ما هي فرص التوصل لهدنة إنسانية شاملة في غزة؟

ما هي فرص التوصل لهدنة إنسانية شاملة في غزة؟

أعلن البيت الأبيض أن إسرائيل وافقت على تنفيذ "هدن" يومية لأربع ساعات في شمال القطاع لأغراض إنسانية، فالهدنة "خطوة في الاتجاه الصحيح"، حسب تصريح الرئيس الأمريكي، جو بايدن، متابعاً حديثه للصحفيين، أنه طلب من نتنياهو هدنة لأكثر من ثلاثة أيام في غزة للسماح بالإفراج عن الأسرى.

فيما أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه لن يكون هناك "وقف لإطلاق النار" دون إطلاق سراح الأسرى" الذين تحتجزهم حماس. مستبعداً الأمر في حديثه لشبكة ABC، بالقول: "حسناً، لن يكون هناك وقف لإطلاق النار، وقف إطلاق نار عام في غزة، دون إطلاق سراح رهائننا"، و"فيما يتعلق بفترات التوقف التكتيكية الصغيرة، ساعة هنا، ساعة هناك. لقد حصلنا عليها من قبل... لكنني لا أعتقد أنه سيكون هناك وقف عام لإطلاق النار". معتبراً الفكرة إعاقة للمجهود الحربي، وجهود إخراج الأسرى.

وعن فترات التوقف التكتيكية الصغيرة، "ساعة هنا، ساعة هناك"، أبلغ نتنياهو بايدن أنه لا يثق في نوايا حماس ولا يعتقد أنهم مستعدون للموافقة على صفقة بشأن الأسرى، حسب أكسيوس. متخوفاً من فقدان إسرائيل للدعم الدولي للعملية العسكرية الإسرائيلية إذا توقف القتال لمدة ثلاثة أيام.

ووفقاً لشبكة CNN، عن مصدر دبلوماسي، فإن اجتماعاً ثلاثياً بين مسؤولين قطريين ورئيسي الاستخبارات الإسرائيلية والأمريكية عُقد في الدوحة الخميس لمناقشة إطلاق سراح الأسرى مقابل هدنة إنسانية ودخول المساعدات إلى غزة.

بدوره، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال افتتاح المؤتمر الإنساني حول غزة في باريس يوم الخميس الفائت، إلى حماية المدنيين وهدنة إنسانية سريعة و"العمل من أجل وقف إطلاق النار" بين إسرائيل وحركة "حماس".

الهدن التكتيكية، يسميها الكاتب والصحفي المختص بالشأن الإسرائيلي، خالد خليل، هدناً متقطعة، قد تأتي نتيجة الضغط الأمريكي والجهود الدبلوماسية لدول المنطقة تتقدمها دولتا قطر ومصر، للوصول إلى هدن إنسانية، بعدما رفض المجتمع الغربي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية وقف إطلاق النار.

فترات المراوحة 

وصف مسؤول إسرائيلي وقف العمليات العسكرية، بأنه "هدنة تكتيكية محلية" ستنفذها إسرائيل كل يوم في منطقة معينة حتى يتمكن الناس من التحرك جنوباً والحصول على الغذاء والدواء. وحسب المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي، "أخبرنا الإسرائيليون أنه لن تكون هناك عمليات عسكرية في هذه المناطق خلال فترة الهدنة، وأن هذه العملية تبدأ اليوم (الخميس الفائت)".

الهدنة الإنسانية كما يتم تداولها سياسياً وإعلامياً، تسمى في المنطق الأمريكي "فترات المراوحة"، بمعنى استراحة/ات قصيرة، لأن إسرائيل ترفض وقفاً شاملاً ونهائياً لإطلاق النار، حسب الخليل في إفادته لموقع أورينت. لذا من الممكن موافقتها على هدنة توقف العمليات العسكرية ليوم أو يومين لا أكثر، كونها تخشى من أن يؤثر الوقف الطويل للعملية على مجهودها الحربي "الكبير" الذي تمارسه في حربها الهمجية ضد قطاع غزة، بأن يسمح الوقت الطويل باستثمار الوقت من قبل حركة "حماس" في تجهيز الأنفاق ونصب منصات إطلاق الصواريخ على سطح الأرض والتقاط الأنفاس وتجهيز المؤن والعتاد. مشيراً إلى أن الحديث عن الهدنة الإنسانية يؤسس لهدن لاحقة متكررة متقطعة قصيرة المدد.

مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية وصف الهدنة مثار المباحثات سابقاً بإنها "وقفة كبيرة جداً" في الأعمال العدائية، ومطلوبة للتوصل إلى اتفاق يشمل العديد من الأسرى. 

فيما كشفت مصادر سياسية إسرائيلية، لموقع سكاي نيوز عربية، أنه لن يكون هناك وقف إطلاق نار مؤقت أو هدنة مؤقتة في قطاع غزة "دون" إطلاق سراح عدد من المحتجزين، ولا سيما الأطفال والنساء والمسنّون، و "أن إسرائيل لا ترفض فكرة إطلاق سراح "إنساني" لأسيرات وأطفال فلسطينيين في صفقة مرحلية، مع الإشارة إلى أن "هناك مبادرات أوسع لكن لم تصل إلى مرحلة النضج".

الهدنة حاجة دولية وحاجة محلية، سواء لإسرائيل أو لحماس، حسب مدير تحرير شرق نيوز، فراس علاوي، وعليه، تسعى جميع الأطراف للهدنة، إسرائيل تريد أن تقول إنها ثبّتت أمراً واقعاً، بأنها فرضت هدنة وأنها ستعيد الأسرى، فيما تريد حماس التقاط الأنفاس ومفاوضة الأطراف الإقليمية والدولية، وترجو هذه الأطراف من الهدنة إيضاح مواقفها السياسية من الحرب في غزة.

لا يعتقد علاوي خلال حديثه لموقع أورينت، أن تكون الهدنة طويلة الأمد، مشيراً إلى أنها ستخترق من اللحظات الأولى لإقرارها، لكنها ستسمى هدنة في النهاية، أو اتفاق من أجل تبيان المواقف الدولية والإقليمية وحتى الداخلية، فالشعب الفلسطيني يريد أن يلتقط الأنفاس، ويضغط أحياناً على حماس بهذا الموضوع.

وبرأيه، جميع الأطراف مأزومة، حماس مأزومة، لأنها تتلقى الضربات الإسرائيلية داخل غزة، إسرائيل مأزومة، لأنها لم تحقق نصراً كاملاً، الدول الإقليمية والدولية، مأزومة أخلاقياً أمام شعوبها وسياسياً، لأنها لم تجد حلاً لهذه المأساة بعد شهر كامل من الحرب.

نعم للهدنة لا لوقف إطلاق النار

"أولئك الذين يدعون لوقف إطلاق نار فوري عليهم التزام بمناقشة النتائج غير المقبولة التي يمكن أن يجلبها (وقف إطلاق النار)"، حسب وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في تصعيد سافر يتنافى مع المنطق القانوني والإنساني تجاه أي حديث عن وقف إطلاق النار في غزة. فيما أمضى ساعات طويلة من المحادثات مع نظرائه من بعض الدول العربية في العاصمة الأردنية عمان، من أجل الحصول على تأييدهم لمقترح فرض "هدنة إنسانية" في قطاع غزّة، وهو مقترح مُصمم لتخفيف الضغط العالمي على إسرائيل، مع عدم تكبيل آلتها العسكرية في مواصلة القتل في غزة، حسب الباحث في العلاقات الدولية، محمود علوش، في الجزيرة نت. 

هناك انعطاف في الموقف الأمريكي تجاه إسرائيل، عن موقفها البدائي بعد عملية طوفان الأقصى، منبع هذا الانعطاف حسب الخليل، مجزرة المعمداني وما سبقها وتلاها من جرائم حرب ترتكبها إسرائيل ضد المدنيين في قطاع غزة، بالإضافة لضغط الرأي العام العالمي والمحلي والمظاهرات الحاشدة التي عمّت دولاً أوروبية عدة ومثيلاتها في مدينتي نيويورك وواشنطن الأمريكيتين. وإلى جوار ذلك، موضوع الأسرى مزدوجي الجنسية، الأمريكية-الإسرائيلية، لدى "حماس"، وجميعها أجبرت واشنطن على التراجع عن حدة سياستها المؤيدة لإسرائيل، والذهاب باتجاه هدن إنسانية، أو فترات المراوحة القصيرة، التي تُعتبر عرابة لها، مقابل الإفراج عن بعض الأسرى، مع إعطاء حماس فرصة لجمع الأسرى الموجودين لدى فصائل أخرى، مع معارضتها(واشنطن) لوقف إطلاق النار.

ووفقاً لأحد المسؤولين الإسرائيليين فإن إسرائيل "مستعدة للتوقف" إذا كان هناك يقين بأن حماس "جادة بشأن إطلاق سراح الأسرى". لكن الأمر غير الواضح، حسب شبكة CNN، ما هي المدة التي قد توافق عليها إسرائيل، وما هو العدد المقبول من الأسرى المفرج عنهم؟ مع إشارة الشبكة لمفاوضات سابقة ركّزت أيضاّ على تبادل الأسرى مع السجناء الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل.

مكاسب إسرائيل من الهدنة هي مكاسب داخلية غالباً، من خلال إعادة ترتيب العملية السياسية ما بعد غزة، لذا تحتاج تل أبيب لهدوء الجبهات من أجل ترتيبها، بالإضافة للمفاوضات بين المعارضة ونتنياهو، بهدف الوصول إلى توافق ما لترتيب الجبهة الداخلية، حسب علاوي. وبالنسبة لحماس، هناك بعض المكاسب تلتقطها من الهدنة، منها إعادة ترتيب العملية التفاوضية، مع ترتيب العملية الإنسانية أيضاً. معتبراً أن الهدن قد تحمل في طياتها مؤشرات على توافقات دولية لحل ما، وعليه، ربما سنشهد في الأيام القادمة مبادرات دولية، ولا سيما من قبل واشنطن، للدفع بهذا الاتجاه، والهدنة تسمح لهذه المفاوضات أن تتقدم إلى الأمام.

ومؤخراً، ناقش مدير وكالة المخابرات المركزية، وليام بيرنز ورئيس الموساد ديفيد بارنيا، خلال اجتماعهم مع مسؤولين قطريين، خطة مقترحة للإفراج عما بين 10 إلى 20 رهينة مدنياً مقابل وقف القتال لمدة 3 أيام، ودخول المزيد من المساعدات وتمكين حماس من جمع وتسليم قائمة بأسماء المحتجزين داخل غزة، حسب شبكة CNN، التي أشارت، بالاستناد إلى مسؤول أمريكي كبير، إلى أنه لا يوجد احتمال لموافقة إسرائيلية على وقف دائم للقتال دون إطلاق سراح عدد كبير من الأسرى.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات