كينيت: "في هذه المنطقة العامة، كان هناك تغيير من الظروف الأكثر رطوبة مترافقة بوجود غابات مع مصادر متنوعة للغذاء للصيادين وجامعي الثمار، إلى ظروف أكثر جفافاً وبرودة عندما لم يعد بإمكانهم العيش كصيادين وجامعي الثمار فقط".
وأضاف كينيت الأستاذ الفخري بجامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا أن مستوطنة أبو هريرة تشتهر بين علماء الآثار بدليلها على أول تحوّل معروف من البحث عن الطعام إلى الزراعة، مشيراً إلى أن "أهالي القرية بدؤوا بزراعة الشعير والقمح والبقوليات، وهذا ما تظهره الأدلة بوضوح."
وأكد كينت، أن الزراعة نشأت في نهاية المطاف في عدة أماكن على الأرض في العصر الحجري الحديث، لكنها ظهرت أولاً في بلاد الشام بسبب المناخ القاسي والظروف التي أعقبت التأثير.
التعليقات (1)