فلسطينيو الشمال السوري: هجّرنا بشار أسد وتخلّت عنا الأونروا

فلسطينيو الشمال السوري: هجّرنا بشار أسد وتخلّت عنا الأونروا

لم تمنع ظروف التهجير القسري الذي تعرّض له فلسطينيو سوريا على يد ميليشيا أسد، وغياب مساعدات وكالة الأونروا الدولية، من الحراك والتفاعل مع عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها فصائل المقاومة مؤخراً في غزة، فقد نظّم القائمون على الهيئات والروابط الفلسطينية في الشمال السوري، عدة فعاليات مدنية من مظاهرات ومعارض رسم ووقفات احتجاجية وحملات تبرع، تضامناً مع أهالي القطاع ونصرة لهم، منددين بالمجازر المرتكبة بحقهم من قبل الجيش الإسرائيلي.

هيئات فلسطينية في الشمال

ويعيش في شمال غرب سوريا نحو 1630 عائلة فلسطينية، تتوزع على مناطق إعزاز وعفرين وأطمة وكللي وسرمدا ومدينة إدلب، ومنهم من سكن المنطقة منذ التهجير الأول في عام 1948، ومعظمهم هُجّر من مخيم حندارت بحلب، ومخيم اليرموك وخان الشيح في ريف دمشق بفعل ميليشيا أسد والميليشيات الفلسطينية والإيرانية المساندة لها. 

وتنشط في الشمال السوري عدة روابط وهيئات مدنية فلسطينية تدير شؤون اللاجئين الفلسطينيين، وتتعاون مع الجهات الفاعلة في كل من إدلب وشمال حلب، لإبراز قضيتهم، والحفاظ على الهوية الفلسطينية.

وقال رئيس رابطة المهجّرين الفلسطينيين في الشمال السوري ثائر أبو شرخ لأورينت، إن المديرية العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين تعمل على إدارة شؤون الفلسطينيين في المنطقة، إضافة لوجود هيئات أخرى، مثل مركز توثيق اللاجئين الفلسطينيين في الحكومة السورية المؤقتة، ورابطة المهجرين الفلسطينيين في الشمال السوري، وهيئة فلسطين، وكلها تعمل على حفظ حقوق الفلسطينيين وتلبية احتياجاتهم في المنطقة.

لذلك يحاول الفلسطينيون بإمكانياتهم المتواضعة بحسب أبو شرخ، العمل من خلال الهيئات العاملة بالشمال على إدارة ورعاية شؤونهم، والتمسك بهويتهم وحقهم بالعودة لمدنهم وقراهم التي هُجِروا منها عام 1948، فهم جزء من الشعب الفلسطيني الموجود على أرض فلسطين، ومرتبط بالشعب السوري الذي عاشه معه عقوداً من الزمن.

وتعتبر هيئة فلسطين بحسب مسؤول العمل الشعبي فيها، أيمن الغزي، مؤسسة إنسانية تعمل على تقديم الخدمات للفلسطينيين في المنطقة، ولديها مكتب رئيس في منطقة أطمة شمال إدلب، ومكاتب فرعية في ريف حلب، ولها قسم إغاثي وطبي والكشاف وقسم مختص بالمرأة، إضافة لقسم العمل الشعبي الذي يهتم بالقضية الفلسطينية في الشمال السوري.

هُجِّرنا مرتين

لم يخفِ السبعيني ابن مدينة حيفا عامر ناصر فرحته بعملية طوفان الأقصى، وقال لأورينت: "هُجِّرنا مرتين"، الأولى بفعل الكيان الإسرائيلي والثانية بفعل ميليشيا أسد.

وأكد  ناصر ضرورة وقوف الشعوب العربية والإسلامية مع أهل غزة في سبيل وقف حمام الدم  والمجازر الحالية، وفتح المعابر الإنسانية ودخول المساعدات للمنكوبين في المدينة، مشيراً إلى أن القضية الفلسطينية لها قدسية عند العرب والمسلمين على حد سواء، وخاصة المسجد الأقصى.

وبحسب ثائر أبو شرخ بدأت عملية تهجير اللاجئين الفلسطينيين من دمشق بشكل واسع في الشهر الخامس من عام 2018 بعد اتفاق المدن الأربع، الذي بوجبه تم تهجير أغلب المناطق الخارجة عن سيطرة أسد في ريف دمشق.

كما أكد أبو شرخ أن مشاهد القتل والتدمير في غزة فظيعة، وهي شبيهة بممارسات قوات أسد والميليشيات الإيرانية، وما ترتكبه من جرائم بحق السوريين طيلة عقد من الزمن.

غياب الأونروا

واعتبر أبو شرخ أن التحدي الأكبر الذي يواجه العوائل الفلسطينية في الشمال السوري هو "الغياب الواضح لدور المرجعيات الفلسطينية"، وعلى رأسها منظمة التحرير الفلسطينية، التي تُعتبر الجهة الرسمية التي ترعى شؤون الفلسطينيين.

وأضاف أن غياب دور منظمة التحرير يدفع باتجاه ضياع "الهوية الوطنية"، ولذلك يسعى الفلسطينيون في الشمال لإيجاد منبر عمل يستطيعون من خلاله الحفاظ على هويتهم وحقهم بالعودة لأرضهم المغتصبة في فلسطين.

يضاف إلى تلك الصعاب، تجاهل منظمة وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" بشكل كامل لفلسطينيي الشمال السوري، فمنذ بداية التهجير القسري من قبل ميليشيا أسد قبل نحو 5 سنوات، لم تتقدم الأونروا بخطوة واحدة تجاه تقديم خدمات الرعاية الصحية والتعليمية والإغاثية.

كما تحرمهم من حقهم بالاستفادة من المساعدات التي تقدمها، لأسباب غير مبررة منها، مثل ادعائهم عدم القدرة على الوصول للشمال السوري لتقديم الخدمات، وهو "عذر أقبح من ذنب" على حد وصف أبو شرخ، ولا سيما أن العديد من المنظمات الدولية تعمل في شمال غرب سوريا وتقدم خدماتها للمهجرين السوريين إلى الشمال السوري.

الحقوق القانونية

تتشابه الصعوبات التي يواجهها فلسطينيو الشمال السوري مع سكان المنطقة من السوريين المهجرين، وتتمثل وفق ما قال ثائر أبو شرخ بانعدام وقلة فرص العمل التي تخول المعيل لكسب مورد يعيل فيه عائلته، وهذا ما دفع الجميع للاعتماد على المساعدات الإنسانية، التي تعتبر شحيحة بالأساس، خاصة مع وضع شروط لإدخالها من المعابر المتصلة مع تركيا.

وأضاف أن هناك كثيراً من العوائل الفلسطينية تعيش في المخيمات ولم يتم تأمين سكن لها، إضافة لوجود قسم كبير من هذه العائلات يعيش في منازل بالإيجار ويجد صعوبة في تأمين إيجار المنازل.

وأشار أبو شرخ إلى وجود تحديات حقوقية وقانونية يواجهها فلسطينيو الشمال السوري، تتمثل بصعوبة استخراج أوراق وثبوتيات تضمن لهم الحفاظ على الصفة الفلسطينية في الشمال السوري، ففي إدلب يتم التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين في إدلب كمهجّرين مثلهم مثل غيرهم من المهجرين السوريين، فهذا ينعكس سلباً على حياتهم وأوراقهم الثبوتية.

في حين أنه في مناطق درع الفرات وغصن الزيتون شمال حلب، استطاع الفلسطينيون الحصول على أوراق وثبوتيات شخصية تؤهلهم لتملك عقار أو سيارة، إضافة لإمكانية العلاج في المشافي التي تشترط وجود هوية صادرة من المجالس المحلية، وكذلك الأمر في الملف التعليمي.

ولا يغفل أبو شرخ أهمية الجانب القانوني للاجئين الفلسطينيين في الشمال السوري، فهناك تزايد مستمر لعدد العوائل الفلسطينية في الشمال السوري، وهذه الولادات معرضة لتغييب هويتها الوطنية إذا لم تسجل في قوائم منظمة الأونروا، التي تعتبر الضامن الدولي لحق هؤلاء اللاجئين الذي يحفظ عنوان عودتهم إلى فلسطين، وبالتالي تتخلى الأونروا عن مسؤوليتها في هذا الخصوص على حد قوله.

وبحسب مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا فإن اللاجئين الفلسطينيين في مخيم دير بلوط والمحمدية والبل والصداقة في شمال حلب، إضافة للكثير من العائلات الفلسطينية في الشمال السوري تعاني أوضاعاً إنسانية كارثية، بسبب تخلي وكالة الأونروا ومنظمة التحرير والفصائل الفلسطينية عنهم، وعدم اكتراثهم بمعاناتهم.

 

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات