روحاني في"ديبلوماسية المآدب": النووي أولاً ثم سوريا وأخواتها

روحاني في"ديبلوماسية المآدب": النووي أولاً ثم سوريا وأخواتها
لم يكن في نيويورك الاسبوع الماضي أثر كبير لوهج الهجوم الناعم الذي بدأه الرئيس الايراني حسن روحاني العام الماضي. لم تحصل اية مصافحة بينه وبين الرئيس الاميركي باراك أوباما على هامش الجمعية العمومية . لا دردشة هاتفية بين الجانبين ولا حتى لقاء "بالصدفة" بين الرجلين في أروقة المبنى الزجاجي. لقد استعاض الرئيس الايراني هذه السنة عن هجومه الساحر ب"ديبلوماسية المآدب" ساعيا عبرها الى تسويق المعادلة الايرانية :اتفاق نووي أولا ثم تعاون في سوريا وغير سوريا.

في لقاء خاص قالت الصحافية الاميركية المخضرمة روبن رايت إنه قد يكون أكثر تأثيراً من كلمة روحاني أمام الجمعية العمومية في رسم سياسة واشنطن حيال الملفات الايرانية، جمع روحاني عشرين مسؤولا أميركيا سابقا، من الادارات الاميركية الست التي شغلت البيت الابيض منذ الثورة الاسلامية عام 1979.استضاف روحاني ضيوفه الاميركيين ، بمن فيهم وزيرة الخارجية الاميركية السابقة مادلين أولبرايت وثلاثة مستشارين للأمن القومي سابقين ، هم ستيفن هم ستيفن هادلي وصامويل برغر وبرنت سكوكروفت ورئيس اركان الجيوش المشتركة السابق الادميرال مايك مولن والعضو السابقة في مجلس الشيوخ جاين هارمن، الى مأدبة عشاء شرق أوسطي وجلسة نقاش استمرت ساعتين تقريباً.

الواضح أن اللقاء الذي نسقه مجموعة الرأي "نيو أميركان فاونديشن" كان نخبويا وضم مجموعة من "نجوم" السياسة الاميركية، الا أنه ايضا دليل على أهمية المسائل التي تربط الجانبين وقدرة الايرانيين على استقطاب مثل هذه المجموعة.

وتنقل رايت عن برغر الذي كان مستشارا للأمن القومي في ادارة الرئيس السابق بيل كلينتون، أن روحاني أخذ خمس أسئلة دفعة واحدة "وتجنب الرد على بعضها، ولم يكن مقنعا في رده على أخرى، بينما كان بعض الاجابات مهما جدا...انطباعي هو أنه يريد اتفاقا نوويا.أعتقد أنه يرى فيه ممرا مهما.(ولكن) لا أعرف ما اذا كان لدينا الحيز لذلك أو ما اذا كانت لديهم الليونة لتحقيق ذلك".

اختلفت انطباعات الحاضرين عن اللقاء.بعضهم، على غرار سكوكروفت،مستشار الامن القومي لجورج بوش الاب، شعر بأن روحاني يريد حقيقة التعامل مع الولايات المتحدة، علماً أن " أحدى مشاكلنا الاساسية مع ايران لسنوات طويلة كانت تكمن في أن الملالي...لم يكونوا يريدون التزاما حقيقيا".

تعاون في مسائل عدة

ولكن مسؤولا سابقا آخر رفض ذكر اسمه، أبدى ازدراءه لروحاني، فيما شكك آخرون في نياته.هادلي، مستشار الامن القومي لجورج بوش الابن، وصف الرئيس الايراني بأنه "رائع" و"قاس" ، حتى عندما جادل بأن المحادثات النووية "نقطة انطلاق" لتعاون مستقبلي مع الولايات المتحدة.

وعن هذه النقطة، أوضح روبرت اينهورن الذي كان حتى العام الماضي عضوا في الفريق الاميركي للمفاوضات النووية وهو الان باحث في معهد "بروكينغز" أن "الموضوع الذي كان يحاول (روحاني) التشديد عليه هو أن اتفاقا نوويا هو البوابة ، وإذا كانت ثمة ارادة سياسية في شأن القضايا النووية، ستكون هناك فرصة حقيقية للتعاون في مجموعة واسعة من المسائل.وقد ذكر ذلك أربع أو خمس مرات".

احدى هذه المسائل مثلا هي أفغانستان التي تتشارك وايران حدوداً تزيد عن 917 كيلومتراً. فبعد اطاحة نظام "طالبان" عام 2001، عملت واشنطن وطهران معا في تنسيق نادر بين الجانبين، على تأليف حكومة جديدة.في حينه كان دوبنز ووزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الوسيطين الرئيسيين في الاتفاق.وبعد 13 سنة، يبدي الجانبان قلقاً مما اذا كانت أفغانستان، التي لا تزال دولة مفككة، قادرة على تجاوز الانقسامات السياسية بعد الانتخابات المثيرة للجدل، في خضم تمرد ل"طالبان" وخفض حلف شمال الاطلسي قواته هناك.

وبناء على تجربته في ذلك البلد، قال دوبنز في اللقاء "أننا سنكون أكثر نجاحا اذا نسقت واشنطن وطهران على نحو أكثر وثوقاً". وأوضح لاحقا لروبن رايت أن " روحاني رد ايجابا.لقد أكد عمليا أن مقاربتينا متطابقتان".

عموما، كانت أجوبة روحاني "عقلانية"، باستثناء ما يتعلق بدفاعه عن سوريا، على حد قول الديبلوماسي توماس بيكرينغ الذي قال:"حاول تحقيق النتيجة المتوخاة وايجاد أشياء مفيدة يقولها".

أما في ما يتعلق بقراره عدم مصافحة أوباما هذه السنة، فقال بيكرينغ :"لما المصافحة اذا لم تحمل له جوابا على سؤال كبير وقد تسبب له انتكاسة خطرة عندما يعود الى بلده .لماذا يقوم بذلك اذا لم تكن ستدفع الكرة قدما في المستقبل في اتجاه يؤمن له فوائد عملية أو رفع للعقوبات؟".

وعلى مأدبة افطار مع الصحافيين في نيويورك ايضاً، عاد روحاني الى حديثه الهاتفي مع أوباما العام الماضي، موضحا أنهما ناقشا "في العمق" احتمال التعاون شرط التوصل الى اتفاق يضمن لطهران القدرة على تطوير طاقة نووية مستقلة من دون تطوير سلاح نووي. وعندما سأله أوباما عن تعاون محتمل في مسائل أخرى، رد عليه بمثل فارسي:"لنربي الطفل الذي أنجبناه للتو قبل أن ننجب آخر".

وتقول رايت:"نظرا الى النجاح الذي حققته الدولة الاسلامية ،يبدو الايرانيون مستعجلين أكثر هذه السنة لاطلاق عملية" الانجاب هذه.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات