يوميات سورية: البعث في حالة انعقاد دائم وعزرائيل يعتذر!

الأحد 8/9/2013: البعث في حالة انعقاد دائم!

وسط أخبار الموت والدمار، أشعر بفرح غامر عندما أسمع بعض الأخبار السعيدة التي تزيل عني القلق الساكن في قلبي منذ 30 شهراً، وأولى هذه الأخبار بشرني بها التلفزيون العربي السوري منذ أيام عن الاجتماع الذي عقدته القيادة القطرية الجديدة مع قيادات الأحزاب التي تم تأسيسها مؤخراً، وهي كما جاء في نص الخبر (أحزاب التضامن والطليعة الديمقراطي والتضامن العربي الديمقراطي وسورية الوطن والتنمية الوطني والشعب والحزب الديقراطي السوري وغاب عن الاجتماع حزب الشباب الوطني للعدالة والتنمية وحزب الشباب الوطني السوري) والأهم في الخبر هو إعلان القيادة القطرية أنها في (حالة انعقاد دائم) ابتداء من اليوم وإلى أجل غير محدد!

من يقرأ الخبر سيحسد السوريين على هذه الديمقراطية التي يتنعمون بها، مع أن كل السوريين لم يسمعوا بهذه التشكيلة من الأحزاب التي تم إشهارها بعد أحداث درعا لإشعار العالم بأن مسيرة الإصلاح الديمقراطي بدأت وهذه أول البشائر، وبعدها لم يسمع أحد عن هذه (الأحزاب المفبركة ) والتي تم الإعلان عن تأسيسها لضرورات إستكمال صورة المشهد المسرحي بوجود ممثلين كومبارس على خشبة مسرح خال من الجمهور.

المفرح في الخبرهو إعلان حالة الطوارئ في قيادة الحزب وإستنفارها، لكن لا أعلم ماهي الاجراءات التي ستقوم بها القيادة المستنفرة ، وهل ستكرر مافعلته خلال (حرب حزيران 1967) عندما رفعت (شعارحرب التحريرالشعبية، وشعار لاصوت يعلو على صوت المعركة) وتقوم مجددا برفع نفس الشعارات وتقوم بحفر الخنادق على كل أرصفة دمشق كما فعلت تلك الأيام حيث تم حفر خنادق عامودية تتسع لشخص واحد يقف فيها متربصاً للاعداء ، والمفارقة حينها أن هذه الخنادق تحولت بعد حفرها الى مصائد للمارة على أرصفة الشوارع ثم أصبحت مغاطس تتوضع فيها مياه الامطار والصرف الصحي ، لذا في حال قيام القيادة بإستعادة تجربة الأيام الخوالي أن تقوم بتطوير التجربة القديمة وتقوم بحفر خنادق أفقية وتزودها بكل أسباب الرفاهية من تكييف ومياه باردة وساخنة من أجل راحة الرفاق!!

أما الخبر الثاني الذي استوقفني فهو الإعلان عن بدء القبول والتسجيل في (جامعة الشام) الجديدة للعام الدراسي الأول فيها لعام 2013-2014 ووصفتها وسائل الإعلام بأنها (باكورة الإستثمارات الخاصة لحزب البعث العربي الإشتراكي في سورية ) وأن الجامعة تتبع القيادة القطرية وستقوم بتخصيص 5 % من مقاعدها سنوياً بالمجان للطلبة وحسومات خاصة للمتفوقين وابناء الشهداء.

اقف هنا عند عبارة (الاستثمارات الخاصة)، والمعروف أن نفقات ومشاريع وموازنات الأحزاب في كل أنحاء العالم يتم تمويلها من إشتراكات أعضاء الحزب والمناصرين له ومن تبرعات الميسورين من الأعضاء ، وفي سورية ومنذ نصف قرن يتم تمويل الحزب ومقراته ورواتب قياداته ومتفرغيه من موازنة الدولة ، وتشكل نسبة عالية من هذه الموازنة دون تحميل أعضاء الحزب وقياداته أي عبء مادي على حساب الشعب السوري الذي يمول موازنة الدولة بالضرائب المباشرة وغيرها.

 الخميس 5/9/2013: إنذارات لمشركي الهاتف في المناطق المدمرة!

في اسبوع واحد انذرت المؤسسة العامة للاتصالات عدة مناطق في سورية بقطع خدمة الهواتف الأرضية عن المشتركين فيها، وكانت أول المناطق هي مخيم اليرموك الذي تم تدمير قسم كبير من أبنيته وتسبب ذلك في انقطاع الخدمة الهاتفية اضافة الى توجيه انذارات تم نشرها في الصحف المحلية لمناطق ومراكز في منطقة القوتلي والمحطة في حمص وتجاوزعدد المنذرين بالقطع حوالي الخمسين الف رقم.

المعروف أن مخيم اليرموك تعرض لتهجيرمعظم سكانه وتدمير قسم كبير من أبنيته وشوارعه ، وتعرضت كثير من مساكنه للنهب والسرقة من قبل الشبيحة، ولم يعد المكان الآمن للسكن ، إضافة للخسائر المادية التي تعرض لها الناس الذين غادروه للسكن في مناطق أكثر أماناً ولم يحملوا معهم سوى ثيابهم التي يلبسونها ،وتكبدوا أعباء مادية كبيرة وأصبح معظمهم على حافة الحاجة والجوع، ومع ذلك تطالبهم (السورية للإتصالات) بفواتير هواتف معظمها خارج الخدمة. وهذا ينطبق على معظم مناطق مدينة حمص التي تم قصف وهدم معظم أبنيتها.

اليس هذا عجيباً وينطبق عليه المثل القائل (العرس بدوما والطبل بحرستا) مع الإعتذار الشديد لأهالي المدينتين الذين يسكنون قلب كل السوريين وأنا منهم.

 الأربعاء 4/9/2013: أسحب إعجابي!

المستشارة السياسية والإعلامية للرئاسة السورية بثينة شعبان قالت في مقابلة مع «سكاي نيوز عربية»: أن المعارضة قامت بخطف الأطفال والرجال من قرى اللاذقية وأحضرتهم إلى الغوطة وقامت بوضعهم في مكان واحد واستخدمت ضدّهم "الأسلحة الكيميائية"، لذا أقترح على (الموالاة) رداً على عملية خطف الأطفال من قرى اللاذقية حسب تصريح شعبان أن تقوم بخطف أطفال من الغوطة وتسفيرهم الى اللاذقية واستخدام الأسلحة الكيماوية ضدهم، ومافي حدا أحسن من حدا!

وهنا يخطر في بالي أن أسأل المستشارة السياسية والإعلامية وأحلفها بأغلظ الأيمان: هل تصدقين ما جاء في تصريحك؟ هذه واحدة، أما الثانية وتتعلق باعجاب سابق لي بما ورد في زاوية للدكتورة شعبان في احدى صحفنا الرسمية المحلية منذ سنوات، حيث شنت حملة عنيفة على (مناهج التربية القومية المقررة في كل المراحل الدراسية) التي كانت تشكل أصعب عقبة دراسية أمام طلبتنا، لابسبب صعوبة وفهم وإستعاب النصوص الواردة فيها ، بل بسبب إعتماده علي غيبيات ومصطلحات بعثية لاعلاقة لها بالحياة والوطن. لذا أسحب إعجابي السابق، وأعلن أن (المثقف) الذي يكذب هو أسوأ من القاتل، سواء كان القتل بالكيماوي أو بوسائل أخرى!

 الاثنين 2/9/2013: عزرائيل يعتذر!!

يعلن (عزرائيل) عدم مسؤوليته عن كل من مات أوأسشهد في سورية، وأنه أوقف نشاطاته فيها منذ عامين ونصف، لذا فهو سيقيم دعوى قضائية ضد كل من انتحل شخصيته وقام بقتل السوريين ، ويعلن أنه لم يكلف أحدأ بمهامه ، وأنه برئ من دماء السوريين ، ويؤكد أن لديه قائمة بأسماء كل القتلة ، وسيقوم بتوجيه رسائل (sms) لكل واحد منهم يحدد له فيها موعد موته ويترك له حرية إختيار شكل موته شنقاً أو خنقاً بالكيماوي أوبالخازوق، وعلى ذكر الخازوق يتقدم (عزرائيل) بالإعتذار من جمال باشا الملقب بالسفاح لأنه كان أكثر إنسانية من (السفاحين الجدد) الذين تفوقوا عليه بعد مائة عام على غيابه!!

 الأربعاء 21/ 8/2013: مجزرة الغوطة!

ماعليك إلا أن تمد يدك وتمسح وجه الضحايا لتغلق أعينهم المفتوحة على المشهد الأخير للجريمة ، وتلعن العالم الصامت الشريك في المجزرة ، ثم تبحث عن أرض تدفن فيها شهداؤك في عتمة الليل ، وتترك حفرة شاغرة لك وأخرى للقاتل وتتجه بالدعاء إلى السماء لتجعل يومه قبل يومك!!

تعلمنا مجزرة الغوطة: ليس الخلاف كبيرا بين السلطة الشمولية والشعب، هو خلاف بسيط حول (ملكية الوطن).. السلطة تضع الوطن في جيبها، والشعب يضع الوطن في قلبه، وحتى تحسم السلطة هذا الخلاف تقوم (بعمليات نوعية ناجحة) كما يقول إعلامها لانتزاع حقها في ملكية الوطن من قلب شعبها!!

هامش:

مقولة أعجبتني: إذا صفعتني مرة فهذا خطأك، وإذا صفعتني ثانية، فهذا خطأي!