فقد دعا البحرة في الحادي والعشرين من أيلول (سبتمبر) الجاري... المجتمع الدولي إلى شن غارات جوية "فورية" على مواقع جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية، وقال البحرة في مؤتمر صحافي على هامش الجمعية العامة للامم المتحدة: "علينا أن نوجه فورا ضربات جوية في سوريا. في الوقت الذي نتحدث فيه، فان مئات الاف المدنيين في شمال سوريا هم سجناء حصار وحشي تفرضه الدولة الاسلامية" على حد تعبيره.
وأضاف البحرة الذي وصفته صحيفة (النهار) اللبنانية أنه يمثل "المعارضة السورية المعتدلة".. أضاف "لتفادي الكارثة، نحن مستعدون للتنسيق مع حلفائنا لتامين أكبر قدر من التاثير للضربات ضد الدولة الاسلامية". كما كشف للصحيفة ذاتها (22/9/2014) أنه طلب من مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" تنفيذ هجمات جوية "في أسرع ما يمكن" ضد "الدولة الإسلامية في العراق والشام - داعش"، في كل من العراق وسوريا ولبنان. واوضح أن الإئتلاف "لم يطالب أحداً بإرسال قوات الى سوريا. طالبنا بتسريع تنفيذ برنامج التدريب والتجهيز وطالبنا بالضربات الجوية لوقف تقدم قوات داعش داخل سوريا"، مستدركاً أن هذا الطلب "لم يقدم كتابة"!
وسواء قدم هذا الطلب كتابة أو شفاهة، وسواء اشترط استبعاد إيران من محاربة (داعش) لأنها ماتزال تقتل الشعب السوري كما قال، فإن موقف السيد هادي البحرة كما أسرَّ لنا أحد أعضاء الائتلاف، لم يتخذ بالتشاور معهم، فمعظم أعضاء الإئتلاف (باستثناء الأعضاء الأكراد) – والكلام لعضو الائتلاف – كانوا ضد الضربة، ليس حباً بداعش، وإنما لأن الكثيرين منهم، لا يريد أن يسجل على نفسه أنه استجدى ضربات لسورية لا تصيب الأسد.. من "مجتمع دولي" لم يسمع كل نداءات استغاثات السوريين خلال أربع سنوات من الدم والقتل والدمار على مرأى ومسمع من العالم يوماً بيوم... وساعة بساعة!
السيد هادي البحرة الذي عرف بأنه كبير مفاوضي المعارضة السورية في محادثات جنيف-2، فاته كما يقول معارضوه أن يستحضر "خبرته التفاوضية" في طلب ضمانات لقاء موقف كهذا... فمالذي يضمن أن هذه الضربات لن تقو الأسد؟ وما الذي يضمن أن المجتمع الدولي سيتعامل بإنسانية أكثر من معاناة السوريين التي لا تختزلها (داعش) بقدر ما يبدو نظام الأسد صانعها ومهندسها على مدى عقود أدت أخيراً إلى هذا الانفجار؟!
لكن المهندس هادي البحرة الذي ولد في دمشق عام (1959).. ودرس الهندسة الصناعية في جامعة ويتشيتا في الولايات المتحدة الاميركية، وأمضى شطرا من حياته في السعودية مديرا لشركات عدة، وعرف باعتباره "تكنوقراط" يفهم هندسة السياسة بطريقة أخرى كما يرى بعض مؤيديه... فليس موقفه أو بيانه، هو من جعل الضربات ضد تنظيم الدولة حقيقة واقعة في سماء سورية التي تمطر موتاً، بل هي "مصالح" الولايات المتحدة وحلفها في محاربة الإرهاب... التي لا تنتظر من السيد البحرة أن يدعوها لتقوم بواجبها في حماية "الأمن العالمي"!
حسناً... فلماذا يسجل موقفاً باسم الائتلاف بالمجان؟! يقول معارضوه؟!
إذا كان الأمر قد أقر واتخذ فلماذا يتم توريط الائتلاف – ولو شكلياً- بموقف كهذا؟! ألكي يكتب عتاة التيار القومجي أن المعارضة السورية –كما النظام- ترحب بضربات التحالف... فيوضع الجميع في سلة واحدة؟!
أسئلة لا تبدو بحاجة لإجابة عليها... لكن ثمة من يجيب، أن البحرة لا يحب أن يعطي ذرائع لأحد في أن المعارضة المعتدلة تدعم الإرهاب... أو ستكون غير مبتهجة من أي حرب على "الإرهاب"...
وبالمنطق ذاته، ولأن الإرهاب صناعة، فقد كان على من درس الهندسة الصناعية... ألا يستثني مصنع الإرهاب الحقيقي (بفتح النون أو تشديدها) ضد الشعب السوري، من موقف كان يجب ألا يتجزأ في ضربات "التحالف" الذي اختزل فعالية المجتمع الدولي أخيرا!
التعليقات (13)