توتر: بضعة أعلام للنظام تواجه المئات من رايات الدروز!

توتر: بضعة أعلام للنظام تواجه المئات من رايات الدروز!
استطاع الرئيس السوري بشار الأسد على رغم ثلاث سنوات من النزاع الداخلي، الحفاظ على ولاء الكثير من الأقليات الدينية المختلفة في البلاد أبرزها المسيحيون والعلويون والشيعة. ويبدو أن هذه الأقليات التي تمثل نحو ربع تعداد السوريين، ما زالت تفضل استبداد الأسد على المستقبل المبهم إذا هيمن المتطرفون على البلاد، غير أن الطائفة الدرزية بدأت تنأى بنفسها عن النظام.

ويقطن دروز سورية بغالبيتهم في محافظة السويداء الجنوبية قرب حدود سورية مع الأردن، وتأتي معارضتهم المتزايدة للنظام، بالإضافة إلى عدائهم العميق للمجموعات المتطرفة، في وضع تلك الطائفة المؤثرة في موقع استثنائي. إذ يمكن للأقلية اليوم مساعدة التحالف الدولي الناشئ في تغيير توازنات الحرب السورية والقتال ضد «القاعدة» وتنظيم «داعش».

ومنذ اندلاع الثورة السورية، كان من الصعب تحديد ولاء الدروز السياسي، خصوصاً أنهم يميلون إلى إخفاء اقتناعاتهم السياسية. وكالعديد من السوريين المقيمين في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام، يخشى الدروز أيضاً من إبداء معارضتهم لحكم الأسد. إلا أنه خرج حديثاً بعض رموز الطائفة الدرزية إلى وسائل الإعلام ليعلنوا مشاعرهم المناهضة للنظام. فبعد أن كان شيوخ الدروز يثنون على الأسد، أصبح عدد منهم اليوم يتحدث علناً بلغة المطالب والإنذارات.

وأكثر ما يضايق الدروز هو أن الأسد لم يقدم لهم السلاح الكافي للدفاع عن أنفسهم ضد هجمات جبهة «النصرة» الموالية لتنظيم «القاعدة». فمنذ قيام الثورة الشعبية ضد النظام السوري في 2011، قدمت الحكومة السورية السلاح للقوات الموالية للأسد فقط، والمقصود بهم ميليشيا الدروز الموالية للنظام. ولكن مع تصاعد وتيرة الهجمات، بدأ العديد من الدروز، المطالبة بالأسلحة لأنفسهم، بدعوى أن المليشيات التابعة للنظام لم تحمهم كما ينبغي. فخلال تشييع لمقاتلين دروز في 17 أب (أغسطس) الماضي، ألقى شيخ خطبة نارية طالب فيها بالأسلحة الثقيلة، وحذر من أنه إذا فشل الأسد في تقديم تلك الأسلحة، فلن يتردد الدروز في الحصول عليها من مصادر أخرى. وقد لفتت تلك الخطبة إلى الانقسام المتزايد بين مؤسسة الدروز الدينية والنظام السوري.

وفي إشارة أخرى إلى هذا الشرخ المتنامي، دعا الدروز أيضاً إلى إقالة المسؤول الأمني عن منطقتهم، وفيق ناصر. وكانت هذه الحملة قد بدأت في نيسان (أبريل) الماضي، بعدما اعتقلت قوات النظام، بقيادة ناصر، شيخاً درزياً بارزاً لمعارضته الاحتفاء الإجباري بإعادة انتخاب الأسد. وبعد اعتقاله، ظهرت تسجيلات مرئية على الإنترنت وفيها مسلحون يرفعون علم الدروز ويطلقون النار في الهواء، مطالبين باستقالة ناصر، بغضب عاصف أعاد إلى الأذهان الأحداث التي أشعلت الثورة السورية في الأساس. ولإبراز التضامن، أعلن بعض أعضاء مليشيات الدروز الموالية للنظام الانضمام إلى رجال الدين. غير أن النظام رفض إقالة ناصر، مما زاد العلاقات توتراً.

وقد اتضحت هذه التوترات أكثر في آب (أغسطس) أثناء تشييع عدد من مقاتلي الدروز، في حضور الآلاف في المجمع الرياضي لمدينة السويداء. وظهر في الأشرطة المصورة عدد ضئيل من الأعلام السورية، مقابل المئات من رايات الدروز. بعدها، وفي حالة من القلق، أرسل الأسد في 2 أيلول (سبتمبر) الفائت اثنين من أبرز رجاله الدروز ليقدما رسالة إلى قادة الدروز مفادها: «أنتم تطلبون من الدولة الوفاء وهي تطلب منكم الولاء».

الأسد بحاجة إلى الدروز. فهم يمثلون حاجزاً استراتيجياً يفصل دمشق عن المناطق التي تسيطر عليها مجموعات المعارضة في جنوب البلاد. ولكن ما لم يكن التحالف الدولي مستعداً لتغيير معادلة الأسد بقرار منهم بدعم الدروز، سيظل الأسد على المسار نفسه، وسيظل الدروز محاصرين بين نظام مستبد هم بحاجة إليه على مضض والمتطرفين الذين يخشون انقضاضهم عليهم.

* أستاذ محاضر في جامعة مريلاند الأميركية، مدير شركة «غلوبل بوليسي أدفيسرس» للاستشارات السياسية في واشنطن

التعليقات (6)

    تعبنا من اقناعكم اننا لسنا مع بشار فالبناقص ما تفهموا!

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    والله انا كدرزي لا أوافق إطلاقاً أن نكون وقود حرب التحالف ضد داعش.ليس حبا بداعش فهي ابعد ما تكون عن الانسانيه وعن البشر ولكن التحالف لا يريد محاربه داعش بل يريد تطويعها لصالح اهدافه وبالتالي الدروز ليست ارواحهم بأرخص من غيرهم ليكونوا مطيه للتحالف.هناك جيش حر تم تهميشه مقابل تشجيع وتمويل داعش وزهران علوش وبقيه من اخرجهم بشار من سجونه.والى ان يتم العوده الى مبادئ الثوره من حريه عداله مساواه ودستور يساوي بين الجميع الى ان يتم العوده لهذه الثورة فلا تلوموا الدروز ان وقفوا على حياد فهل تتوقعون ان الدروز سيقفون مع زهران الذي يصف الجيش الحر بالعلمانيين المرتدين! ام مع داعش وامثالها!وبخصوص ان الدروز موالون للنظام فلا داعي للتذكير والمزايده لان معظم وزراء حافظ ومعظم وزراء بشار ورستم غزاله وعلي مملوك وهيثم بياع سنه ومن اهل درعا! تعبنا من اقناعكم اننا لسنا مع بشار فالبناقص ما تفهموا! ومعظم رقباء وضباط مخابرات فرع السويداء الذين حققوا معي ومع اسرتي على مدار ١٥ سنه معظمهم درعاويين فكفى لوما للاقليات فوالله لو مات كل الدروز على يد بشار لما توقفتم عن اتهام الدروز بالعماله لبشار

    الليث السوري

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    لا احد يلوم الدروز ولكن نلوم من جعل من الثورة مطية ليصل بها الى اهدافه الشخصية عن طريق مناع تارة وعن طرق اخرى والظاهر ان الجميع يحملون فكر الاسد فالمنفعة الشخصية هي الاساس و بامكان الجميع ان يتاكدوا فخطاب الناشطين الدروز لا يتناسب مع تضحياتهم وما غنموه من مكاسب لا يتناسب ابدا مع ما قاموا به وكان اولى من باب المصداقية ان يترفعوا عن المكاسب لكن الكل سيحاسب سنيا ام علويا ام درزيا على ما فعل وما قدم وماذا كسب والتاريخ لايرحم و ثوار الداخل لن تسكت على من قتل اطفالهم النظام ام مرتزقة الثورة

    عادل

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    شر البلية ما يضحك عندما يأتي من يقول الدروز ليسوا مع النظام طيب كلام حلو فالماذا تسمحون لطائرات والقذائف والصواريخ والمليشيات تنطلق من مناطقكم كجرمانا والسويداء وغيرها وفي الخبر يقولون نربد من النظام ان يزودنا بسلاح الثقيل ولماذا يزودهم بسلاح الثقيل بطبع لكي يشاركوا مع النظام في قتال المعارضه لن نضع رؤوسنا برمال بحجة مراعات الاقليات ونحن لاربع نشاهد الجميع يتكالب علينا بل العالم اجمع واستخدم ضدنا كافة الاسلحة الفتاكه بأنواعها

    ِAmer

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    السويداء لن تدعم ثورة التطرف وبذات الوقت لم تعد ترضى أن يقتل أولادها في حلب و الحسكة لأنها أقليات منغلقة . ولن تتردد هكذا أقليات في المستقبل بأن تظهر علامات الاستقلال خارج إطار الوطن سوريا . فعند انتشار الفوضى وهبوب العاصمة لا أحد يكترث إلا بحماية بيته !

    حسان طحان

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    أعتقد بأنه لا يوجد أقليات في سوريا!. ولأن كل الأقليات والأكثريات سواسية تقبلت الفساد والنفاق وتمرير المصالح الخاصة ؛ومارسته مع النظام الفاسد وسكتت على الظلم .. الأقلية الوحيدة في سوريا هي ؛ هم أؤلئك السوريون الذين ثاروا سلمياً وتلقوا الرصاص بصدورهم فداءً للكرامة وسوريا حرة . وهذا لا يعني إن الشرفاء الذين حملوا السلاح لاحقاً دفاعاً عن المستضعفين من هذا الشعب ؛ بوجه إجرام السلطة وشبيحة النظام ؛ هم على خطأ.. بل هم السوريون الأحرار.. إنهم النبلاء وأبناء الأرض السورية والتراب الطاهر ؛ إنهم الثوار.

    محمد

    ·منذ 9 سنوات 6 أشهر
    سؤال بسيط و نزيه: لاحظت في الآونة الأخيرة كثرة المقالات التي تتحدث عن الدروز على انهم طرف محايد وانهم وانهم وانهم مع العلم بأنني لم اسمع طيلة الاعوام الأربعة المنصرمة (عمر الثورة) كلام مثل هذا الكلام. ولأجل المصداقية: هل لكم أن تتكرموا وتعلنوا اسماء القتلى الدروز الذين سقطوا وهم يقاتلون لجانب النظام؟ من عناصر جيش وأمن وشرطة وشبيحة؟ لا أعتقد بأنكم سوف تفعلون هذا ولن تفعلوه.
6

الأكثر قراءة

💡 أهم المواضيع

✨ أهم التصنيفات