توافق غربي روسي على بقاء النظام وإزاحة الأسد

توافق غربي روسي على بقاء النظام وإزاحة الأسد
"الانقلاب" الأميركي الأخير على المجلس الوطني السوري الذي عبرت عنه وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون الأربعاء الماضي يحمل عدة احتمالات:

- أولاها أن إدارة أوباما المرتاحة والمطمئنة لبقائها حتى العام 2016 لا تستعجل الحل في القضية السورية، لأن من يبحث عن حل أو من يريد العبور إلى جهة تمثيلية أكثر اتساعا مثل الحكومة الانتقالية، عليه أن يقدم ضمانات دعم مالي وسياسي جدية وحقيقية، وهي مسألة تتجنبها واشنطن حتى هذه اللحظة، بل إنها خلال أشهر الثورة التسعة عشر أثارت ارتياب المعارضة السورية من خلال ما أسماه وزير بريطاني سابق بسياسة "النفاق".

ثانيها- إن من يطالب بتوفير بديل أفضل وأكثر تمثيلا لا يطلق رصاصة الإعدام على أكبر قوة سياسية تمثل الثورة حتى الآن، ومن يهدد بيد يلوح بـ"بديل" باليد الأخرى، وهو خيار لا تملك منه واشنطن سوى فرض بعض الشخصيات مثل مسؤولين منشقين، أو بعض الأحزاب التي قد يكون من بينها الحزب الكردي "الاتحاد الديمقراطي" المتهم بارتباطه بمخابرات نظام الأسد وبعلاقته التنظيمية بحزب العمال الكردستاني الذي يقوده عبد الله أوجلان، وأول من أمس قال السياسي والأكاديمي السوري المقيم في واشنطن رضوان زيادة إن "الولايات المتحدة تعمل بشكل منهجي على تحطيم المجلس الوطني".

وفي مسح سريع للخريطة السورية يتضح أن مفاتيح الولايات المتحدة في سورية ترتكز على الحزب الكردي (الاتحاد الديمقراطي) وهيكل النظام وأجهزته بشكل أساس، وفي هذا السياق أشار مسؤولون عرب إلى أن عائلة الأسد ومخلوف هي من فجرت خلية الأزمة في تموز (يوليو) الماضي للتخلص من الرجل القوي الجنرال آصف شوكت (علوي وصهر الأسد)، وقبل اغتياله بأشهر كشفت صحيفة عربية أن الأميركان ذكروا اسم آصف شوكت كرجل أول في مرحلة ما بعد بشار أمام روسيا وبعض الدول العربية.

من غير هذين المفتاحين داخليا، لا تملك واشنطن سوى بعض الخيوط "الرفيعة" داخل المعارضة السورية والجيش الحر، وربما تحاول تعويض ذلك من خلال تفعيل الاتصالات مع طهران ومحورها المتمثل في حكومة المالكي وحزب الله، وحدث أن وقفت واشنطن وباريس ولندن وما تزال بحزم ضد إسقاط حكومة ميقاتي في لبنان المدعومة بشكل كامل من حزب الله والأسد وطهران عقب اغتيال العميد وسام الحسن قبل أسابيع.

أوباما في مناظرته الأخيرة مع رومني أوضح أن استراتيجيته في سورية قائمة على ركيزتين أساسيتين، هما: التحرك من خلال مجلس الأمن، بمعنى آخر تعليق أي تحرك ضد الأسد على الرضا الروسي بشكل أساس، وهي ميزة تمنحها واشنطن لحكومة بوتين، وتعني أيضا أنه إذا ما حدث توافق فستكون وفق الأجواء العامة للشروط الروسية، التي يروق لها هذه الأيام وصف ما يجري في سورية بالحرب الأهلية. أما الركيزة الثانية فهي عدم تسليح الثوار قبل التأكد، بحسب أوباما، من أن من سيصلهم السلاح "أصدقاء" لأميركا بعد أن كانت تشترط بأن لا يكونوا "أعداء لها أو متطرفين"، وهو شرط تعجيزي أو شبه مستحيل ويعرف ذلك الدبلوماسيون الأميركيون الذين التقوا أطيافا واسعة من المعارضة السورية.. شرط الصداقة أصبح عبارة رديفة للفيتو لدى أوباما وفريقه.

في ظل استراتيجة أوباما حول سورية وتصريحات كلينتون حول المجلس الوطني يصبح الاستفسار مشروعا حول نوايا واشنطن تجاه الثورة السورية وتماسك وقوة المجلس الوطني السوري، والاستفسار هنا يدور حول سؤالين، هما:

هل أصبحت واشنطن تميل إلى اعتبار ما يجري في سورية حربا أهلية مع تصاعد التحذيرات التي يطلقها المسؤولون الأميركيون من تنامي التطرف داخل الثوار السوريين، أم أنها باتت تسير بحذر نحو المساواة بين نظام الأسد أو ما تسميهم "المتطرفين" من جهة أخرى؟

والسؤال الثاني: هل تصبح مطالبة الولايات المتحدة ببروسترويكا في المجلس الوطني بمثابة "إعدام" لأكبر ممثل سياسي للثورة ومن ثم ترك الشعب السوري في حالة "فراغ" أو تحت مظلة وهيمنة بديل "هلامي" لنظام الأسد، وبالتالي تصبح الفرصة مهيأة إما لإطالة "مسلسل" الثورة أو لفرض حل يزيح الأسد ويبقي النظام القائم على ما هو عليه الآن؟

هناك قراءة لدى بعض دول الجوار أن الولايات المتحدة تتجه إلى أن يكون الحسم في سورية مع نهاية العام 2014، والحسم يعني، بحسب العواصم ذاتها، بقاء النظام بتشكيلته العلوية مقابل تنحي شخص الأسد، وهناك أكثر من كاتب أميركي أشار إلى أن أروقة البيت الأبيض وكثير من العواصم الغربية استقرت على ضرورة الحفاظ على الهيمنة العلوية في الدولة السورية (كتاب فؤاد عجمي الجديد)، خصوصا على الأجهزة الأمنية والعسكرية، في مرحلة ما بعد إزاحة بشار الأسد.

كما أن تقديرات غربية ذهبت إلى أن الولايات المتحدة والعواصم الغربية لا تثق بتوجهات القوى الثورية داخل سورية تجاه مصالحها في المنطقة ودولة إسرائيل على وجه التحديد، وهي تنظر بعين الشك إلى تشكيلات الجيش السوري الحر، وأمام غياب الثقة بالبدائل المفترضة فإنها استقرت، بحسب القراءات الغربية (أميركية –فرنسية-بريطانية)، على ضرورة الحفاظ على ما أسمته هي بـ"حلف الأقليات"، وهو أمر كان بابا الفاتيكان بنديكتوس السادس عشر أشار إليه ضمنا في زيارته الشهيرة إلى لبنان في أيلول (سبتمبر) الماضي وفي وثيقة الإرشاد الرسولي التي تركها لأتباعه في المنطقة.

تصريح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أن الخلاف مع روسيا بات حول مصير الأسد يتضمن توافقا روسيا غربيا على كل وصفة الحل بسورية، وتعني أيضا أن الأطراف غير العربية باتت مقتنعة بضرورة بقاء النظام وزوال الأسد والمجلس الوطني السوري والجيش الحر.

أمجد العبسي/صحيفة الغد الأردنية

التعليقات (1)

    ديري ثورجي

    ·منذ 11 سنة 6 أشهر
    ومن يظمن لأمريكا وروسيا اننا سنقبل بهذا الحل؟ وحتى لو استطاعوا ان يفرضوا هذا الحل عن طريق عملائهم فمن يضمن لهم سكون اهالي الثوار والمعتقلين اللذين فقدوا ابنائهم ومعيليهم على يد عصابات الأسد؟ ومن يضمن لهم ان الشعب السوري سيقبل ببقاء المخابرات والأمن ورجال الفساد والشبيحة في سورية؟ انا اعتقد ان هذه الخطة ستفشل ايضاً
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات