أهل السنة أم سنة الأهل؟!

أهل السنة أم سنة الأهل؟!

بين خطابين الأول: الذي أطلق على المسلمين الذين يعتنقون سيرة النبي محمد، تجربة تاريخية واقوالا- الاحاديث النبوية- وجعلها معيارا مقدسا يقارب معيارية القرآن الكريم. ربما عند بعضهم ادنى مرتبة معيارية، لكنها عند المتشددين هي عنصر اصيل من المعيارية الشريعية الاسلامية ( قرآن وسنة) ابن تيمية نموذجا حيث يقول :"السنة هي الشَّريعة، وهي ما شَرَعَه الله ورسوله من الدِّين". كل هذا في مواجهة الاجتهاد والبدع وما شابه. حتى أنه عرف الشريعة بالسنة وليس العكس. كي يضع حدا تكفيريا لأي معنى آخر.

الشريعة هي السنة. هذا الخطاب تم تمريره واصبح نفسه معيارا مقدسا جديدا عند اتباع الرجل وغيره من العلماء المسلمين اثناء الخلافة العثمانية. الاخوان المسلمين والايديولوجيات الجهادية تأخذ بذلك.

هنا يجب التمييز بين الايديولوجيات الجهادية، وبين تحولها إلى تنظيمات عابرة للحدود وما فوق وطنية، حيث تصبح مؤسسات سياسية وعسكرية، تمارس ارهابها ليس بناء على تلك التعاليم بل بناء على اغراض راهنة، تجد سندها في هذه المعيارية الايديولوجية. عندما لا تجده تخلقه. اعلان ابو بكر البغدادي نفسه خليفة للمسلمين. سنخصص لهذه النقطة مادة لاحقة.

الخطاب الثاني: هو الذي يتمحور على مقولة قارة لا تحول ولاتزول: أن أهل السنة هم مصدر الارهاب في العالم. في كلا الخطابين يغيب الأهل الفعليين وتجربتهم اليومية عن الحديث. يقتلون على يد داعش البغدادي مثلا ام على يد داعش وحالش الاسد- إيران. هم في تجربتهم اليومية مكان قتل واضطهاد وتنكيل وجريمة دولية في سورية. فهل كان للسنة أهل قبل الثورة؟ اقصد الأهل المفترضين نظريا وايديولوجيا في الخطابين المذكورين اعلاه؟ في الخطاب الأول محاولة لاختراع كهنوت سني!! هو غير موجود لا في القرآن ولا في سنة نبيه، ولا في التجربة التاريخية. من يقرأ التجربة الاسلامية بعد الخليفة عمر بن الخطاب يجد انها تجارب كلها دنيوية، حتى معيشة الخلفاء جميعهم الذين أتوا بعده كانت تتنازعهم صراعات السلطة والحياة وكانوا دنيويين أكثر مما هم دينيين، هذه هي الحياة أقصد هذه سنة أهل الحياة. لهذا تسقط مقولة الحياة بكل تفاصيلها من الخطابين المذكورين.

معاناة الافراد وحقوقهم تغيب عن اللوحة. واقعهم تشردهم نزوحهم قتلهم وتدمير حياتهم. كل هذا يغيب عن هؤلاء. حتى عندما قامت داعش بالهجوم كمثال على شنكال ومسيحيي الموصل، لا أحد أتى على ذكر ما فعلته داعش بسنة سورية وفقا لنفس القول!! جرائم داعش بشكل اكيد كانت ضد سنة سورية منذ اعلان انشقاقها عن القاعدة. مع ذلك يغيب هذا المعطى عن كلا الخطابين. بين أهل السنة والجماعة عند الإسلاميين، وبين سنة الأهل عند العلمانويين على اساس هم الحاضنة الشعبية لداعش، يغيب اهلنا ومعاناتهم. ماذا فعل واجرم الاسد وداعش بحقهم. هذا يعيدني إلى فرضية كنت قد طرحتها قبل سنوات الثورة، حول أن الاسلاميين غير معنيين بالحقوق الفردية - حرية المعتقد والتفكير والمأكل والملبس..الخ واهتمامهم ينصب على الحقوق العامة، التي تؤدي للوصول للسلطة، حق التظاهر وتشكيل الاحزاب والاعتراض الخ. بينما هؤلاء العلمانويين أنفسهم، يحتقرون الحقوق العامة ويقدسون الحقوق الفردية، لهذا هم مع العسكر. في كلا النموذجين تغيب حياة الناس اليومية ومعاناتهم، لهذا أيضا نجد السياسة في عرف الطرفين حقل عاقر، وسخ وشطارة وتقية وحيادية متواطئة!! رغم أن الفعل السياسي من المفترض أن يكون المترجم الخصب والمختبر لكل للاطروحات النظرية والمعرفية والايديولوجية والاخلاقية.

لهذا تغيب جماهير المخيمات والمعتقلين والتضحيات التي قدمها شعبنا، تغيب معاناة كل هؤلاء. عندها نسأل: بين أهل السنة وسنة الأهل أين هم أهلنا السوريين؟

التعليقات (4)

    ابو زلفو

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    قمة الابداع في صياغة وابتكار العنوان ؟؟؟ وكأنك يامفلح تكتشف كروية الارض للمرة الخمسون بعد المليون بس مو ناقصك الا دراعين شاش ودقن ب بلاش مشان تصير .... سماحة او فضيلة الكتابة موصف حكي ... اذا ماعندك شي ذات قيمة افسح المجال لغيرك

    العبادي

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    مع وافر الاحترام وكبيره بخطابك هذا وتحليلك تكبر داعش ويكثر انصارها من اول فقرة تدل على عدم علمك بالاسلام وسماحته وايضا حدوده ومنهاجه نرجوكم عدم الزج بانفسكم فيما لا تعلمون وتخدمون به الدواعش التكفريين يقول : "السنة هي الشَّريعة، وهي ما شَرَعَه الله ورسوله من الدِّين" فهذا القول هو عقيدة الموحدين ولو رجعت الى كلام ابن تيمية في حربه على الخوارج والتكفيريين لنجحت في ابعاد ومحاربة دواعش العصر

    yasser kh

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    ارجو عدم الخلط بين مصطلحات شرعية اسيء استخدامها وبين من سخرها لخدمته وهو ابعد الناس عنها وبنفس الوقت عدم الخلط بين المشاعر والعواطف والاحاسيس والمعانات الاجتماعية التي نعيش ونكابد يوميا وبين تحميل الشرع الحنيف وتعاليمه المنبثقة من العليم الحكيم الخبير اللطيف سبحانه وتعالى واستخدامها لضرب الشرع او المشرع او الداعي للشرع بقصد او بدون قصد وشكرا

    سعيد

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    مقالة رائعة وعميقة بكل المقاييس فهناك خطف للاسلام بواسطة اشخاص نحن نقدسهم لسبب ان السلطان قدسهم الشكر
4

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات