يستنتج المرء نقطتين هنا: الأولى ضلوع النظام في قضية الارهاب، الثانية تفكيره الطائفي. حيث يشدد بربنداي على أن:
- ( الأسد دفع معارضيه لقضاء أطول وقت ممكن في تطوير استجابتهم. ومن خلال المماطلة الدبلوماسية، اغرق الأزمة بأخبار وفبركات مصممة لتبعد الأنظار عن انحرافات الحكومة السورية. حجته المفضلة هي عن الإرهاب، إذ تتوفر له باعتباره القوة اللازمة لإحتوائه. في غضون ذلك ستسحب الأحداث العالمية التركيز الدولي عن الأزمة الحقيقة). ما هذه العبقرية التي لاتقبل غير لغة القتل؟ ثم يقوم برابندي برسم تفصيلي للسياسات التي اتبعتها عبقرية الاسد بالقول:
- ( فإن التصعيد التدريجي في إظهار العنف ضد المتضاهرين سيمر من دون رادع. الأسد بحاجة لإتخاذ خطوات من شأنها تمرير الوقت وليثبت نفسه كقوة لا بديل عنها سواء بالنسبة للمجتمع الدولي أو إلى السوريين الذين يخشون الإنتقام من الأغلبية السنية...ولتحقيق هذه الأهداف، عزا الأسد قيام الثورة السورية لأسباب طائفية وليس لمطالب الإصلاح. قام بتعزيز وجود المتطرفين في البلد إلى جانب النشطاء علاوة على ذلك،، قام بتسهيل تدفق المقاتلين الأجانب من غلاة التطرف لتهديد استقرار المنطقة وأخيرا فإن أي جهود لقتل الوقت كإتفاق تصفية الأسلحة الكيميائية وتنفيذه البطيء وعملية جنيف الذي استغل بحماس كان كفيلاً بسماح القوى الدولية له بالبقاء كحليف في الحرب العالمية ضد الإرهاب ومنح ترخيصاً لسحق المدنيين دون عقاب. ظهرت الدولة الإسلامية في العراق والشام داعش باعتبارها واحدة من الحقائق الضامنة لبقائه، لإنه ومؤيديه الإيرانيين يسعون لتأطير هذا الصراع كقضية طائفية إقليمية بين قوتين عسكرية وسنية متطرفة). رسم برابندي لهذه اللوحة المثقلة بالجريمة والسيناريوهات السوداء، لايعني أنها تمت بفعل عبقرية نظام لايفهم غير لغة القوة والدليل تسليم الكيماوي.
كل هذه الاطراف واللوحة المرسومة، على صحة ظهورها بعد ثلاث سنوات ونصف تقريبا في سورية، إلا أنها تمت برعاية عامة من النظام الدولي القائم الآن في العالم بتناقضاته ومصالحه، وليس بعبقريات آل الاسد.
ظهور الامور على هذه الشاكلة، لايعود لعبقرية نظام الاسد، بل يعود للمصالح والقوى التي تمثلها بكل حمولاتها وتناقضاتها وتجسيدات حضورها وفعاليتها، في حقل الصراع المتحرك دوما. لأنه سيخرج الاسد عبقريا بينما بن علي وحسني مبارك والقذافي وعلي صالح ليسوا عباقرة، ويخرج الرئيس الكوري الشمالي، الذي قتل زوج عمته، وجعل شعبه يعتقد أن منتخب بلاده وصل لنهائي كأس العالم 2014، ووفقا لهذا المنطق عبقري هذا القرن. القوى لا يمكن معرفتها والقبض عليها معرفيا إلا في حقل الصراع أي في الممارسة. هذه القراءة لشخصية الديكتاتور، والاعتماد على مستوى الذكاء الفطري والمكتسب لديه!! يجعل من حقل الصراع مطمورا تحت هذا الكم الباهت من القراءات السطحية. فلا يعود هنالك ثورة ولا يعود قوى لها مصلحة في اعاقتها على المستوى الدولي والاقليمي، لايعود هناك طبقات ولا طائفية ولا قتل. كأن القوى الدولية وعلى رأسها امريكا كانت نائمة وعبقرية الاسد تتصرف لوحدها!! هذا كلام منافي للحقيقة بالمطلق. امتناع الغرب هو السبب الاساس وعن معرفة بما يفعل الاسد وموافقة ضمنية...لأنهم يحتاجون الوقت أكثر من الاسد نفسه من أجل الصوملة...
لا يوجد في المنطقة خاصة بعد الحرب العالمية الثانية تقييم لنظام أو لديكتاتور أنه بارع...كي لانضيع البوصلة.. يصبح كل الشباب الذين استلموا الكرسي من الاسد الاب للابن ومبارك والقذافي وبن علي وصالح وغيرهم بارعين ماشاء الله، يوجد نظام دولي وقوى دولية ترعى الجميع ونسميها نحن براعة... وقوة قمع هائلة لا تترك لك مجالا لكي تكتشف البراعة من اساسها.. قوة قمع لا يشق لها غبار. عندما يكون هنالك قوة قمع هائلة تدعم ديكتاتور، تصبح كل تصرفاته منتهى العبقرية حتى لو قتل وشرد ملايين من ابناء البلد الذي يحكمه وفقا لهذه القوة العارية. البراعة تكمن بالسياسة وعدم القتل، تحقيق الاهداف بغير وسائل العنف المافيوية. عندما تصبح السياسة عنفا مفرطا ومطلقا، يصبح الحديث عن براعة الديكتاتور نفاق.
صحيح لا أوافق وبالضد من سياسة اوباما وفريقه وخاصة تجاه سورية، لكن الربيع العربي اثبت بما لايقبل الشك، أنه بدون أمريكا لا يوجد سوى دول فاشلة وسلطات غاشمة، لهذا ستبقى أمريكا إلى حين راعية انتشار الديمقراطية في العالم عندما تريد. لهذا أيضا يبقى التدخل رغم كل مشاكله خيرا من بطولات منظري السلمية والعسكرة. لو حاولنا استعراض دول الربيع العربي ومعها العراق ماذا نجد؟ هذا هو الدرس الامريكي أن النظام الدولي هو نظام أمريكي ومتفرعاته من النظم الاقليمية يجب ان تكون أمريكية، لهذا لا يمكن قيام نظام سياسي في هذا العصر بدون علاقة من نوع ما لامريكا بالموضوع. سواء عبر دعمه او مساعدته أو تغطية جرائمه أيضا. هذا ما ارادت امريكا أن تقوله لشعوب الربيع العربي، الديمقراطية والحرية في الشرق الاوسط والعالم العربي تمر عبر واشنطن. عندما لم تناسب امريكا انتفاضة الشعب الايراني2009 على حكامها الملالي، اهملتها وجعلت الملالي يقمعونها دون ضجيج. الدرس الامريكي لكل القوى الفاعلة دوليا واقليميا وسوريا، التغيير في العالم يجب أن يمر عبر واشنطن. من جهة كدرس للشعوب، ومن جهة أخرى درس للانظمة التي لاتزال ترى أمريكا رغم قمعها وفسادها، انها بحاجة لها، انظروا ايضا هذا درس لكم. المالكي والعراق، مرسي مصر، اليمن والقاعدة وصالح، ملالي طهران وانتفاضة 2009، الاسد وجرائمه. كيف يمكننا الخروج من هذا النفق، لأن شعبنا في سورية دفع ويدفع الثمن باهظا، لكن ليس العبقرية الاسدية هي السبب بل الاسلحة الاسدية الفتاكة: جيش طائفي اسلحة روسية وشريك ايراني طائفي وغطاء امريكي رافض!! لها. ابعد كل هذا يأتي من يقول لنا أن ما حدث من جريمة تعبير عن ذكاء الاسد!!.
التعليقات (6)