يعيش السوريون في لبنان في جو من "الرعب" الحقيقي، وهم الذين اضطروا لترك قراهم ومدنهم بسبب من سياسة القتل الجماعي التي اتبعها نظام الأسد، والتدمير المنهجي لكل أشكال الحياة، فلجؤوا إلى لبنان البلد المجاور لحماية ما تبقى لهم من حياة، فإذا بحملات عنصرية وطائفية مسيسة تستقبلهم من الذين تحالفوا مع القاتل ضدهم، استكثروا عليهم الخيام وودوا لو منعوا عنهم الهواء والماء، فحاربوهم وحاربوا من فتح لهم بيته وقلبه من أبناء الشعب اللبناني.
وقد انتشرت ليلة أمس الأحد، على صفحات (فيس بوك) صور لعناصر في مناطق ميليشيا حزب الله، وهم يعتدون على مجموعة من السوريين، حيث تعرض السوريون للضرب تحت جسر المشرفية في الضاحية الجنوبية لبيروت، كما تعرّض شاب سوري لضربة بواسطة سيف من قبل أحد المهاجمين.
وكانت مناطق لبنانية شهدت في اليومين السابقين قطعاً للطرقات وإحراقاً للإطارات، لا سيما في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، وبالتزامن، قطعت الطرقات في البقاعين الأوسط والشمال، وأقدم شبان لبنانيون في الشمال على منع مرور السيارات على أوتوستراد القلمون، كما قطعت الطريق الرئيسية في صيدا.
وأتت هذه الاحتجاجات بعد أن قالت داعش أنها أعدمت جندياً آخر من الجنود اللبنانيين المخطوفين "عباس مدلج"، مما أدى إلى حالة من الغضب والهيجان في الشارع اللبناني الذي بدأ باحتجاجات ومطالبات للحكومة اللبنانية ببذل جهدها لاستعادة الجنود المخطوفين.
ضرب وإهانة وتهجير
هذه الاحتجاجات ما لبثت أن تحولت لنشاطات عنصرية ضد اللاجئين السوريين، فظهرت عدة منشورات وبيانات، لم يعرف مصدرها، تهدد اللاجئين السوريين وتتوعدهم. كما تم حرق بعض مخيمات اللاجئين في الطيبة وبريتال والصوانية ودورس الجبل، و بعض المناطق المحيطة بعرسال.
حرق المخيمات في بريتال
وتواردت أنباء عن تعرض اللاجئين السوريين للمضايقات وتهديدات بإخلاء عدة مناطق كبعلبك ومناطق في الضاحية والجنوب اللبناني، كما تعرض الكثير من السوريين للاعتقال من عناصر ميليشيا حزب الله.
ومع ازدياد الاعتداءات وغياب أي مواقف رسمية أو تغطيات إعلامية، وترك اللاجئين السوريين نهبة للاشاعات وحملات التهديد والاعتداءات، حيث يعيش السوريون في رعب حقيقي على حياتهم وحياة أطفالهم، لا سيما مع انتشار بيانات التهديد وتعرض العديدين للتوقيف والاهانات، وقد قام عدة سوريين بفك خيمهم في عدة أماكن كبعلبك وزحلة، كما تعرض شبان سوريون للاعتداء في عدة أمكنة.
تعرفون عدوكم!
وانتشرت عبر صفحات الفيس بوك وتويتر ومواقع تابعة لميليشيا حزب الله وأنصار نظام الأسد، عدة بوستات ومنشورات عنصرية، تدعو لضرب السوريين وملاحقتهم، وتتميز هذه المنشورات بلغتها الحاقدة والتي تتطابق مع ما عهده السوريون من لغة تحريضية يستخدمها شبيحة الأسد.
كما كان من المميز المواقف الغريبة لبعض الشخصيات الاعلامية اللبنانية، فقد كتب (غسان جواد) على حسابه في تويتر " الحل يكون باجتياح عرسال ومخيماتها واخذ اهالي هؤولاء الارهابيين رهائن الى حين اطلاق سراح الجنود المختطفين" وفي تغريدة أخرى له يقول "يا أهالي البقاع، يا أبناء مقنة وبعلبك والهرمل .. يا أبناء العشائر .. تعرفون غريمكم .. تعرفون عدوكم .. اغزوهم قبل أن يغزوكم".
بيانات التهديد
وكان لافتاً أن البيانات (تجد صوراً لهم في المرفقات) التي تطالب بمعاقبة السوريين، والتي بدأت بالظهور منذ قامت داعش باعدام المخطوف الأول الجندي "علي السيد"، تتكلم باسم مناطق وأحياء أو عوائل، دون ربطها بحزب الله وحركة أمل، بل بعض هذه البيانات طالب الحزب والحركة بعدم التدخل، وأنهما بحال التدخل سوف يتم تجاهل ذلك.
يقول "معاذ السوري" المتابع لشؤون اللاجئين في لبنان:" قطع الطرقات هو شكل احتجاجي لطالما لجأ اليه اللبنانيون، لكن المقلق هو هذه البيانات" حيث أن هذه البيانات تأتي بالتزامن مع حملة عنصرية ضد السوريين على وسائل الإعلام اللبنانية التابعة لميليشيا الحزب وعون وعلى مواقعهما في شبكة التواصل الاجتماعي، وهي تخلق رعباً وخوفاً عند اللاجئين " فمعظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن".
وقد ظهرت بيانات مكتوبة بلغة عنصرية حاقدة، في عدة أماكن كما تم نشرها على مواقع الكترونية، وتقول هذه البيانات أنها تمهل السوريين عدة أيام لمغادرة المنطقة، وإلا فالويل لهم ولأطفالهم ونسائهم! والمشترك بين كل هذه البيانات أنها تصدر باسم منطقة أو عائلة، وتنفي صلتها، دون سؤال، بميليشيا حزب الله.
حملة كراهية ممنهجة
ويضيف (معاذ) أن هذه التحركات تهدف إلى ربط اللاجئين السوريين في لبنان بما تفعله داعش، وتحميلهم المسؤولية عما يجري، " تقوم جماعة حزب الله وعون واعلامهما بمحاولة لتحميل اللاجئين مسؤولية حياة الجنود المخطوفين، بالرغم من علم الجميع حقيقة علاقة السوريين بداعش ".
ويضيف معاذ بأن التشابه في البيانات ولغتها الواحدة وصدورها في نفس الوقت تقريباً يبين "أن الموضوع ليس مجرد بضعة شبان غاضبين بل سياسة موجهة من الحزب ومقصودة لاستغلال حادثة خطف الجنود"
وكان الكثير من الغمز واللمز ظهر منذ فترة عبر تصريحات عنصرية محرضة على السوريين، حتى من قبل سياسيين ووزراء في الحكومة اللبنانية من ميليشيا حزب الله وعون، وجاءت حوادث عرسال ومن ثم خطف الجنود لتكون حجة لانطلاق " حملة عنصرية هوجاء موجهة ضد اللاجئين السوريين... هناك سوريين تعرضوا للضرب والاهانة فقط لأنهم سوريين"، ويتفق العديد من الناشطين في لبنان على أن ما يجري هو أمر موجه ومنظم، ويتم تنفيذه من قبل عناصر حزب الله وبعض العصابات التابعة لأنصار النظام في لبنان.
التعليقات (12)