التضييق على اللاجئين السوريين: حصار.. قصاص.. أم تلقين دروس؟

التضييق على اللاجئين السوريين: حصار.. قصاص..  أم تلقين دروس؟

منذ الأيام الأولى لتصاعد همجية نظام الأسد إزاء الاحتجاجات التي اندلعت ضد حكمه، والإمعان في ارتكاب المزيد من المجازر الجماعية بحق أهلنا على امتداد الجغرافيا السورية عموماً وفي حوران خصوصاً، سارع الأردن مدعوماً من الأسرة الدولية بتجهيز المدارس وبعض أماكن اللجوء وصولاً لإقامة مخيم (الزعتري) في تموز يوليو 2012 في محافظة المفرق شمالي الأردن، وبدأت موجات نزوح العائلات الى الأردن الذي فتح ذراعيه لاستقبالهم، وشيئاً فشيئاً أخذت السلطات الأردنية تضيق الخناق على الهاربين من الموت، بل ووصل الأمر إلى إطلاق النار الحي على كل من يحاول الاقتراب من الحدود الأردنية، واستشهاد العشرات من جراء ذلك!

مسلسل مؤتمرات المانحين

!

وبين تضييق على جموع المنتظرين في ظروف مناخية قاسية وقبول بعض من تلك الجموع بمزاجية مقيتة، وصلت أعداد السوريين الى ما هي عليه الآن، وبدأ مسلسل مؤتمرات المانحين، والشكوى، وطلب المساعدات الدولية للأردن للقيام بواجبها الانساني اتجاه السوريين المقيمين في مخيمات اللاجئين في الأردن، واقتطاع مخصصات الجهات المعنية المعلن وغير المعلن، وإثراء العديد من الجهات والشخصيات والدوائر من الرسوم والأتاوات التي باتت مفروضة دون وجه حق على السوريين هناك، حتى باتت رسوم توثيق عقود الزواج ما يقارب من 450 دينار أردني (800 دولار أمريكي)، واصدار تصاريح عمل لمن يرغب برسوم تقدر بـ 400 دينار (700 دولار أمريكي)، حتى جاءت كوبونات مفوضيات شؤون اللاجئين، وانفلات اسعار المواد الغذائية من عقالها، وارتفاع ايجار المساكن الرديئة الى أكثر من خمسة أضعاف ما قبل وجود السوريين هناك، وصولاً إلى إقدام مفوضية شؤون اللاجئين إلى إعلانها البدء بحرمان أكثر من 800 عائلة سورية من المعونات المعيشية، بحجة أن تلك العائلات قادرة على توفير متطليات العيش؟

أية معايير؟!

ترى وما هي المعايير التي تم اتخاذ القرار عليها، وماهي المعطيات التي تم اعتبار تلك العائلات قادرة على متطلبات العيش؟!

لا أحد يعلم عنها شيئاً، حيث تلقت أعداداً كبيرة من السوريين هناك رسائل نصية تفيد بقطع المساعدات عنهم ؟ وهم في الأصل يعيشون ما دون خط الكفاف باستلام كوبونات الإعانة، حيث فقد السوريون قيمة مدخراتهم المالية، وطوال السنتين الأخيرتين تم استنزاف أية مبالغ يمتلكها معظمهم، للانخفاض الكبير في قيمة الليرة السورية أمام العملات الأخرى، وهنا تكتمل حلقات المؤامرة من أجل تركيع السوريين عبر محاربتهم في لقمة العيش، والقصاص من تلك الإرادة النادرة التي أبداها السوريون في مقاومة أبشع الأنظمة الدكتاتورية دموية، وخذلان الأسرة الدولية، ليكون السوريون في بلدان اللجوء على كف عفريت، تلاحقهم سلطات تلك البلدان في سوق العمل، وتهددهم بالطرد، والقذف عبر الحدود السورية، بعد حجب المعونات الدولية عن معظمهم، في الوقت الذي بات فيه السوريون الأكثر عوزاً من أي شعوب تعرضت الى أي نوع من التهجير والإبادة في التاريخ الحديث.

إعانات المغتربين أين هي؟!

قد يتعلل البعض والمنظمات الأممية بانخفاض الموارد المالية والمعونات والمساعدات التي تقدمها الجهات المانحة؟ والإعلان عن عدد من المبررات الواهية، وقد تكون من بينها أن بعض السوريين يتلقون بعض المساعدات من ذويهم المغتربين في دول الخليج، وهنا نتساءل: وهل هؤلاء قادرون فعلياً على تقديم ما يكفي لأهلهم الهاربين من الموت في الأردن وغيرها...؟؟؟ وما هي مداخيل هؤلاء في دول الخليج؟؟ حيث يقدر مستوى تكاليف معيشة عائلة متوسطة من أربعة أفراد مع اب وام في الأردن الى 800 دينار أردني بين ايجار المسكن وتوفير الاحتياجات الأساسية والاستطباب .....؟ في حين يعتبر ذلك المبلغ عالياً جداً حتى على المغترب العامل في دول ا لخليج ، حيث لايصل دخل معظم هؤلاء المغتربين في دول الخليج على نصف ذلك المبلغ، فكيف يمكن لعائلة ذلك المغترب العيش في حال حجب كوبونات الاعانة من المنظمات الانسانية في الأردن وغيرها؟؟

يعيش معظم السوريين اليوم في قلق وتوجس من الأيام القليلة القادمة، رغم المعاناة التي يعانيها اللاجئ السوري في الأردن، واجراءات التضييق عليهم في كل تحركاتهم وتنقلاتهم، دون أي اعتبار انسانية أو حصانة لاجئ ، تحفظها قوانين وأنظمة وتشريعات منظمات حقوق الانسان، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، حيث يتم فبركة أي تهم بحق المقبوض عليهم لأتفه الأسباب لتحيلها الى دواع واستنتاجات أمنية دون مساءلة أو اي اعتبار لأي من الجهات والمنظمات الأممية بحجة السيادة؟؟ وكان ما أقدمت عليه السلطات الأردنية مؤخراً من ابعاد عدداً كبيراً من الجرحى والمصابين باصابات بليغة وبتر في الأطراف تستوجب العلاج والمتابعة الطبية والعلاجية من مستشفى المقاصد الأردنية في عمان وقذفهم على الحدود الأردنية السورية (درعا)، مع أعذار واهية وتصريحات وتهم غير لائقة بحق مرافقيهم ......

المقيمون: غرام وانتقام!

يتعرض السوريون في بلدان اللجوء وخاصة المقيمين في بلدان عربية شقيقة الى أسوأ انواع المعاملة بعيداً عن أي اعتبارات انسانية أو احترام لأي قوانين وتشريعات خاصة بحقوق الانسان، رغم ما قامت به تلك الدول من الاستفادة والتكسب من جراء الكارثة التي ألمت بالشعب السوري، والتي كان في معظمها نتيجة لخذلان تلك الأنظمة والأسرة الدولية للسوريين في ثورتهم في وجه النظام الدكتاتوري القاتل، خشية على تصدع تلك الأنظمة، والمخاوف التي زعزعت عروشهم المتهاوية من أن نجاح الثورة السورية في التخلص من أعتى الأنظمة الدكتاتورية في التاريخ أن يكون أمثولة للشعوب المقهورة، وبالتالي التريث المبطن ليكون ثمن ثورة السوريين عالياً جداً؟؟ لايدفع بأي من الشعوب المقهورة التفكير جدياً على دفع مثل تلك الأثمان، وما يجري في وضع العصي في عجلات عربات ثورات الربيع العربي خير دليل على تهافت الأنظمة العربية على عرقلة وصول تلك الثورات الى مآلاتها الطبيعية في الاستقرار والأمان وإنشاء أنظمة ديمقراطية تحترم آدمية الانسان، وتقيم دول المؤسسات التي لن تبق للأنظمة المحنطة وجوداً أو مسوغاً للديمومة، ما يهدد مصالح ومكتسبات الدول الراعية لتلك الأنظمة؟؟؟

من تمكن من السوريين النجاة والهرب من الموت المحتم في سوريا، يحاربه الأشقاء والأصدقاء، بحجب أية مساعدات أو هبات أو تقديم أي برامج خاصة بمجتمع منكوب، والامعان في محاصرته في بلدان اللجوء، ولايمكن القفز فوق حقيقة أن أكبرالأخطار التي تهدد مستقبلنا كسوريين انقطاع أبناءنا عن متابعة التحصيل العلمي في مختلف المراحل، ولم تبادر أي من الدول الشقيقة والصديقة والقادرة على ذلك في توفير امكانيات التحاق أبناء السوريين في الدراسة والتحصيل، لتكتمل حلقات استهداف السوريين أينما حلوا..... واقفال أبواب بلدان العرب في وجه السوريين، واجبار السوريين على الابقاء على تواصل مع سفارات النظام المجرم، ودفع أتاوات اجبارية مذلة تحت عنوان تجديد جواز السفر؟ وانتشار مافيات النظام التي جمعت ملايين الدولارات من الاتجار بجوازات السفر للقادرين على الدفع بالعملة الصعبة، ليكون ذلك مصدر ابتزاز جديد يقوم به النظام وأعوانه لمصالح شخصية، ومحاولات استهداف السوريين هو العنوان الأكثر وضوحا، لمرحلة أكثر سوداوية في التعاطي مع الشعوب الحية وصاحبة الإرادة؟

• صحفي سوري مغترب

التعليقات (3)

    لاجئ سوري

    ·منذ 9 سنوات 5 أشهر
    والله انها كلمات في الصميم نعم ان هذه الكلمات هي فعلا ما يدور في خلد كل لاجئ سوري في دول تعتبر شقيقه لكنها ليس للشعب السوري بل للنظام السوري لقد وضعت اصبعك على الجرح تماما وفقك الله ورعاك

    ابو عمر

    ·منذ 9 سنوات 5 أشهر
    هذا الكلام صحيح 100%وأبعد من هيك أن بعض الدول أصبحت تخوف شعبها بأن لايتكلم أو ينتقد أو يطالب بﻹصلاح كي لايحصل له كما حصل بالسوريين . يعني إستخدموا مأساة الشعب السوري لترهيب مواطينهم ايضا .وبالنهاية كثرة الضغط على اللاجئين رح تخلي الغالبية ترجع وتسلم أمرها لله بحكم النظام الطاغية.

    الدكتاتوريين و العسكريين العرب تواطئوا مع الأسد

    ·منذ 9 سنوات شهرين
    لصد الرياح الهوجاء للإنتفاض العربي لكن هذا التواطؤ سلاح ذو حدّين فاليوم المواطنون العرب في شتى بلدانهم ينتظرون من يخلصهم من الإستبداد حتى ولو كانت إسرائيل نفسها لتقوم بتلك المهمة .... لِمَ لا؟
3

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات