السلاح بلا سياسة كالسياسة بلا سلاح..

السلاح بلا سياسة كالسياسة بلا سلاح..
تتكاثر هذه الايام الحديث عن موضوعة تسليح الجيش الحر، خاصة بعد معركة القصير والتدخل العلني والسافر لحزب الله الايراني القرار، لخوفه على الطغمة الاسدية من السقوط، كما صرح حسن نصرالله لبوغدانوف نائب لافروف. صحيح أن هذه الدعوة لدعم الجيش الحر بالسلاح بدات مع نهاية عام 2011 واستمرت، إلا أنها بعد القصير أخذت وقعا وايقاعا مختلفا.

من الغباء المستفحل عند بعض معارضة، أنها تقوم بتنضيداتها وترسيماتها للثورة انطلاقا من واقع متخيل، لا يوجد مثيلا له في التاريخ العالمي إلا في أذهان تجريدية جرداء، والسبب بسيط جدا أولا البشر ليسوا نمطا واحدا من التفكير والممارسة والسلوك، فحتى هؤلاء أنفسهم تجدهم لايتفقوا على أمر وإن اتفقوا على أمر، فكل منهم يمارسه وفقا لطريقته النابعة من عدة عوامل، موضوعية وذاتية، لهذا هم يطالبون في الحقيقة، وكل من موقعه وثقافته وسلوكه أن يقتدي الناس في الشوراع به، مع أنه هو نفسه ليس نموذجا يحتذى لا أخلاقا ولا تربية في بعض الاحيان. لأنهم يعتقدون ( أن الله خلق نسخة واحدة هي ذاته المتثاقفة! وكسر القالب بعدها) لهذا يصاب باحتقار الجموع، والناس التي لا توافقه قناعاته ولا ترهاته أيضا، وهو المتبحر في علوم الثورات مع انه عندما يقوم قبل النوم بتقشير سماكات ذاته، يجد نفسه في خدمة طرف ماقبل ثقافي أصلا..

هذه حال شعبنا مع معارضة قضت كل عمرها، مع احترامي لتضحياتها، أنها تعتقد نفسها طليعة هذا الشعب، وعندما أراد هذا الشعب ثورة وجدوا انفسهم في المؤخرة، وحاولوا التنطع والتنطح لكي يقولوا للناس في الشوراع وهي تهتف للحرية، أين أنتم ذاهبون؟ نحن الطليعة ونحن من يجب أن نقودكم. راح كل منهم منذ أول لحظة للثورة في حوران، يمتشق عدته الايديولوجية والثقافية المتعالمة، ودون أي وعي مفارق للواقع، لكي يضبضب الناس تحت خيمته الفكرية. وهي خيمة مهلهلة ولم تكن نقدية أساسا، بل نقديتها تتمحور حول ذاتيتها المغرقة بنرجسية فارغة. بدء الحديث عن الجوامع وما كان للثورة أن تنطلق من الجوامع، والطغمة الحاكمة تقتل بالمتظاهرين السلميين على مدار ستة أشهر، وهو يتحدث عن العلمانية ومنهم من يتلطى خلفها لاخفاء طائفيته، والنظيف فيهم من يصرح أنه يخاف على طائفته في موقفه هذا.

وعندما جاءت دعوات العسكرة من الثوار على الأرض لهول ما شاهدوه من جريمة ونهب وقتل وتدمير وتهجير وتقطيع لأوصال أحياءهم، قالوا في أنفسهم جاء الفرج: انتقلوا للوقوف ضد العسكرة، دون أي رادع أخلاقي أو ذكر للجرائم التي ارتكبت وترتكب من قبل المليشيات الأسدية ذات الفاعل الطائفي. وبدأوا يشككون في الثورة ومجرياتها وسياقاتها التي هي خارج أي تنضيد تاريخي أو خارج أية نمذجة ثقافوية، فالثورات التي كانوا يقتدون بها، كالثورة الفرنسية أو البلشفية أو حتى الصينية، القتل فيها كان على قدم وساق.. وروايات عن بطولات الجيش الأحمر والأزرق والبنفسجي!! كانت تنز من أنوفهم، وهم يتحدثون عنها للجماهير الغفيرة!! فجأة أصبحوا سلميين، خاصة جماعة التوباماروس، ولاهوت التحرير الأمريكاني اللاتيني. أصبحوا سلميين، كان عليهم واجب زحزحة العيون التي تنظر للثورة، نحو أنها ليست ثورة، ليست ثورة شعب حكم بالحديد والنار والنهب والفساد والطائفية 45 عاماً، المواطن العادي إذا كان احساسه وشعوره ولا شعوره أيضا يخاف النظام لأنه قمعي وطائفي، عندما يقول هذا المواطن الذي لايمتلك سوى حسه العملي، للتقييم ومعاييره تنبع من معايشاته اليومية لنتائج اعمال وممارسات من يحكمون البلد، يصبح هذا المواطن الذي خرج للحرية من أجله ومن أجل غيره، متخلف طائفي، بينما النظام يستخدم الطائفية كسياسة للدفاع عن مصالحه لكنه ليس طائفي.

لهذا أرادوا تجريد الثورة من أي سلاح، وحجة السلمية باهتة لأنهم كانوا يدعمون حزب الله في لبنان وقوى 8آذار عندما اجتاحت بيروت 2008 أيار، وتحولت صحيفة الأخبار الالهية لمنبر لهم، هنالك سلاح حزب الله في اجتياح بيروت حلال!! كل هذه الزبالة الايديولوجية يمكن تكثيفها بما كان يردده أي رجل أمن أو شبيح وهو يقوم بقتل متظاهر أو الدعس عليه بالبسطار( بدكن حريييي هه).. إنهم يلوذون بالقاتل لأنه لايزال يمتلك آلة للقتل.

لهذا حديثهم عن السلمية والعسكرة، ديماغوجيا ولا تهمهم مصلحة الثورة بفرنك مصدي.. بالمناسبة جميعهم أيضا ضد التدخل الدولي لحماية المدنيين، كيف سيسقط النظام؟ لا جواب.. كان سلاح هؤلاء جميعا ميزان القوى العسكري، الذي يرونه عند الطغمة الحاكمة فقط لاغير.. مع ذلك نقول بالشامي (بلكتن يعني تنشطوا في قواعدكم الشعبية، علها تغير نظرتها لسورية، وأنها لم تعد سورية الأسد، وريحوا حالكم شوي من المناطق الثائرة، أو المحررة يعني ناشطي الساحل على سبيل المثال لا الحصر، وناشطي مدينتي دمشق وحلب الشق التجاري..الخ).

نأتي للجهة المقابلة هؤلاء الذين ركبوا موجة وشعارات الشارع، منهم من هم معارضة تقليدية ومنهم من انشق عن النظام وأصبح في واجهة المعارضة، القصة محلولة فلوس ودول وفيما بعد استجابة لطلب الشارع في التسليح، تقول لهم يجب وضع الدول أمام مسؤولياتها وطلب التدخل الدولي، يريدون علينا نحن أقلية في المعارضة، الدول لاتريد أن تتدخل، مع أننا نعرف أكثر منهم أن القرار الأمريكي بعدم التدخل لحماية المدنيين هو النقطة الأمريكية الإسرائيلية المشتركة في التعامل مع الثورة السورية (إما أن يذبح بشار الأسد الشعب السوري، أو يدمر سورية ويحرقها) دخلت بعض الدول على الخط وبات لديها رجالات في هذه المعارضة ( زلم يعني) ( وستات كمان) تسليح وهم لا يقودون الشارع الذي تسلح، إذا كنت تريد التسليح ألم يكن من الأجدى أن تكون مع التدخل الدولي ولا تسمح للدول بالتلاعب بك بغير هذا المطلب، تريد الدول حماية الأقليات وتريد وحدة المعارضة وتريد الوقوف بوجه الإسلام المتشدد لتتفضل وتتدخل هي من أجل كل هذا، أما وأن تخلق لك جبهة النصرة، ولا تسلحك كفاية، ولا تدعم التيارات المدنية داخل الجيش الحر، وتذهب معها وتجيء نحو مؤتمرات توحيد المعارضة حقوق الأقليات السلم الأهلي ومواثيق شرف وعهود وطنية.. إلخ، وأنت كالطاووس تتمتخر فوق مزرعة خراب، مع أن جميع رؤوس الائتلاف الحامي منها والبارد، يعرف أن أمريكا وإسرائيل خيارهم واضح!! إنهم مع آل الأسد أو تدمير البلد. ويعرفون أن كلها كانت تمرير وقت أمريكي إسرائيلي من أجل الطغمة الاسدية علها تستطيع اخماد الثورة، طالما أن من يدفع المال هم الإيرانيين.

من ينظر الآن لتشكيلة الائتلاف يرى أن جلهم ضد التدخل الدولي، بعضهم يريد التسليح لكن لايعمل من أجل نيله، وأصبح الحراك الثوري مخترق من الأفغان السوريين..وهؤلاء منهم من هو متمرس بالأفغنة الاستخباراتية الدولية.. إمارة العراق وبلاد الشام، جبهة النصرة وبعض الهيئات الشرعية.. إلخ المعزوفة.

الآن نحن بعد 28 شهراً من عمر الثورة، هل يمكن الحديث عن سياسة بلا قوة في التعامل مع هذا النظام؟ وهل بالمقابل يمكننا الحديث عن سلاح ليس لديه قيادة سياسة تديره؟ الوجه الآخر لمن يريد التعامل مع الطغمة بلا سلاح وبلا قوة، بالحوار يعني وجنيف2 وهؤلاء تدعمهم روسيا علنا وإيران أكثر علانية.. فهم اشتد عودهم بعد تدخل حزب الله ورفعت نبرتهم ضد التسليح والجيش الحر.. الشعار حقنا لدماء السوريين!!

هذه الثورة وهذه قواها الموجودة على الأرض وهذه جماهيرها... للحديث بقية.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات