أول رواية لروائي سوري عن الثورة السورية: رؤية للحظة التغيير

أول رواية  لروائي سوري عن الثورة السورية: رؤية للحظة التغيير
صدر حديثاً عن دار فضاءات للنشر و التوزيع في المملكة الأردنية الهاشمية رواية (أيام في بابا عمرو) للروائي السوري عبدالله مكسور، وهي الرواية الأدبية الأولى التي ترصد بشكل مباشر الأوضاع في سوريا من خلال المخاض العسير الذي تشهده البلاد لولادة الحرية.

وتحكي الرواية قصة سفر و غربة و اعتقال في سجن المخابرات الجوية في حمص، و تبرز كيف أن الكلمة قاتلة لصاحبها كما قتل المتنبي شعره. تمضي فيها الأحداث بطريقة دراماتيكية متسارعة ليجد البطل نفسه في حي بابا عمرو الشهير الذي يستعد لمواجهة أعتى الآلات العسكرية، فينقل مشاهداته هناك و ما آلت إليه الأوضاع عبر المشافي الميدانية والتفجيرات المتتالية و الخلايا النائمة و لا ينسى أن يمر على ذكر الأب باولو داليليو أو بولس كما يحب أن يدعى حيث ارتبط هذا الراهب بعلاقة صداقة مع البطل تعود لما قبل غربته الأولى.

قارئ الرواية سيدرك مباشر أن الكاتب ملم بشكل كبير بأرض وطنه، فهو يحفظها كما يحفظ العاشق تفاصيل وجه حبيبته، ويصر مكسور في الرواية على ذكر روائح الأمكنة، فهي تروي ذاكرة متنقلة بين زمانين وحربين ومقبرتين، الأولى في حماه التي شهدت مأساة وقعت في القرن الماضي في عهد حافظ الأسد، والثانية تحاكي مأساة السوريين في هذا القرن والوحشية المتأصلة بنظام الأسد منذ عهد الأب إلى عهد الإبن. ويتخلل الرواية قصص عشق وحب خلال الحرب ومشاريع لأحلام لم تكتمل وأخرى انتهزت فرصة الظهور إلى الحياة .

ويرى الكاتب والناقد السوري محمد منصور أن (أيام في بابا عمرو) ليست رواية عن الثورة والوطن والبشر وهتاف الحرية وإرادة التغيير التي تفرزها عقود الصمت وحسب، لكنها رواية عن المفارقة الأساسية التي تصوغ مأساة السوريين منذ عقود، تلك المفارقة التي تصنع أرضاً للشعب وأرضاً للعسكر، دون خطوط تماس فاصلة لا في الحقوق ولا في الواجبات. إنها رؤية بانورامية للحظة تغير الجغرافيا وولادة التاريخ، إطلالة على هواجس بشر يعبرون بكل ثقل آلامهم الماضية، وكل تضحياتهم الحاضرة نفق التغيير، مترقبين شمساً جديدة، يختزلها عبد الله مكسور بعبارة تراجيدية متفردة (لكل شمس شهداء جدد في بلادي).

أما الكاتب الفلسطيني زياد الجيوسي قال في معرض تعليقه على الرواية: الأمكنة والمدن حاضرة بقوة في ذاكرة بطل الرواية، كما الأشخاص فهناك زياد الكاتب والمرتبط بفلسطين إلى درجة العشق، والمستضاف سنوات من زهرة شبابه في المعتقلات العربية، وجهاد الشاعر والناشر في عمّان والحالم ببناء صرح من الثقافة يتجاوز الحدود، حيث (دائما في عمّان هناك مساحة برغم كل شيء للأدب والشعر)، فيعيد المكان ذكرى المكان والأمكنة الأخرى، بغداد وحماة والعاصي وغيرها من الأماكن، وهذا يدفع بطل الرواية للتساؤل: (أتساءل لماذا مدننا العربية بالمجمل نختصرها بأسماء ملوكها أو أسيادها الذي رحلوا أو الحاضرين.. هل مدننا لا تستحق أن تكون مستقلة بذاتها فهي دوما على عصمة رجل، ولا يجوز لها أن تحضر مفردة دون محرم!!). ورأى الجيوسي أن هناك من سيختلف مع مؤلف الرواية وروايته، وقد يراها البعض رواية حقيقية، وقد يتهمه آخرون أنه قد باع روحه وقلمه، وكل سيكون موقفه متأثرا بحجم المأساة التي تعانيها سوريا، مع النظام أو مع الثائرين أو مع الشعب، لكن لا أحد يمكنه أن ينفي أن ما يجري مأساة كبيرة، وأن الضحايا هم الخاسرون، وأن الشعب هو من يعاني، ولكننا بالتأكيد لن نختلف أن من واجب المبدع أن لا يقف صامتا أمام مأساة يعيشها شعبه.

*عبد الله مكسور روائي سوري من مدينة حماة، مجاز في الأداب والعلوم الإنسانية وحاصل على ماجستير مهني في الإعلام والعلاقات العامة من القاهرة. صدر له رواية شتات الروح عن دار فضاءات في الأردن، ورواية الطريق إلى غوانتنامو عن دار فضاءات أيضاَ، ورواية أيام في بابا عمرو، وله قيد الطباعة رواية زوربا العربي، بينما يشتغل حالياً على كتابة الجزء الثاني من رواية أيام بابا عمرو تحت اسم مختلف.

التعليقات (30)

    ابو عبدو الديراني

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    سمعت عن الرواية كثيراً ولم أجدها في الأسواق .. أنا مقيم في مصر و هناك أكثر من مئة شاب تحدثوا أمامي عنها ..هل بالإمكان معرفة الآلية التي نحصل بها عليها و في الأماكن تتواجد ..فهي كما هو مكتوب الرواية الأولى التي تتحدث عن مأساتنا السورية و الكتابة في زمن الثورة ثورة .. مبروك للكاتب عبدالله مكسور

    steef

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    Can I publish more details about the novel

    محمد نور

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    إنها رؤية بانورامية للحظة تغير الجغرافيا وولادة التاريخ، إطلالة على هواجس بشر يعبرون بكل ثقل آلامهم الماضية، وكل تضحياتهم الحاضرة نفق التغيير، مترقبين شمساً جديدة، يختزلها عبد الله مكسور بعبارة تراجيدية متفردة (لكل شمس شهداء جدد في بلادي). أعجبني هذا الكلام و دفعني لاقتناء الرواية فأين أجدها ؟؟

    هوشيار عيد

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    غير صحيح ليست الرواية الأولى، هناك كاتبة كردية أصدرت رواية عن الثورة السورية منذ عدة أسابيع. الرجاء الانتباه والتصحيح

    الى رقم 4

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    هوشيار .. افحص الانترنت لتعرف متى تم الاعلان عن كتابة أيام في بابا عمرو و تجهيزها للطباعة ، بالعموم المهم الكتابة للثورة .

    سعد الدين الشامي

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    دائماً مبدع عبدالله مكسور ، قرأت له (( الطريق إلى غوانتانمو ) حصلت عليها في الأردن و سأحصل على هذه الرواية ..كاتب يعد بمستقبل كبير ، الكتابة عن ثورة لم تكتمل بعد هو أشبه بالدخول في حقل ألغام .بالتوفيق و شكراً أورينت

    حسام الدين سيوفي

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    من هذا عبد الله مكسور... اللي مفكر أنو رح يدخل التاريخ باعتباره صاحب الرقم واحد بأدب الثورة؟! عذرا لتفاهة الطرح... قد يكون مكسور هذا هو الأول فعلا ولكن قد يكون عمله رديئا... مالذي ينفعه الترقيم إذن؟! هل الأدب هوسباق ماراثوني أو مسابقة غينيس للأرقام القياسية؟! هذا التفكير هو الذي يجعل أي أدب زائف وأي مجرد روائي نمرة للعرض وليس مبدعاً

    أمين عساف

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    بغض النظر عن إذا كانت أول رواية أو آخر، المهم ان تكون جيدة أدبياً. أنا قرأت لمكسور روايته الأولى ويبدو من النوع القومي إلى درجة تشعر أنه بعثي، يعني قومية فارغة مع احترامي طبعاً له ولأدبه

    ماهر شريتح

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    من حق الثورة السورية أن تتحدث عنها آلاف الروايات والأفلام والقصص، إنها ثورة عظيمة لكن لن يذكر أحد من سبق من، بل سيذكر من قدم الأدب والفن الذي يليق بهذه الثورة التاريخية وأتمنى أن تكون الرواية هذه قادرة على تحقيق هذاالشرط مع أني لا أثق باللكتاب الروائيين العرب

    شهير تركماني

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    يكفي الرواية فخراً أن تحمل اسم هذا الحي البطل حي بابا عمرو البطل

    ملاحظة

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    السبق ليس بالأول أو الثاني ، السبق هو النجاح بتصوير و نقل الثورة عبر الورق . مبروك للكاتب

    nivin

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    أخ حسام الدين مشكلتنا الكبرى هي الحكم عالاشياء من الظاهر قبل ان تقذف الناس اقرأ الرواية ثم احكم على المضمون أم أن من يشتم الناس ويصغرهم يصبح في نظر الاخرين هو الأفضل عقد بالية بالتوفيق أخ عبد الله سواء كانت الرواية الأولى أو حتى الرواية رقم مليون سننتظر بفارغ الصبر قراءة الرواية بطبعتها الأخيرة

    ابو عبدو الحلبي

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    مبارك للكاتب روايته الجديدة بعد نجاح روايته السابقة "الطريق الى غوانتانامو" .. ويبدو من اسم الرواية "ايام في بابا عمرو" انها ستكون مشوقه وتحاكي واقعا مريرا يمر ع السوريين عامة.. في انتظار طرح الرواية في الاسواق.. وكلي شوق لطرح الجزء الثاني منها . . اشد على يدي الكاتب ووفقك الله لكل ما هو نافع لامتك ووطنك

    تعقيب على رقم 8

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    لا يعيب الكاتب أو الشاعر أو الروائي أو الفنان أن يكون قومياً فالكتابة للهم القومي أمر جيد و غير مشين اما إلقاء التهم جزافاً فهذا هو المعيب ! جيد أن هناك من فكّر بكتابة عمل أدبي و الثورة لم تنتهي بعد .فهل تدرون أي باب فتح الكاتب بهذه الرواية ، كما ورد في النص أعلاه : أتساءل لماذا مدننا العربية بالمجمل نختصرها بأسماء ملوكها أو أسيادها الذي رحلوا أو الحاضرين.. هل مدننا لا تستحق أن تكون مستقلة بذاتها فهي دوما على عصمة رجل، ولا يجوز لها أن تحضر مفردة دون محرم!!) هل كاتب هذه الكلمات يجوز أن نتهمه بالبعثية !!!!!!

    غريب بلاد

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    دائماً هناك من يشدك نحو الخلف ، قرأت كثيراً عن الرواية وسمعت بها من أشخاص آخرين ، لنقول : مبروك للكاتب السوري و لندعو الجميع للكتابة للثورة . فأن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام

    تساؤل

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    ماذا عن الجزء الثاني ؟؟؟ هل لأورينت أن تعطينا تفاصيل أكثر ؟؟

    محمد علي

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    اين من المممكن أن نجدي هذه الرواية ؟

    خالد الحمصي

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    ماهو مكتوب مشجع على القراءة ... النصر لشعبنا العظيم

    سامر الغزوان

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    رواية عبدالله مكسور (أيام في بابا عمرو) و رواية مهاحسن ( طبول الحب ) و لننتظر ماذا ستسفر مخيلة الكتاب الآخرين عن الثورة في سوريا . الغريب أنه خلال الثورة المصرية ظهرت العديد من المؤلفات حول الثورة و عقب انتهاء الثورة ظهرت هناك عشرات الكتب أيجب علينا انتظار عام ونصف حتى نرى عمل أدبي عن الثورة السورية ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ربما كتابنا السوريين منشغلين برابطة الكتاب الجديدة أو منتظرين أين تميل كفة الصراع ليكون لهم موقف واضح وليس ضبابي . تحية للأستاذ مكسور و السيدة حسن .

    أبوجفر الدوماني

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    قرأت في البداية أن الرواية اصدار دار أردنية !!!!!! لماذا لم ترع رابطة الكتاب الجديدة مثل هذه الاصدارات فكلفة طباعتها و توزيعها و تسويقهاو الترويج لها لا تساوي اقامة لعشرة اشخاص لكدة ثلاثة أيام في فندق من فنادق المعارضة العظيمة ، أليس معيباً أن تتبنى دار أردنية هذا الموضوع ؟؟ سؤال برسم المسؤولين على الرابطة .. أرجو النشر

    هدى

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    هل الرواية تجربة شخصية للكاتب أم أنها من وحي الخيال ؟؟ للمعرفة فقط

    رياض علي

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    أنا متأكد بأن حسام الدين سيوفي ؛ إما أنه لم يقرأ أي شيء من أعمال الأديب عبد الله مكسور ، أو أنه قرأ كل شيء من أعماله ..!!

    قال وطن يتفتح بالحرية

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    اجتمع المثقفون السوريون في الدوحة منذ ست أشهر او اكثر و قد تا بعناهم فلم ينتج منهم إلا حفلات موسيقية و رقص على دماء الشهداء تحت عنوان وطن يتفتح بالحرية / هذه الرواية ان كانت توثيقية فهي أفضل من كل اجتماعاتهم أو تنظيرهم ولا أعلم إن كان كاتب الرواية قد اجتمع معهم ام لا ؟؟ بانتظار الجواب ؟؟

    مرحلة جديدة

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    هذا النوع من الأدب يبشر بولادة نوع جديد من الخيال يناسب المرحلة الجديدة المقبلة عليها سوريا ، لن يتعب السوريون حتى يقرؤوها كما تعبوا في البحث عن قوقعة مصطفى خليفة و لن يخفوها بيين الأدراج خوفاً من عيون العسكر.تحية للكاتب عبدالله مكسور و مبروك هذا الاصدار

    سوريا ولادة

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    الكتابة عن الثورة ثورة بحد ذاتها ، كم فيك يا سوريا طاقات مبدعة ...... مبروك للمؤلف اصدار الرواية ولابد أن نقرأها

    قرأت الرواية

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    حصلت بالأمس عليها في الأردن من كشك أبو علي للثقافة العربية رواية رائعة بكل المقاييس ، أنهيتها بجلسة واحدة ، نهايتها المفتوحة ، روائح المدن ، ذاكرة السوريين ، السجون ، قصص الحب التي لا تنتهي ،البحث عن الوطن ، أبدع عبدالله مكسور و كلام محمد منصور على الغلاف الخلفي جداً رائع و كلام زياد الجيوسي في التقديم شامل وكافي ..هي بين يدي الآن ذاكرة لشعبنا و توثيق لبابا عمرو و حماه و حمص ..سأقرؤها مرة أخرى و أنصح الجميع بالحصول عليها وقراءتها ..شكراً عبدالله مكسور .. أما الأخ السيوفي في التعليقات أنصحه قراءة الكتاب و بعدها نقده ومن المعيب ان يقول : من هذا ؟؟ انه كاتب سوري وطني له قيمة أدبية عالية ، أنصحك بقراءة أعماله و ليتني أتعرف عليه يوماً

    عيب يا اورينت

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    لماذ لم تنشرو تعليقي ؟؟؟؟

    حصلت عليها

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    حصلت عليها من معرض الشارقة للكتاب و بحثت عنها في غوغل فخرجت لي هذه المقال و أقول لحسام السيوفي : عرفنا بنفسك حتى يبطل العجب .. أنهيت الرواية بيوم واحد وخلال جلسة واحدة ، جهد كبير و أبكتني في النهاية ، حاولت الاتصال بالكاتب فقد علمت من دار النشر أنه موجود في الامارات فهل من الممكن أن تساعدوني بالاتصال به أو ايصال هذا التعليق له ... معجب جدا بالرواية و بالكاتب

    أردني

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    بعد قراءتي لللرواية بتأني و دراية استطعت تحديد ملامح الولادة الجديدة و استطعت فهم الواقع السوري دون أي لبس .. أرجو من أورينت اجراء حوار شامل مع الكاتب لتسليط الضوء أكثر على الرواية فهي تستحق المتابعة و الكاتب يستحق الاحترام ..

    جزائري من قسنطينة

    ·منذ 11 سنة 5 أشهر
    تحية للكاتب عبدالله مكسور و ننتظر زيارته لنا في الجزائر ..
30

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات