ملاحظة آخرى تجدر الاشارة لها أيضا، أن الاسلام السياسي اللبناني عند الشيعة يتركز في حزب الله، وعند السنة تتقاسمه تجمعات سنية معظمها طرابلسي المنشأ، بدءاً من حركة التوحيد التي أسسها الشيخ (سعيد شعبان) وانشقاقاتها اللاحقة وانتهاءً بالجماعة الاسلامية، ما عدا حركة الأحباش!
كل هذه المظلومية التي تشعر بها طرابلس، بدأت تزداد بوتيرة عالية منذ دخول الاسد وقواته للبنان، وتقوية الكتلة العلوية في جبل محسن بزعامة آل عيد وتسليحها. عصابة الأسدين استطاعت أن تلعب على هذه المظلومية بالجهة المقابلة، مظلومية تجسدت من الدولة اللبنانية ككل ومن زعاماتها السنية أيضا. بدأ الاسد بضرب حركة التوحيد وشقها أيضا، واعتقل قسماً من قادتها الذين رفضوا الولاء له، لكن مفارقة تسجل هنا أن الشيخ (هاشم منقارة) من القادة للعسكرين للحركة، الذي قضى في سجون الاسد أكثر من 15 عاما. خرج من السجن مدافعا عن بشار الاسد!!
أدخل المجموعات الارهابية إلى مخيم نهر البارد المحاذي للميناء الطرابلسي، بدء من فتح الاسلام وجماعة شاكر العبسي وغيرها. لتؤثر في المدينة أيضا، حيث تركت اثرها على قسم قليل من شباب المدنية. منذ عام 1984 تقريبا وطرابلس تعيش محنة دامية هي الاقتتال المتجدد بين جبل محسن بزعامة آل عيد ومسلحي درب التبانة. علما في غالب الاحيان المخابرات الاسدية كان لها علاقة بالطرفين حتى خروج القوات السورية من لبنان2005 بعدها بقي الامداد لجبل محسن، لاستمرار جاهزيته في اي لحظة يريد الاسد فتنة متحركة هناك. في هذه الايام تعيش طرابلس اجواء حرب اهلية، والجيش اللبناني يقصف أو قصف بعد منازلها، عدا عن مداهمات واعتقالات واشتباكات مع عناصر مسلحة في بعض الأحياء.
ثمة أمر آخر تبين بعد خروج قوات الاسد من لبنان، أن مخابرات الاسد تركت خلفها زعامات ومؤسسات تعبد القمع والمخابرات من جهة ويتنعمون بالديمقراطية اللبنانية من جهة أخرى!! حلال عليهم الديمقراطية وحرام على الشعب السوري!! قلة أخلاق إن لم يكن انعدامها، مثل ميشيل عون ووئام وهاب وحسن نصر الله والاحباش هؤلاء يمثلون تيارات سياسية ومصالح ارتبطت مع آل الاسد وليس مع سورية. لهذا نجد أنه دوما لدينا اكثر من نصف وزراء لبنان ثلة من الزعران، بشكل دائم منذ نهاية سبعينيات القرن الماضي.
في هذه الأجواء يتم الاعتداء على طرابلس، من أجل ان تكون مؤسسات حسن نصر الله وميشيل عون مشاركة في التحالف على الارهاب، مع ان عون عندما اخرجه الاسد بالبيجاما لفرنسا كان يحاول ان يخرق الدستور اللبناني آنذاك، ويريد أن يصبح رئيس بالقوة وبدعم من صدام حسين. وحسن نصرالله مصدر إرهاب دولة ايران والاسد معا مأجور من طرفين. جميع اللبنانيين يعرفون هذا الامر، لكن من يساهم في تضليله هم رجال دين كبشارة الراعي وعبد الامير قبلان ورشيد قباني.
ولكن، من جهة أخرى على مسلحي طرابلس أن يعوا أنهم بحركاتهم هذه غير المحسوبة كحركة الشيخ احمد الاسير، عادت بالفائدة على حزب الله وما يمثله من مصالح داخلية وايرانية. ثمة التباس في الموضوع يتعلق بحركية هذه المجموعات في طرابلس، لكن اهل طرابلس هم المستهدفون من قبل الجيش بقيادة حكومة تمام سلام ومشاركة كل تيارات لبنان السياسة الطائفية الوازنة، المستقبل وشخصيات سنية طرابلسية ممثلة في هذه الحكومة أيضا!! سعد الحريري ومؤسساته الاعلامية وغيرهم نهاد المشنوق وزير الداخلية مثالا!! تهاجم تحركات الجيش في طرابلس وقبلها في عرسال من جهة لكنها توافق عليها في الحكومة. هنا يصبح الامر مدعاة للتساؤل، والرثاء للحال الذي وصلته ما يسمى قوى 14 آذار.
أما حزب الله فمشروعه ليس جديدا. منذ تأسيسه بعد الاجتياح الاسرائيلي لبيروت عام 1982 بعام واحد، هو مشروع ايراني طائفي زرع كلغم في لبنان، من اجل استمرار حالة حرب اهلية، لم يستطع لبنان تجاوزها ويبدو ان نخبه السياسية لا تريد تجاوزها. على هذا الاساس لا يوجد ما هو جديد في احداث طرابلس. لهذا حزب الله سيبقى حزبا مسلحا، وسيبقى دولة ايران الارهابية داخل اللادولة اللبنانية. ما يحدث في لبنان هو إرهاب اللادولة. المشكلة تكمن عند الأطراف الأخرى خاصة بعد انكشاف كذبة المقاومة وأن هذه المقاومة أداة لقتل اللبنانيين والسوريين فقط.
التعليقات (1)