شرق أوسط جديد.. ما الذي يتعين تغييره بعد حرب غزة من وجهة النظر الأمريكية؟

شرق أوسط جديد.. ما الذي يتعين تغييره بعد حرب غزة من وجهة النظر الأمريكية؟

ما هي مشكلة الأمريكان والإسرائيليين مع الشرق الأوسط الحالي، كي ينادوا ويتوعدوا في كل مناسبة بتغييره والتنبؤ بشرق أوسط جديد؟، فمن جورج بوش إلى بايدن ومن شمعون بيريز إلى نتنياهو، معظم قادة الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل سعوا إلى تغيير الشرق الأوسط. 

نتنياهو عقب عملية طوفان الأقصى توعّد بعملية تُغير وجه الشرق الأوسط، الأمر الذي بدا أن الإدارة الأمريكية توافق عليه وأكدته بإرسال حاملات الطائرات والغواصات إلى شرق المتوسط، قبل وصول "بايدن" ومشاركته في اجتماعات "كابينيت" مجلس الحرب الإسرائيلي، وبعد مرور شهر على انطلاق الحرب شرع المسؤولون الأمريكيون بتغيير خطابهم وباتوا يتحدثون عن السلام والعودة إلى حل الدولتين الذي تم تهميشه لسنوات عديدة.

يرى الكاتب والباحث الأمريكي "ستيفن كوك" في مجلة "فورين بوليسي" أنه بعد كل هذا القتل والدمار، لن يكون الوضع أقرب إلى الحل مما كان عليه قبل السابع من أكتوبر رغم كل التحرك الدبلوماسي والأمريكي، وقد تلخصت رؤية البيت الأبيض لكيفية التعامل مع وضع ما بعد حرب غزة من قبل الباحث الأمريكي في أربعة نقاط وصف تطبيقها بأنه أقرب للمستحيل مع تفنيد كل نقطة منها على حدة كما يلي:

النقطة الأولى: هي إعادة تنشيط السلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس لإدارة الضفة الغربية وقطاع غزة:

إذ اعتبر تحليل الفورين بوليسي، أن ضخ الأموال والأسلحة سابقاً لمحمود عباس أنتج سلطة أمنية فاسدة، كما إن إجراء انتخابات جديدة قد يسفر عن خسارته أمام حماس كما حدث عام 2006، فيما أنه من المرجح ألا يقبل عباس بحكم غزة نزولاً عند رغبة واشنطن وتل أبيب.

النقطة الثانية: المراهنة على سقوط حكومة نتنياهو بسبب فشلها الذريع في السابع من أكتوبر 

وهو ما اعتبره الباحث أمراً منطقياً نتيجة السخط الشعبي على نتنياهو، لكنه أشار إلى أنه من غير المتوقع عودة معسكر السلام إلى الحكم في إسرائيل، بسبب انهياره وتموضعه على هامش المشهد السياسي الإسرائيلي منذ ما قبل حرب غزة، فيما أحزاب الوسط "بالمنظور الإسرائيلي" والمتمثلة حالياً بوزير الدفاع السابق "بيني غانتس" فهي ما تزال مترددة في الموافقة على (سلام يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية) وهي أقرب إلى نتنياهو في يمين الوسط.

النقطة الثالثة: الأوروبيون يتخوفون من المشاركة في قوة دولية لإدارة قطاع غزة والعرب غير قادرين 

وهنا يشير الكاتب إلى دعم سيطرة قوة دولية أوروبية عربية من أجل إدارة قطاع غزة لفترة مؤقتة، إلا أنه في الوقت نفسه يؤكد أنه لا يوجد أي دولة أوروبية مستعدة لهذه المهمة، ومصر غير راغبة بتحمل مسؤولية غزة وباقي الدول العربية غير مؤهلة، فيما الدولة الوحيدة المستعدة للعب دور الضامن هي تركيا بادعاء المسؤولية التاريخية، لكن إسرائيل لن تقبل بتضخيم مكانة أردوغان على حسابها، عملياً الأوروبيون متخوفون من المشاركة في قوة دولية لإدارة قطاع غزة والعرب غير قادرين على ذلك.

النقطة الرابعة: إعادة التوجه نحو إحياء عملية السلام والاستفادة من الظروف التي خلقتها عملية "طوفان الأقصى" والرد الإسرائيلي العنيف عليها:

هنا يرى الباحث أنه رغم تلطخ الإسرائيليين بالدماء، إلا أن ذلك غير كافٍ للبحث عن طريق مختلف، خاصةً إذا استمر وقوف "حزب الله" على الهامش مطلقاً النار دون إثارة حرب واسعة، كما إن الإسرائيليين باتوا أكثر اتجاهاً نحو اليمين ورفض التعايش السلمي، وهو ما ينطبق على الفلسطينيين حسب الكاتب الأمريكي.

النتيجة التي خلص إليها تحليل "الفورين بوليسي"، هي أنه رغم الجهود التي تبذلها واشنطن فعندما تنتهي الحرب بين إسرائيل وحماس، فإن المنطقة سوف تبدو أشبه بنسخة لما كانت قبل السابع من أكتوبر، باستثناء الترتيبات الأمنية التي ستضعها إسرائيل في غزة، مشيراً إلى أنه من شبه المؤكد سيكون هناك مؤتمر في جنيف أو إسطنبول، حيث ستتعهد الدول بمليارات الدولارات لإعادة إعمار غزة ومعظمها لن يصل أبداً.

في النهاية يضع ستيفن كوك افتراضاً يتجاوز كل تحليلاته، وهو انتخاب الإسرائيليين لحكومة وسطية وتجاوز السلطة فلسطينية لتفككها وفسادها، في هذا الوضع شبه المثالي للمضي قدماً في السلام، يرى أن الإسرائيليين لن يقبلوا بالعودة إلى حدود الرابع من حزيران عام 1967 أو بتقسيم القدس، وأن الفلسطينيين لن يقبلوا بدولة غير متصلة الأراضي عاصمتها القدس ودون عودة اللاجئين وهو ما سترفضه إسرائيل.

يرى تحليل الفورين بوليسي، أنه لا يوجد شيء في حرب غزة يشجع الإسرائيليين والفلسطينيين على تغيير هذه المواقف، حيث يتوقع العالم أن يسيرا إلى حافة الهاوية ثم ينسحبا لكن بدلاً من ذلك يتكاتفان دائماً ويقفزان.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات