نكسة أم هزيمة ؟ !

نكسة أم هزيمة ؟ !
تجاهلت الصحافة السورية الذكرى ال 46 لهزيمة الخامس من حزيران، ورغم مرارة المناسبة وتداعياتها، فقد غابت عن اهتمامات الصحافة السورية، وخاصة صحيفة (البعث) الناطقة باسم الحزب الحاكم التي لم تتذكر المناسبة مع أن وقائع الهزيمة تحّمل البعث كحزب ونظام قسم كبير من مسؤولية ماحدث في الخامس من حزيران .

عندما أتذكراليوم الأول للحرب، أستعيد المرارة والخيبة التي سكنت في عقولنا حتى الآن، جئت لدمشق في بداية حزيران للتقدم للامتحانات الجامعية، كانت الأوضاع تشير إلى أن شيئا ما سيحدث، أجواء الاحتقان السياسي والتعبوي تسيطر على عقولنا، وحماسة الشباب تجعل الدماء تغلي في عروقنا إستعجالا لساعة النصر والتحرير الموعود ، أحلامنا بالنصركانت كبيرة ، وفي صباح الخامس من حزيران ، كنا ومجموعة من الزملاء نجلس في البوفيه المجاور لكلية الحقوق ، وسمعنا هدير الطائرات المغيرة وهي تحلق في سماء دمشق وتضرب أهدافاً في المدينة خاصة حول مطار المزة ، وأذكر حينها حماس الطلاب وهم يحملون أشلاء من بقايا طيار إسرائيلي تم إسقاط طائرته وداروا بها في حديقة كلية الحقوق والممرات المجاورة لها ، وأصغينا ورددنا بحماس أغاني الانتصار (ميراج طيارك هرب ، مهزوم من نسر العرب ) صدقنا بيانات اليوم الأول ، وحلمنا بالغداء في تل أبيب والعشاء في حيفا ، وبعدها بساعات إكتشفنا أنهم كانوا يكذبون علينا ، وأننا مهزومون وأن (اسرائيل ) دخلت غرف نومنا ، واغتصبت كراماتنا ، وعدنا من جديد نسمع أغاني الانتصار لكن لاعلى إسرائيل ، بل إحتفاءً ببقاء أنظمتنا القومية التي لم تستطع إسرائيل إسقاطها ، حتى أن وسائل الإعلام الرسمية كانت تردد كل يوم الخطاب البعثي بإنتصارنا على العدو الصهيوني الذي فشل في تحقيق أهدافه ، وأنه يمكن تعويض الأرض لكن لايمكن تعويض النظام الذي يحمل (آمال الأمة في التحرير) , ولازلنا وبعد 46 عاما على النكسة نعيد ونستنسخ هذا الخطاب .

يقول د .حبيب حداد عضو القيادة القطرية في ذلك الوقت في مقال له نشره في 5/6/2008 على موقع (كلنا شركاء) الإخباري : (بعد يومين من توقف الأعمال الحربية عقدت القيادة السياسية اجتماعا إقترح فيه الرفيق عبد الحميد مقداد عضو القيادة القطرية ، وفي موقف وجداني لافت ومؤثر ، أن تقوم القيادة بدعوة مؤتمر وطني عام في سورية تعلن فيه تخليها عن السلطة وإعادة الأمانة إلى الشعب كي يتدبر أمره ويتولى شؤونه بنفسه ويحرر أرضه بالطريقة التي يراها مناسبة ، وأضاف حداد : لم يلق الإقتراح الإستجابة من معظم أعضاء القيادة الذين رأوا فيه تفريطا بقيادة الحزب للثورة كما رأى بعضهم في إقتراح الرفيق مقداد ظاهرة ضعف وتراجع ووجد تفسيراً لها بأنها قد تحدث أثناء الأزمات والظروف الصعبة).

قيادة الحزب اعتبرتها حينذاك ظروفاً صعبة وليست خسارة أرض من أغلى وأغنى الأراضي السورية ،

هكذا فرطت قيادة البعث بالأرض والوطن ولازالت تفرط كل يوم بحياة السوريين ووطنهم .

التاريخ لايرحم وكل محاولات تزويره أو التعتيم عليه لن تخفي حقيقة أن هزيمة الخامس من حزيران عام 1967 شكلت زلزالاً لازالت توابعه مستمرة حتى الآن ، وكما يتوارث الأبناء ثروات الآباء ، توارثت الأجيال بالتتابع هزائم الآباء ، ودفعوا أعمارهم ثمن خذلانهم .، وقام النظام بتدجين هذه الأجيال في مختبرات (طلائع البعث والشبيبة وصفوف الحزب القائد ) وتعلموا فن التصفيق الممنهج والولاء التام مقابل إمتيازات صغيرة تتيح لهم دخول الجامعات والتوظيف والتتدرج الوظيفي حسب معدلات الولاء مما زاد من مستويات الفساد الذي شمل كل مفاصل الدولة في حين تم إبعاد أصحاب الخبرة والكفاءات وتزايد معدلات البطالة إلى مستويات خطيرة ، دفعت الشباب للهجرة والبحث عن فرص عمل خارج حدود الوطن مقابل لقمة العيش ، أمام هذه الأوضاع المتردية لم يبق هناك خيارات أخرى أمام الشباب سوى النزول إلى الشارع للتعبيرعن رفضهم لهذا الواقع . .

حاشية :

بعد هزيمة 5 حزيران عام 1967، والذي اصطلح على تسميتها ( النكسة ) ، قال قادة البعث حينها : صحيح أننا خسرنا الحرب لكننا ربحنا النظام ، الآن وبعد مرور حوالي 27 شهراً على أحداث درعا والتي شملت الأراضي السورية كافة ، وبمناسبة مرور 46 عاما على الهزيمة (النكسة) يمكن إجراء تعديل بسيط على ( المقولة الحزيرانية ) السابقة لتصبح كالتالي : صحيح أننا خسرنا الشعب لكننا ربحنا النظام !!

إشارة :

في زاويته اليومية في (الشرق الوسط ) بتاريخ 6/6/2013 كتب سمير عطالله عن زياراته لدمشق في بدايات 8 آذار1963 مايلي : كنت أذهب إلى دمشق في تلك الفترة فأجد الجنود في الساحات كأنما في حالة حرب. ولا أنسى مرة ألقى مراسل "النهار" المقيم التحية على دورية تشرب الشاي قائلا: "يعطيكم العافية شباب" فرد رئيسها "ع شو ولاه يعطينا العافية. شايفنا محتلين إسرائيل وراجعين".

التعليقات (1)

    حلبي

    ·منذ 10 سنوات 11 شهر
    بشكل عام نحن شعب اناني واتكالي ولانحب بلادنا كما يجب لذلك دائما نخسر ومهما كانت الاحزاب الحاكمه فهي من نبع واحد فمصر خسرت والاردن خسر وكل العرب لاننا من نفس الطينه نستطيع ان نربح بشرط العوده للاصل وهو كتاب الله تعالى وسنه محمد صلى الله عليه وسلم والان صرنا نرى رجال صدقوا ماعاهدوا الله عليه امثال عبد الجبار العكيدي واخوانه حماهم الله امين
1

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات