روسيا وداعش وإيران

روسيا وداعش وإيران
سخر جون كيري في مؤتمر صحفي في ختام اجتماع إقليمي في جدة لبحث مواجهة تنظيم الدولة في العراق وسوريا: "علي أن أقر بأنه لو لم يكن ما يحصل في أوكرانيا جديا، لكان بإمكان المرء أن يضحك على فكرة طرح روسيا لمسألة القانون الدولي أو أي أمر يتعلق بالأمم المتحدة". وأضاف: "أنا متفاجئ بالحقيقة أن روسيا تتجرأ على التطرق لأي مفهوم للقانون الدولي بعد ما حصل في القرم وشرق أوكرانيا"!

هذه السخرية تعبر عن الوزن الحقيقي لروسيا بوتين في النظام الدولي الامريكي. هذه السخرية جاءت ردا على تصريحات الناطق باسم لافروف، حيث قال المتحدث باسم الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشفيتش "من الضروري محاربة هذا الشر مع الالتزام الشديد بممارسات القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بشكل عام.. ومع الاحترام الشديد لسلامة أراضي سوريا والعراق". وأضاف أن "شن غارات على إسلاميين في سوريا والعراق دون تفويض من مجلس الأمن سيكون عملا عدوانيا".

من جهة أخرى اتهم أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني الولايات المتحدة بالسعي إلى انتهاك سيادة الدول بذريعة مكافحة الإرهاب، وقال إن واشنطن تريد مواصلة سياستها الأحادية في انتهاك سيادة الدول. لكن اطرف هذا المواقف هو موقف السلطة المافيوزية الاسدية في دمشق، حيث صرح وليد المعلم اذا ارادوا الاعتداء على سورية فيجب أن يتم العدوان بالتنسيق معنا!!.

لهذا الخلاف ليس على تدمير البلاد بل على وضع الاسد من جهة ووضع موسكو وإيران في المنطقة من جهة أخرى. هذه التصريحات والهجوم على التحالف الدولي ضد داعش لايمنع بالمقابل، التحالف الاسدي الايراني من مساومة الطرف الامريكي بابخس الاثمان من اجل أن تضم امريكا الاسد وإيران للتحالف، بوصفهما نظامين زبائنين.

هذا من جهة ومن جهة أخرى إن السياسة غير المريحة للرئيس اوباما تجاه ما

يحصل من جريمة يرتبكها الاسد منذ أكثر من ثلاث سنوات ونصف، وتساعده داعش في هذه الجريمة ضد شعبنا لمنع حريته. جعلت هذه الخطوة الدولية مثار أسئلة لايمكن المرور عليها أمام شعبنا الذي يذبح في كل لحظة. علما ان هذا الشعب هو من كان ولايزال يواجه داعش والاسد معا، لهذا تتمحور اسئلته حول: أنه يجب ضرب داعش بشدة ولكن بالمرور على قوات المجرم بشار الاسد. ما يحصل الآن بالنسبة للتحالف الدولي الجديد يظهر بوضوح شديد، مدى التقدم الامريكي في احتواء روسيا وإيران. لهذا تحاول إيران وبعض مروجيها ومروجي الاسد الحديث في اعلامهم، عن تنسيق سري إيراني اسدي امريكي ضد داعش!! هذا لن يحدث لسببين:

الأول ليس هنالك مصلحة لايران والاسد بالقضاء على داعش، غير أن هنالك جهات داخل داعش في مناطق من العراق وسورية، تقوم بجريمتها نيابة عن إيران والأسد، وأحيانا بتنسيق واضح، كما يحدث حتى اللحظة في في دير الزور والرقة وريفي أدلب وحلب وأيضا في مناطق محدودة من ريف دمشق، ماحدث في الحجر الاسود مؤخرا، من تحركات لداعش هناك وتحجيمها من قبل الجيش الحر على مرآى من قوات الاسد وميليشياته.

حتى لو كان في نية اوباما تحديدا التنسيق سرا مع إيران في بعض المعطيات الامنية، لكن اوباما وطاقمه يدركون أن ايران والاسد، يريدان التنسيق معه للعدوان على الشعب السوري كله، مقابل ضمان امريكي ببقاء الاسد، وايقاف الضغط على إيران في بعض الملفات. لهذا التنسيق مستبعد.

الثاني: إيران تدرك ونظامها الاسدي أن أمريكا ليست اوباما، لهذا لا تجد مصلحة لها في تسليم اوراقها الداعشية لامريكا دون ضمانات واضحة، كما فعلت سابقا مع بعض أمراء القاعدة. ثانيا اوباما يريد ترك الملف للانتخابات الامريكية القادمة بعد اقل من سنتين، وليس في جعبة احد وخاصة الاسد وايران أين ستتجه السياسة الامريكية. بعد كل هذا من الطبيعي ان يسخر كيري من لافروف ومن الدور الروسي برمته، عندما تريد امريكا أن تتقدم، والاهم أمريكا أكثر من تدرك الدور الاستخباراتي الروسي والايراني والاسدي في حركة داعش، لن يربح نظام الملالي من أمريكا مهما فعل، سوى أن يضمن عدم محاولة أمريكا والغرب، في دعم المعارضة الإيرانية من أجل اسقاطه، أما أن يبقى في هذه الحالة في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، فهذا أمر اظن أنه قريبا سيصبح من الماضي.

لهذا إيران تبحث عن كل السبل من اجل ألا يلعب الغرب بوضعها الداخلي المأزوم.

النظام الايراني جاهز لكي يتحول أيضا إلى نظام مجرم أكثر مما هو عليه لكن هذه المرة بحق الشعب الايراني، الذي بدأ يشعر أن ثرواته التي صرفها الملالي على مشروع ولاية الفقيه تزيده فقرا، والنووي ظهر الآن بوصفه خردة عند أمريكا والغرب عموما، ولم يستفد المواطن الإيراني منه شيئا. لهذا إيران لن يسمح لها بالكسب، ومن يعتقد أن بحاجة إلى أية ركيزة إقليمية، أظن أنه لايعرف التحولات التي جرت في العالم في العقدين الاخيرين، والتي يمكن اختصارها بالتالي "الانتصار الأمريكي في الحرب والباردة وما تلاه".

أمريكا موجودة في كل العالم وخاصة الشرق الاوسط بكل حمولتها الاقتصادية والسياسية والعسكرية والثقافية، فهي لم تعد بحاجة لوكلاء لتدفع لهم. لهذا لن تسمح لا لروسيا ولا لايران من قطف ثمار تواجدها وماكلفها هذا التواجد. يجب ان تعود روسيا بوتين إلى داخل حدودها وكذا الحال وأكثر بالنسبة لملالي طهران.

لهذا، حرب اوباما على داعش لن تنتهي قبل مزيد من تحجيم هذا الدور ولو كان على حساب شعبنا السوري. منذ تشكل التحالف الدولي ضد داعش، والحديث يجري عن تنسيق مع الأسد وإيران. حركة الطيران العسكري لقوى التحالف ألا تحتاج لتنسيق في الاجواء السورية وطائرات الاسد تقصف المدنين؟ أم يتم ابلاغ الاسد بموعد الهجمات قبل وقوعها؟ أم انه لا حاجة لذلك باعتبار ان القصف يتم على المناطق التي خارج سيطرة الاسد؟.. أسئلة تحتاج لاجوبة رغم كل ما يقال بالميديا.

التعليقات (2)

    تحسين الضبع

    ·منذ 9 سنوات 7 أشهر
    تحليل منطقي و أسئلة مشروعه. السؤال المشروع أيضا لماذا السعودية وماهو دورها في هذا التحالف وخاصه بعد سقوط بيروت . دمشق. بغداد. صنعاء . تحت الإحتﻻل الإيراني.

    تحليلك هالمره غير منطقي رغم احترامي الكبير لمقالاتك

    ·منذ 9 سنوات 7 أشهر
    مع أني من أكثر القارئين لتحليلات السيد غسان المفلح لكونها دقيقه ومقنعه ويتبين صحتها مع الايام , ولكن هذه المره اجد تحليله مفعم بالامل وبعيد عما يجري.لان هناك أمر واضح وهام وهو عدم جديه امريكا بالقضاء او حتى محاربه داعش رغم مهرجان الطيران الدولي المهزله!.داعش تتقدم بارتياح شديد بسوريا وكأن هناك اتفاق مسبق بين امريكا وداعش وايران على المناطق التي يسمح للدواعش بالتمدد فيها. مبدأ عسكري مهم نتجاهله هو ان هناك كثير من الدول تشارك بالتحالف لامر واحد فقط هو تدريب طياريها على الطلعات الجويه الحقيقيه وضرب اهداف حقيقيه بقنابل حقيقيه مثل دول الخليج واوربا فهذه فرصتها الوحيده لذلك!اما الدول المصنعه للطائرات مثل فرنسا وامريكا وبريطانيا فهذه فرصتها لتجربه طائرات جديده او مطوره او تجربه القدره التدميريه ودقه قنابل جديده صنعتها ولكن لم تكن هناك فرصه لتجربتها!أما ما قاله الاخ غسان المفلح عن تحجيم امريكا لايران فاكرر التعليق الاول هو كيف تحجيم واليمن اصبحت محاظه ايرانيه ولحقت سوريا والعراق ولبنان!
2

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات