شهد لبنان منذ شيوع خبر ذبح الجندي اللبناني عباس مدلج على يد مجموعة من داعش، والتي إختطفته مع 11 عسكري لبناني آخرين، حالة من الهستيريا الغير مبررة إطلاقا والتي لا تنتمي إلى اخلاق الدين والعرف الإجتماعي بصلة. فمنذ ليل السبت تشهد المناطق ذو الغالبية الشيعية حالة من الضرب والإعتداء والطرد لنازحين او عاملين سوريين محملين إياهم ذنب ذبح الجندي الشيعي، على الرغم من أنه قبل أسبوع فقط، ذُبح الرقيب (علي السيّد) وهو من الطائفة السنيّة على يد المجموعة ذاتها، غير أن أهل قرى عكار (شمالي لبنان) لم يقوموا بمثل تلك السلوكيات العدوانيةالتي لا تقل ترويعا من أولئلك الذين يتطاولون ويضربون ويقتلون السوري فقط لأنه "سني"، بحسب ما يتردد في الشارع اللبناني.
على طريق المطار المحاذي تماما للضاحية الجنوبية تم الإعتداء (ليل الأحد) على 15 عاملاً سورياً بشكل عنيف جدا وبعد استخضارهم من منازلهم وإنزالهم إلى الشارع والتنكيل بهم أمام المارة، كذلك الامر حصل في عدد من أحياء الضاحية، ويقال إن حالة 5 منهم في خطر نتيجة ضربهم بآلات حادة على رؤوسهم.
وبحسب الحصيلة الاولية لعدد المعتدى عليهم في الضاحية فقط وصل إلى حوالي 42 شخص. هذا عدا عن حرق منازل لعمال سوريين في قرى الجنوب وطردهم من المناطق الجنوبية، والتهمة الوحيدة هو انهم "سُنّة".
ويتساءل مواطنون لبنانيون: "هل أصبحت حرب الموالين لحزب الله مع السوريين المدنيين من (السنة) بدلاً من حربهم التي أعلنوها ضد داعش ؟"، وعلى الرغم أن داعش قتلت من السنة ومن الجيش اللبناني السنة أكثر من 25 عسكرياً، ناهيك عن قتلها لمواطنين في عرسال وهم جميعهم "سُنّة". وتزامنت الاعتداءات على السوريين، مع خروج مشايخ من المتطرفين الشيعة ليقولوا أمام الإعلام إنهم يحاربون الفتنة وإن ليس كل السنة مذنبين بقضية داعش، إلا أن جزءاً كبيراً من الشارع اللبناني لا يثق بشعاراتهم، يقول أحد المواطنين: (هم أصلا يدركون من اطلق هذه الحركة الإرهابية وكيف قام النظام السوري بتسهيلها)، ويتساءل: "من قال لهم بأن أهل السنة هم داعشيون أو العكس".
أصبحت الحرب ضد السوريين علنية بكل وضوح، فالمتطرفون في الضاحية وعيرها من مناطق شيعية يعتبرون ان كل سوري سني هو منتمي إلى داعش، وكلما قتل شيعي إن كان من جماعة حزب الله يقاتل في سوريا أو جندي لبناني شيعي تتحول "فشة الخلق" بالسوري السني!
يتحدث لاجئون سوريون: "الذين يقتلون ويضربون ويطردون السوريين في لبنان بسبب داعش والذين هربوا من سوريا من جراء داعش ونظيره النظام المهترئ، هم ذاتهم الذين سكنوا منازل هؤلاء وأكلوا وشربوا من خيرهم خلال حرب تموز وحروب أخرى، هؤلاء الذين يعظونا امام الشاشات بنبذ الفتن ومحاربة داعش والتكفيريين هم ذاتهم الذين يكفرون السوري السني ويحللون دمه ويحرقون منزله".
في هذا السياق، تعرض مراسل قناة "ام تي في" حسين خريس (وهو لبناني علوي) للضرب المبرح ما أدى إلى كسور في جسمه وقدميه أما السبب فهو أن (خريس) كان ينقل أجواء حرق الإطارات في الضاحية بعد شيوع خبر مقتل الجندي عباس مدلج، وكيف قام شباب الضاحية بالاعتداء على السوريين، وخلال رسالته المباشرة على الهواء قامت مجموعة كبيرة من شباب الضاحية بالصراخ مع عبارات شتم لصحابة الرسول الكريم، وهنا اضطر أن يتدخل خريس لثنيهم عن التلفظ بهذه العبارات الفتنوية كونهم على الهواء (حاول خريس تهدئة الجو كونه علوي أولا ويعمل في محطة مناهضة للنظام السوري، ثم كي لا يقال إن أهل الضاحية متطرفون وتكفيريون) فنال هو الاخر نصيبه من الاعتداء، وتم إنقاذه في اللحظة الاخيرة من قبل بعض المصورين والمراسلين العاملين في محطات أخرى، قبل أن يتم إسعافه إلى أحد مشافي المنطقة.
ما حدث مع العمال السوريين خلال يومي السبت والاحد وما تعرض له حسين خريس كونه حاول منع الشباب من لعن وسب الخلفاء الراشدين، على الهواء، يعود هؤلاء أنفسهم، ليبثوا عبارات تدل على أنهم ليسوا طائفيين وأنهم مقاومين وأنهم (رجال الله على الأرض)!
التعليقات (14)