شاشة رمضان-8: رد يدافع عن برنامج (بوك) والمحرر يعقّب!

شاشة رمضان-8: رد يدافع عن برنامج (بوك) والمحرر يعقّب!

أرسل الزميل فارس الذهبي مقالاً بعنوان (في معرض الحديث عن النخزة) يرد فيه على مقال رئيس التحرير، الذي نشره أورينت نت في سلسلة تقارير (شاشة رمضان) منتقداً فيه برنامج (بوك) الذي يبثه تلفزيون الأورينت... وننشر فيما يلي المقال الذي وردنا كاملاً، مع تعقيب رئيس التحرير عليه.

في زمن انتشرت فيه العولمة مثل التسونامي الذي أطاح بكل جدران وأسوار الغيتوهات التي تمترس خلفها الديكتاتوريون الوطنيون ، أصبح شكل التعبير العالمي عن الأفكار يتمركز عبر وسائل التواصل الاجتماعي أولا ومن ثم عبر وسائط الميديا الأخرى التي ما انفكت تلهث وراء التويتر والفيسبوك و غيرها ..ومن هنا فقد فرضت هذه الوسائل لغة جديدة على القواميس العالمية ل اللغة بقوة لا مثيل لها مثل فعل الجوجلة و اللايك و الشير ..goglaize ,like ,share >>

وهذه المفردات الجديدة التي لم تستوعبها بعض العقول العربية التي لا تزال مصرة على التمترس خلف اسوار انعزالها ورفضها لتقبل التغيير اللغوي الذي يفرض تغييرا اجبارياً في المسلك الاجتماعي ..

فمثلاً وفي حادثة حصلت أمامي احتج أحد الأشخاص على أن زميله قال له حينما أحتاجك سأنخزك باصبعي قائلاً ( هل أنا دابة) ..علماً بانهما يعملان في برنامج اسمه poke …

ومن هنا أنطلق من اسم البرنامج الذي يعني وخزة ، أو نخزة ، أو نغزة ..حسب المفردات المستخدة في التعريب الحاصل للفعل الذي أدرجته شبكة الفيسبوك في العالم كفعل جديد لحث الأخر على التفاعل مع الأخرين وعدم النكوص الى السلبية والانعزال ولكن اللغة العربية ببحر مفرداتها اللامنتهي لم تستطع تعريب هذا المعنى بدقة ..فحدثت الاجتهادات التي ذكرتها آنفاً ..

ومن هذه النقطة بالتحديد ينطلق برنامج بوك الذي تعرضه قناة أورينت نيوز ، من فكرة نكز الاخرين و فتح المواضيع التي يتعامى عنها الأخرون او يتهربون من الحديث عنها ..فبرنامج بوك هو برنامج توك شو ...talk show >> مثله مثل أي برنامج يستضيف ضيوفاً على قدر من الأهمية ويناقشهم في مفاصل عملهم وحياتهم ...وبرنامج بوك لا يعيد انتاج العجلة في هذا المجال فكل تلفزيونات العالم الحديثة تحتوي على برنامج من هذا النوع ومنها انتقل الى الأقنية العربية مثل mbc و mtv وغيرها.. وأحدثت نجاحاً منقطع النظير ..وأيضاً مرة أخرى أقول بأن أورينت نيوز لا تقلد أحداً ولا ترغب بتقليد أحد فهي على الدوام كانت منبعاً للابتكار والتجديد في الإعلام السوري.. لذلك قررت إعادة انتاج هذه الصيغة البرامجية ولكن بأسلوب يتناسب مع الظرف التاريخي الاستثنائي الذي تعيشه البلاد السورية من ثورة وحرب و قصف و دمار وجرائم بحق الإنسانية..

ومن هنا كان السؤال هل انتهت الحياة داخل المجتمع السوري تماماً وهل أصبح الشعب السوري بمجمله هو رهينة لنشرات الأخبار وتوابعها... الحقيقة في أرض الواقع تقول عكس ذلك.. فالناس في المخيمات و في الشتات السوري الاجباري لا تزال تنبض بالحياة، وتسخر من الموت و تسحق الآلة الحربية تحت أقدام السخرية و النكتة ومثال ذلك عاصمة الضحك العالمي حمص وما فعله أبطالها حينما سخروا مرارا ومرارا من الاعلام الرسمي والحكومي وكذبه و قصصه التي لا تصدق ..ومثال ذلك أيضاً الفيديوهات اللامنتهية التي رفعها الشبان السوريون الرافضون للاحتكار الاعلامي الحكومي رفعوها على الشبكة العالمية في معرض سخريتهم من كل شيئ، من النظام ومن المعارضة ومن الجيوش المتقاتلة في سوريا ومن الاحتكار والتجارة بالشعب ومن كل شيء، هم يعلنون أنهم بالابتسامة يستطيعون تأكيد ما يريدون من الافكار والثوابت ..

ولكن هنالك من يتفق معهم ويرى أن تلك الطريقة ناجحة وهنالك من يرى عكس ذلك ..فالكوميديا تعتمد أسلوب أنه يمكنك أخذ الحصان الى الماء ولكنك لا تستطيع اجباره على الشرب ...فالكوميديا أمر نسبي وشخصي وما يراه أحد ما مضحكاً قد يراه الأخر حزيناً أو مملاً ..

وفي هذا أيضاً جزء من الديمقراطية ..للكوميديا منهج وقوانين ولكن النكتة لا قانون لها وهي طائر حر يحلق أينما شاء ..حتى لو حلق فوق الحرب والقصف والدمار ..فهنالك من يرى أنه ينبغي على الشعب أن يتكور في سرير احزانه منتظرا الفرج أينما كان ..وهنالك من يرى أنه هنالك حياة كاملة قائمة داخل رحم هذه الحرب و هذه الثورة ..كما هي مصطلحات الأنطمة التي باعت واشترت بشعوبها على مدار ستين عاماً تحت شعار لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ..أو بمعنى أخر لا يمكنك أن تنتفس طالما هنالك طلقة في مخزن البندقية.. وبالتالي فالشعب بمجمله هو رهينة لتلك البندقية و حامل هذه البندقية وممول هذه البندقية.. وهو أمر رفضته الشعوب جملة وتفصيلاً.. والامثلة على ما أقول لا تعد ولا تحصى من أيام الثورة الفرنسية الى الجزائرية الى المصرية الحديثة والتونسية ضمن الربيع العربي ..

هذا كا ن في معرض الدفاع عن مشروعية البسمة في زمن الحرب والثورة ...كلنا نحترم الدماء والشهداء وكلنا أبناء هذا الوطن وندفع ودفعنا من سنين عمرنا السنوات الطوال في الدفاع عن مواقفنا و ثوابتنا ، وليس لأحد أن يزاود على أحد في حبه للوطن أو حبه واخلاصه لسوريا ..لكل طريقته .وبرنامج بوك اختار كسر التقليد ، ربما قد وفق فيما فعل وربما لا ، وهذا أمر نسبي خاضع للمزاجيات الفردية .ولكن أن يتهم بالاساءة فهذا ما لا يمكن أن يحدث ، فالعميد زاهر الساكت الذي كان من صناع السلاح الكيماوي في سوريا هو نفسه يسخر مما فعل ، و يطلب من الشعب الغفران عما فعل ، ولكن بطريقة ساخرة ،فهو يقول بأنه مل من تكرار السؤال نفسه على جميع الأقنية العربية في معرض الحديث عن الكيماوي السوري وهو العالم الخبير بالحرب الكيماوية والذي يستطيع الحديث عن كل تفاصيل الحرب من أولها الى أخرها ولكنهم اكتفوا بالسؤال عن تفصيل واحد فقط لا غير ، بسبب جهل المعدين وعدم تعمقهم في شؤون الحرب السورية ، هذا الجنرال الذي ربما يمتلك ادوات معرفية في الحرب وتكتيكاتها لا يمتلكها القلائل مثله ..لم يسأل الا سؤال واحد ..وهذا مثال واحد فقط ..برنامج بوك حاول نخز الجنرال الساكت هو غيره لاستخراج الجانب المخفي من هذا الانسان الحلبي الجميل الطافح بالحياة والذي عانى ما عاناه في هذه الحرب ، كشف عن أمل لا محدود وألقى أعواد ثقاب لا متناهية في ظلام النفق الذي نمر به والذي لانعلم متى وكيف ينتهي ..

ولكن قد يعجب هذا البعض وقد لايعجبهم ولكن ليس هنالك من يستطيع منع البسمة من على شفاه السوريين بعد الان ، ولن يستطيع أحد محاسبتهم على حبهم للحياة ، لان جل اهتمام الذين رحلوا عنا كان منحنا الحق في الحياة الكريمة الحرة ..فقدر السوريين الحياة .

 تعقيب المحرر:

نحترم رأي الزميل فارس الذهبي ونود أن نوضح جملة مغالطات وقع فيها في رده على مقالنا حول برنامج (بوك):

1- نفى العميد زاهر الساكت أن يكون قد عمل في تصنيع الكيماوي ولم يطلب الغفران من الشعب، والحلقة موجودة وبإمكان القارئ والمشاهد العودة إليها (الجواب الدقيقة: 2:44) وبالتالي فحديث الزميل فارس عن انه ساهم في تصنيع الكيماوي وظهر ليعتذر للشعب، مخالف تماماً لما قاله الضيف عن نفسه!!!

2- لم نجرّم في مقالنا (كوميديا بوك الصادمة) الابتسامة في زمن الثورة، ولم نطلب من الشعب السوري أن يتكور على أحزانه، وقد جاء في مطلع مقالنا بالنص:

" ليست مشكلة برنامج (بوك) الذي يقدمه تلفزيون الأورينت، أن معده ومخرجه فؤاد حميرة، أراد انتزاع الابتسامة لنا في زمن الوجع... فلا أحد يملك قانوناً يجرم مثل هذا الهدف حتى في زمن المجازر اليومية والإبادة الطائفية والقصف بالبراميل..." وقلنا في موضع آخر من المقال:

" ليست المشكلة بالطبع أن على تلفزيون الثورة ألا يضحك... فقد كان تلفزيون الأورينت أول من شجع الابتسامات الراقية عندما اشترى في رمضان عام 2011 لوحات الجزء الثاني من مسلسل (حرية وبس) الذي يقدم لوحات ساخرة من وحي الثورة وقمع النظام وكذب إعلامه وعرضها على شاشته... لكن المشكلة أن الضحك له شروط فنية قبل أن تكون له شروطاً سياسية..."

لكن رغم ذلك، يتغاضى الزميل فارس الذهبي عن هذا، ويعتبر أن المشكلة أننا ننجرم الضحك في زمن الثورة... فالسخرية والضحك من القمع ومن الحرب ومن الأغنية الوطنية الشعاراتية شيء، والاقتراب من المآسي الكبرى بأسلوب هزلي ومستخف شيء آخر... وقد تساءلت: هل رأينا حواراً هزلياً حول مأساة مثل إلقاء القنبلتين الذريتين على هيروشيما وناغازاكي، أو حول استخدام الكيماوي في حلبجة... لكن تم تجاهل السؤال، والقفز عنه!

3- هل حب السوريين للحياة يمر بتحويل موضوع الكيماوي الذي استخدم في غوطة دمشق وأودى بحياة 1440 شهيداً على الأقل إلى مادة هزلية؟! وإذا كان الزميل فارس الذهبي يحيلنا إلى حمص، فهل سخر الحمصيون في (عاصمة الضحك)، من مجزرة كرم الزيتون أو انتجوا فيديوهات ضاحكة أو ألفوا نكاتاً عن مجزرة الحولة؟! لقد أنشاووا مشحم ومغسل دبابات حمص الدولي افتراضياً ليسخروا من طريقة انتشار الجيش في شوارع مدينتهم... وألفوا نكاتاً عن الحواجز التي انتشرت بين أحيائهم... وعن القمع في السجون، وعن الطائفية، لكنهم (طائر النكتة الحر) وهم أهل نكتة، لم يحلق عندما استشهد 60 شابا في مجزرة الطحين... لأن للموت حديث آخر... فهل سنرى بالمقياس ذاته كوميديا عن الشهيد حمزة الخطيب بجسده المعذب... كي نعبر عن حبنا للحياة أيضاً؟!

أعتقد أنه من النزاهة أن يكون دفاعنا منطلقاً من منطق إنساني حقيقي وعادل في محاكمة عملنا أو عمل أصدقائنا، منطق لا يحاول أن يقفز على حقائق الشعور الإنساني الذي يحترم المآسي الكبرى... ويضحك فيما عداها.

4- لم نزاود على العميد زاهر الساكت، ولم نخونه... وبالمعايير المهنية من يتحمل مسؤولية البرنامج بالدرجة الأولى هم صناعه، وليس ضيوفه، بل قلنا إن العميد الساكت وضع في إطار مضحك... وهو حر إن أحب هذا الإطار، لكن من حق أي أحد أن ينتقده!

5- يعتبر الزميل الذهبي أن الكوميديا ديمقراطية وممكن أن تعجب شخصاً ما ولا تعجب آخر... ولا نختلف معه في ذلك. ثمة كاتب لم تعجبه، وكتب ما يعبر عن رأيه الشخصي في ذلك، ولم يقل إنه يتحدث باسم الأمة أو باسم الشعب... أين المشكلة في ذلك إذن؟

التعليقات (3)

    فادي كايد

    ·منذ 9 سنوات 10 أشهر
    كلام موزون ومفيد

    سامر النادر

    ·منذ 9 سنوات 10 أشهر
    قرأت النقد الاحترافي للأستاذ محمد، عن البرنامج وفقرة استضافة الساكت.. تابعت الحلقة، فوجدت أن اللباقة والمهنية الصحفية التي يمتلكها الناقد محمد منصور، منعته من الافراط في تعرية البرنامج، بل أنه تكلم باليسير، ربما لأن البرنامج يعرض على شاشة الأورينت. لم أتوقع يوماً أن يتم التعامل مع جريمة العصر بهذا الشكل "الحقير" والتسطيحي والاستفزازي لذوي الضحايا من الأحياء، ولكل من يعنيهم الأبرياء الذين قتلوا بكيماوي الأسد السفاح. لقد كانت الحلقة مؤلمة جداً.

    أبو ابراهيم

    ·منذ 9 سنوات 10 أشهر
    فعلاً هالبرنامج ما الو طعمة، بس المذيعة اللي تقدمه حلوة.
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات