الهوية السورية الآن!

الهوية السورية الآن!
المجتمعات من سنن اجتماعها البحث الدائم عن ذاتها الجمعية، من أجل تأكيد حضورها في ضمائر افرادها، واعادة انتاج انتمائهم. من جهة أخرى المجموعات البشرية تقونن هذا الحضور بالانتماء إلى مشتركات الإنسانية فيمـا بينها، وتسمي هذا الانتماء بما يدل على الهوية كمضمون المواطنة ومفهوم الهوية الوطنية المستند على مفهوم المواطنة والمرتبط به، محوري في المفاهيم السياسية الحديثة. اللغة والجغرافية ، والتاريخ والمصالح المشتركة، هي من الروابط الأساسية وفـي بعـض الأحيان تعبر الهوية إلى أوسع من ذلك أو تتمحور على نطاق أضيق من ذلك واحيانا مافوق اللغة الواحدة، كالمجتمع السوري حيث فيه مكونات تتكلم اللغة الكردية والاشورية والارمنية والارامية التي هي لغة المسيح. لهذا نجد أن الهوية القومية أو الهوية الدينية أو الهوية العرقية أو الهويـة الطائفيـة، هـي نماذج للهوية الضيقة، ولكن هناك نموذج أوسع من ذلك عندما تكون الهوية جامعة لأكثر من قومية وأكثر من دين أو أكثر من عرق وأكثر من طائفة، وبهـذا تتجـاوز الهوية إطارها الضيق لتعبر عن المشترك الأوسع في الانتماء، وهي الهوية الوطنية التي تنتمي لجغرافية وتاريخ ومصالح مشتركة. هنا موقع بحثنا في الهوية السورية الجديدة.

"إن الهوية الوطنية مقوما له دلالته في مـذهب أنساني جديد، ليست جوهرا ميتا فيزيقياً أبديا قبليا، ليسـت ((معطـى )) محددا مسبقا ليست تراثا محتوما لا حول عنه مقذوفا بـه مـن الماضـي ومنيعا لا يؤثر فيه البعد الزمني، ولا المتغيرات التاريخية، بل هو واقـع. دينامي تأريخي زمني، لجسد تعاد صياغته وتشكيله وتنميته الهوية الوطنية لا تكتسب مقدرتها على البقاء فضلا عن مصداقيتها إلا بمقدرتها على التطور والتفاعل مـع المعطيـات الاجتماعيـة السياسـية والثقافية والتاريخية، وبوعيهـا لهـذه الخصوصـية المرنـة والانفتـاح والاستجابة النقدية".*

الهوية السورية بعد انطلاق الثورة غيرها عما قبل، والهوية السورية الآن بعد الظروف التي مرت وتمر بها سورية وثورة شعبها وشتاته الدموي على يد الاسد. تحتاج لكي تعرف نفسها من جيد انطلاقا من تلك المعطيات الجديدة. هنالك ثلاث حقول تواجه فيها الهوية السورية نفسها، بحيث يمكن لها أن تمتنع عن التجدد، والتفاعل النقدي في رموزها ومعها، هذه الحقول:

الحقل الأول: كتلة الأسد او نحرق البلد

. وهي كتلة تمثل الاشكالية الاساسية في المانع من تشكيل هوية جديدة لسورية. فهي كل رموزها تقلصت وقلصت البلد لتنظر إليه فقط من ثقب العائلة الاسدية. رموزه صور العائلة الاسدية نظام ديكتاتوري، استباحة البللاد لأن هذا حق منحه الاسد لهم. يمكن الحديث في هذا الحقل عن كل الرموز التي تريد تأبيد عائلة الاسد رغم كل ما اقترفته من جرائم، فكيف يمكن أن ينضوي هؤلاء ضمن هوية سورية جامعة، بدون آل الأسد؟ هذه العقبة الكأداء بوجه سورية جديدة. هذه الكتلة تمتلك كل اجهزة الدولة وأسلحتها، وتستخدمها كلها لقتل الشعب السوري ومنعه من الحرية.

الحقل الثاني: حقل الكتلة الاسلامية المسيسة التي ظهرت بعد الثورة

، ولولا الثورة ربما لكانت كتلة أكثريتها منضوية تحت اسلام الاسد!! اقصد مشايخه ومفاتيه. هذه الكتلة التي يشكل جماعة الاخوان المسلمين تنظيمها الأكثر تنظيما، تمايزت عن طرحهم في مايخص سورية والدولة التي تريدها الثورة وبالتالي الهوية الجديدة لسورية. هذه الكتلة وجدت ضالتها في راية تنظيم القاعدة السوداء حتى لو لم تكن هي نفسها قاعدة. رموزها راية سوداء دولة الخلافة ومعزوفة الإسلام الجهادي الدولي المصنوع استخباراتيا. هذه الكتلة مسلحة وتمتلك قوى عسكرية أكثريتها الساحقة من الذي جلبتهم هذه الراية السوداء من جنسيات مختلفة، هؤلاء أجندتهم غير سورية. رايتهم السوداء لم تكن جزء من تاريخ سورية وستكون عقبة في انتاج سورية جديدة. لأنها ذات اجندة غير سورية ولا تناسب سوري بأي حال.

الحقل الثالث: حقل التيار القومي الذي يضم بقايا يسار وعلمنجيين، احتموا بالبسطار من أجل حقوق فردية بخسة

... غالبية هؤلاء لا ينظرون لسورية إلا من زاوية حقوقهم الفردية التي لاتحوي الكرامة السياسية. هذه الحقوق التي تتعلق بالمأكل والملبس والتنظير دون التفسير والسياسة، أهم من كل هذا وذاك بالنسبة لهم كأس العرق. هذا التيار غير المتجانس عموما، ينظر مثل الاسلاميين الذين تحدثت عنهم عن خلافة علمنجية على مقاسهم يضمنها الاسد في النهاية أو أي بسطار عسكري، اهم مقولاتهم انهم مع الجيش العربي السوري- العفيشة والتدمير- وليس مع الاسد!!. هؤلاء لايمكن أن تكون رموزهم خارج مطلق بسطار.

يبقى حقلا اشكاليا عند الثلاثة الأولى هو الذي يتعلق بالاقليات غير الناطقة بالعربية كما أشرت أعلاه. واشكاليا بالمعنى النسبي للعبارة لسورية الجديدة، ما لم يتم الاعتراف بهم وبحقوهم داخل سورية الجديدة. كالكرد والاشوريين.

هوية السوريين لا يمكن أن تبنى إلا على الحرية وفي ظلها. هي الرمز الهووي الرئيسي والاساسي الذي يفتقده السوريون في إعادة انتاج أو انتادج هويتهم الجديدة. الحرية العامة والفردية في ظل دولة القانون، هي تكثيف لمذهب انساني عام من جهة، وهي الاساس الجوهري لبناء هوية سورية جديدة. لايزال الاسد ومافياتاه الحاكمة يشكل العائق الاساسي والرئيسي تجاه حرية السوريين. أما عن التنظيمات الاسلامية فهي عائق عارض لأنه عارض على الحياة السورية برمتها بعد أزالة الاسد.الحرية تجعل من الجدارن التي بناها نظام الاسد بين المكونات السورية تنهار، مهما حصل فإن سورية بدون أي مكون من مكوناتها أيضا لا هوية لها. من ميزة نظام الأسد أنه ابقى سورية وليدة اللحظة الاستعمارية، فلم تخرج سورية من عنق هذه اللحظة التاسيسية الفرنسية الانكليزية. لهذا تم ادخال اسم العربية على الدولة السورية، نتيجة انقلاب سياسي، وفهم سياسي محدد فرض على السوريين بحكم السلطة والقوة. لم تكن تعني السوريون شيئا سواء كان اسمها الدولة السورية، أو الجمهورية العربية السورية. لا تأسيس لهويات جمعية إلا بصورة جمعية تفاعلية، وهذه لا تتم إلا في أجواء الحرية. من يتابع نشوء الدول القومية في عصر القوميات يجد أن هذه الدول لم تتماسك إلا بعد انتقالها، إلى نظام سياسي فيه مساواة امام القانون داخل فضاء الحرية. الحرية هي الكلمة المفتاحية لقيام هوية سورية جديدة.

التعليقات (4)

    مراقب سوري

    ·منذ 9 سنوات 7 أشهر
    أظن أن الكاتب يكتب المقال من إحدى عواصم التحالف العربانية وأعتقد أنها دبي او الإمارات اما على أرض الواقع فليتفضل الكاتب ويدخل إلى منطقة محررة مثل ريف دمشق دوما أو ريف حلب عندان وليقيم فيها أسبوعاً واحداً ويختلط بالبشر إن بقي بشراً ليعلم من الذي يحارب النظام من اجل الحرية ومن الذي يحارب لأجندات ضيقة أقول له توجد أخطاء وتوجد بازارات تجارية بحتة وتوجد تجازات لكن كيف سيقاوم هؤلاء بدون تمويل لو كان هناك تمويلاً وتسليح جيد ما كان ليقبل من يخرج للرباط على الخطوط الأمامية وهو يعلم أنه ارتكب أخطاء

    مراقب سوري

    ·منذ 9 سنوات 7 أشهر
    أرجو توفير الكلام الذي لا ينفع أحد بدل من طروحات لتوفير الذخيرة وتوحيد البندقية ضد النظام ومن والاه من الميليشيات التي أيضاً لها أجندة الولي الفقيه والوصاية ثم إن مواطن الشارع السوري لن تفيد معه مثل هذه الآراء لأنها قد جاءت متأخرة كثيراً لأنه لم يعد يهتم إن كانت القاعدة أو غيرها من يمسك الأرض فإن ما يهم المواطن هو أن يتمسك المقاتلين بالأرض قدر الإمكان لأن خروجهم ودخول النظام يعني الإبادة ذبحاً على يد الميليشيات هذا هو الواقع ونحن الآن نريد واقع وليس كلام مثالي ولا أحلام وردية وغيرها انظر للواقع

    عمر

    ·منذ 9 سنوات 7 أشهر
    النظر من ثقب باتجاه الواقع مختلف عن النظر من خلال الواقع باتجاه الواقع

    ليث سوري

    ·منذ 9 سنوات 7 أشهر
    بدي هوية وافتخر باني انا سوري
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات