هل قررت إيران تخريب مدن السّنة في العراق أيضاً؟!

هل قررت إيران تخريب مدن السّنة في العراق أيضاً؟!
أسامة بن لادن وقاعدته تأسست سياسيا، على وقع انتصاراتها الامريكية على السوفييت "الملاحدة" في افغانستان، ومؤتمرات الصحوة الاسلامية التي كثرت أمريكيا أيضا في تلك الفترة،تأسست ثقافة القاعدة أو ماعرف لاحقا بالثقافة الجهادية، ولولا تلك الانتصارات الوهمية، لما كان هناك "إرهاب" إسلامي إلا عند الولي الفقيه. يقول بن لادن نفسه في شريط بثته قناة الجزيرة (ظهر اسم القاعدة منذ فترة طويلة بمحض الصدفة، المتوفي أبو عبيدة البنشيري أسس معسكرات تدريب المجاهدين لمكافحة إرهاب روسيا. كنا نسمي معسكرات التدريب بالقاعدة، وبقي الاسم كذلك.CNN).

قبل أن أدخل إلى الوضع العراقي الذي اصبح لوحة فيها من التعقيد على قدر ما فيها من البساطة. بالنسبة للذين يرفضون نظرية المؤامرة، سواء بالمطلق ام بالجزئي في قضية داعش، لدي سؤال: هل السياسة الدولية بالمجمل شفافة لدرجة، أنها لا تحتاج إلى كل هذه الاجهزة الاستخباراتية العاملة على سطح هذا الكوكب؟

الأطرف في الموضوع أن غالبية من يرفض نظرية المؤامرة، هم من أصول ماركسية لينينية، علما أن الحزب اللينيني لينينيا، هو حزب تآمري، لأنه شبكة سرية تهدف لقلب نظام الحكم والثورة عليه. وحتى يصل هذا الحزب إلى وضع علني بعيد عن التآمر، يجب أن يتمتع بقوة شعبية أو غير ذلك. من جهة اخرى، تنظيم القاعدة وكل التنظيمات المنبثقة عنه او التي تشبهه، يعترف هؤلاء أنها تنظيما عابر للحدود والدول، وقادته في تلك الدول مجهولي الاقامة والهوية احيانا، ولا احد من هؤلاء السادة يجيبنا عن اسئلة من مثل: من يدعم داعش؟ ومن هم قادتها الحقيقيين؟ ومن هي الدول التي تدعمها؟ والامر الآخر لا يبحثون في من له مصلحة بتحركات ونشاطات هذا التنظيم؟!

هنالك بالطبع منهم من يتبع نظرية (عنزة لو طارت)، هؤلاء لايفيد الحوار معهم، عندهم موقف مسبق ولكل اسبابه، لكنه موقف محصلته أنهم ضد "السنة" عموما. هم ضد بالمطلق لدرجة أنهم لا يأتون حتى على ذكر الجرائم التي تقع عليهم من أطراف أخرى. منهم من يتمنطق بالعلمانية وهو في جذر موقفه ديني أو طائفي أواثني واحيانا معا، ككاره للآخر. الفساد والديكتاتوريات في الشرق الاوسط مرتع للتآمر، وكل نوع من أنواع التآمر.."قانونيا فـ (المؤامرة) هي: إتفاقية بين طرفين أو أكثر على خطة محددة لتنفيذ غرض غير قانوني أو لتنفيذ غرض قانوني بوسائل غير قانونية. ولا تعتبر "السرية" (عنصرا ضروريا أحيانا) لهذه الجريمة على الرغم من شيوعها". الفساد في تحصيل الثروات خارج القانون تآمر، قتل الناس على آرائهم تآمر. تعامل النظام الاسدي مع قيادات الارهاب تآمر، أم هو يتم بعلنية وشفافية؟

لكن نظرية المؤامرة، ليس أداة معرفية لتفسير كل الظواهر، لكنها تصلح لتفسير بعض الظواهر. من خلال الحكم على نتائجها. صحيح أن الجهل يولد الشك، والشك يولد الاسئلة، لكن الجهل بأسباب بعض الظواهر تُسيل الدم السوري او أي دم آخر، لا يتحمل مسؤوليته جاهل مثلي، بل يتحمل مسؤوليته، من ولد هذا الجهل في تعامله مع البشر.

عندما يعترف وزير داخلية نظام مبارك بقيام مخابراته بتفجير الكنائس، من أجل تحريض المجتمع المصري على نفسه، ما كان يمكننا معرفة ذلك، مهما امتلكنا من ثقافة وقدرة على التحليل والتركيب، لولا هذا الاعتراف الصريح. عندما نقول سلوك سياسي أو غير سياسي، يمس الشأن العام، ويمارس بشكل لاقانوني، من وراء خلف القانون، فهذا سلوك تآمري. لكن بالمقابل ليس ما يجعلنا نلمس تآمر ما، نتيجة لجهلنا بما يحدث يجعل التفسير التآمري صحيحا. عندما تلعب الاستخبارات في الانظمة الديكتاتورية دورا في تثبيت العامل السياسي المسيطر، فهي لاتلعبه على المكشوف، في كثير من الاحيان. بل بشكل تآمري واضح.

حتى الآن في سورية لم يجبنا اصحاب رفض التآمر، من اغتال غازي كنعان؟ ومن اغتال خلية ادارة الازمة في سورية؟ بالتالي هل من المستغرب في ظل الفساد واللاقانون والقتل ألا نكون محكومين بممارسات تآمرية؟* التآمر ليس كل شيئ لكنه مادام هنالك، فساد سياسي ومالي وقيمي يخترق العلاقات الدولية، والاقليمية خاصة، وبين نظم استثنائية في منطقتنا وشعوبها، مادام هنالك مساحة لابأس بها، للتآمر في حقل الشأن العام. لهذا يجب علينا معرفة حركية التنظيمات الجهادية كداعش، والتي هي نتاج لهذا الفضاء الفاسد على كافة الصعد في سورية والعراق. إيران مع داعش في سورية، لكن في العراق تبين أن هنالك تفارق مصلحي، لكن لا يمكننا الحكم عليه قبل معرفة النتائج التي ستؤول إليها الاوضاع في العراق. داعش فيها أمراء حرب من كثير من الجنسيات، تنظيم متعدد الانتماء. عابر للدول.

ثلاث فرق عسكرية مدرعة وآلاف من قوات الشرطة في نينوى إضافة لمطارات محافظة نينوى يقدمون سلاحهم" هدية" لداعش وينسحبون!

هل قررت إيران تغيير المعادلة، وتقسيم العراق رسمياً؟ كما يرى بعض المحللين السياسيين، أم أن الموضوع هو لخلط الاوراق من جديد في المنطقة، أم أن المسألة لها علاقة بتوقيت هذا الهجوم الداعشي مع وجود مفاوضات ايرانية غربية؟!

إنه بحكم المؤكد، أن بعض داعش العراقية تتلقى تعليماتها من إيران، تماما كنوري المالكي، الذي تحول إلى مصدر للمقاتلين وللاسلحة لداعش، هروب أكثر من 2725 سجيناً من سجون الموصل، هؤلاء تم تهربيهم داعشيا ليتحولوا إلى ارهابيين ومقاتلين لديها. ما جرى وكأنه عمليات استلام وتسليم للمحافظات العراقية من قبل نوري المالكي لداعش. حيث تساءل النجيفي عن أسباب الانهيار الأمني السريع في مواجهة المئات من العناصر الإرهابية ذات التسليح الأقل.

وقال إن العراق يتعرض لغزو من داعش الذي يضم عناصر أجنبية، ويحظى بتأييد من قوى خارجية. من هي هذه العناصر الاجنبية؟ هل هي سورية مثلا؟ أم ان إيران من تجلبها للقتل في سورية، وتحريكها في العراق لكي تخرب المدن السنية، حيث أن هذه المدن التي تجتاحها داعش كلها لا تعني إيران والمالكي إلا كونها مدنا سنية ضد إيران، لأن مشروع إيران الفارسي لايملك سوى أن يكون لغما مستمرا للاقتتال الطائفي المبني على نظرية ولاية الفقيه. هكذا تنظر إليها إيران، فلماذا لا تخربها على يد تنظيم مجهول الانتماء ويتنقل كقاتل محترف، بين المدن السنية في سورية والعراق.

حتى لو قامت داعش بفك تحالفها سوريا مع الولي الفقيه بالعراق، فهذا لايعني مطلقا أن غالبية داعش السورية، إنها لم تكن ولا تزال على وفاق مع الجيش الاسدي وميليشات إيران هناك، ومنذ دخلت هذه الداعش سورية لم تقتل سوى المدنيين السوريين وقادة الجيش الحر. هذا يؤكد أن هذه الجماعات الارهابية هي عبارة عن اجهزة عابرة للوطنيات والدول، بحجة الخلافة واقامة الدولة، لكنها سليلة الاستخبارات العالمية، لهذا يرفض قادتها إزالة اللثام عن وجوههم المجرمة، فهل ستكون داعش في العراق غير ما كانت عليه في سورية؟

طالما القادة الملثمين هم انفسهم هنا وهناك وممارساتهم لم ولن تختلف، وهم ما يزالوا مستمرين في اقتحام المدن السورية المحررة، واعتقال ناشطيها وقتل ثوارها. وسنرى في قادم الايام ماذا ستفعل داعش بالمدن السنية العراقية. هنالك قضية لابد من رؤيتها بالمقابل، أن هنالك قوى عراقية آخرى تقاتل حكومة المالكي الايرانية، وهذا ما اتاح نوع من خلط الاوراق، يقابلها نقطة أهم واخطر، ان إيران والاسد والمالكي يدركون أن داعش تنظيم ملثم ولا حظ له بأية شرعية علنية، لهذا هو تحت الحظر الدولي دوما وابدا، وهذا ما يتيح لهم هامش اكبر بالمناورة مع كل قادته الملثمين.. لكن داعش هي داعش.


*يمكن العودة إلى دراسة لياسين الحاج صالح بعنوان" ملاحظات أولية في نقد السياسة" يتحدث فيها عما يسميه ب" التشكيلة التآمرية" انصح القارئ بالعودة إليها. منشورة على أكثر من موقع.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات