كلمة لم تعجب حافظ الأسد!
قال فارس: عندما قرر رائد الفضاء والأمير سلطان بن سلمان زيارة حافظ الأسد في سورية، قمت بمرافقته في تلك الزيارة وذلك كنوع من الاتيكيت الموجود في أي دولة من دول العالم، بالإضافة الى وزير داخليته آنذاك محمد حربا، ومما وجدته هناك أن الوزراء يجلسون أمامه جلسة القرفصاء، ولا يجوز لأحد التكلم بحضوره أبداً.
وفي أثناء تلك الزيارة أشار فارس الى أنه حدث حوار حول معلومة ما، وأنه دخل ضمن ذلك الحوار بأسلوب أدبي، وعندها التفت إليه حافظ الأسد يسأله "أنت لما طلعت على مركبة الفضاء قلت (ياالله) فأجابه بـ نعم، ثم رد عليه قائلاً: يمكن أن يكون ذلك قد أزعج الروس منك، ولكن يبدو أن كلام فارس بغير ذلك وأنه لا يعتقد بأن الروس كانوا قد انزعجوا من ذكره لاسم الله لم تعجبه، الأمر الذي دفع حافظ الأسد الى عدم رغبته في رؤيتي ثانية عندما عاد الطاقم الروسي لمقابلته بعد بضعة اشهر على ذلك، حيث جاء أمر شخصي منه بإرسال الطاقم من دوني في الوقت الذي كنا فيه بانتظار أمر الانطلاق الى القصر الجمهوري.
فارس من حلب.. وحبيب من الساحل
ذكر محمد فارس أنه في عام 1985 وقعت الحكومة العربية السورية اتفاقية مع الاتحاد السوفييتي تنص على ندب شخص سوري للفضاء الخارجي الى جانب الطاقم الروسي، حيث بدأت المرحلة الأولى من الاختبارات في دمشق بندب 50 طيار سوري مقاتل، اختير منهم 10 فقط لإكمال التحضيرات والتدريبات في روسيا بمدينة تعرف باسم مدينة النجوم.
وعبر فارس الى مدى سعادته في نجاحه باجتياز الاختبارات الى اللحظة التي تم اختياره فيه كرائد أساسي وحبيب كرائد احتياطي، حيث رافق ذلك ظهور نوع من الاستياء والاعتراض على ذلك الاختيار من قبل بعض الناس الذين يعملون في السفارة والذين بدأوا يتساءلون باستغراب عن سبب قبول فارس ابن حلب كرائد أساسي ورفض منير حبيب ابن الساحل وخاصة أن السلطة بيدهم.
علق فارس على ذلك بقوله: أقولها وللمرة الأولى لقد حزّ ذلك في نفسي كثيراً ولاسيما أنني سوري وابن هذا البلد مثلي كأي سوري آخر واجدادي جميعهم مدفونين في الأراضي السورية.
صعق بالكهرباء ومحاولة تسميم
يكمل فارس، ومع نهاية السنة الثانية من التحضيرات قرر الروس أني يقضي كل من الطاقمين الأساسي والاحتياطي فترة أسبوع كامل مع زوجته وأولاده كنوع من الراحة النفسية والصحية لأفراد الطاقم قبل الانطلاق للفضاء الخارجي.
في احد الأيام، وأثناء تناول فارس طعام الفطور نزلت زوجته إليه وهي ترتجف رعباً بعد ان صعقتها الكهرباء عند محاولتها فتح الدوش (صنبور ماء الحمام)، منوهاً بأن الروس كانوا في حالة صمت عندها وقاموا بلملمة الموضوع على حد تعبيره، ولم يعرف شيئاً عن ذلك الموضوع الى أن أخبره قائد الطاقم أن زميله منير هو من وصل الكهرباء لزوجته، وأردف عليه قائلاً: نحن نتنافس للرحلة في الفضاء ولكننا لا نقوم بقتل بعضنا الآخر.
وذكر فارس أن الملحق العسكري لهم اخبره أنه قد تم العثور على مادة سامة في مطار دمشق الدولي كانت مرسلة لأحد رواد الفضاء.
استقبال حافظ الأسد..!
ولدى عودته الى سورية، أوضح فارس ان رئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع آنذاك كانوا في استقباله في مطار دمشق الدولي الى جانب عدد من الوزراء، بالإضافة الى قيام عرض عسكري، وفي اليوم الثاني لاستقباله قال فارس: في ذلك اليوم قابلنا حافظ الأسد ليمنحنا الأوسمة، ولكن الغريب انه لم يقم بتعليق الوسام لي " وسام بطل الجمهورية"، وعندما جلست بجانبه التفت إلي قائلاً: "محمد معلي ما بوستك بس منشان الإعلام".
وأشار فارس الى أنه بعد الانتهاء من مراسم تقليد الأوسمة وهو في طريقه للمغادرة استوقفه قائد القوى الجوية على باب القصر الجمهوري مستاءً وقال له: "ما حسن يلبسك وسام بطل الجمهورية.. وقف للبسك ياه انا".
مالم يتوقعه في النهاية..
وأشار فارس الى أن ما حدث بعد ذلك جاء معاكساً لما توقعه الروس من قيام القيادة في سوريا بإصدار قرار يقضي بترقيتي من رتبة مقدم الى رتبة عقيد أو مكافئته، بل استمر في تلك الفترة بدون أي عمل او وظيفة لمدة تتجاوز الـ 9 سنوات.
وقال: بعد حوالى التسع سنوات من جلوسي في المنزل بدون عمل، قامت الحكومة السورية بالتواصل معي وأسندوا إلي وظيفة مدير المعهد الجوي لتدريب الطيارين، ومن اللافت في تلك الفترة وحسب كلام فارس أن 60-70% من الطيارين الذين قام بتدريبهم كانوا من طائفة واحدة "الطائفة العلوية".
فيتامين (واو)!
وفي أحد الدورات التدريبية التي كان يقوم بها لتدريب الطيارين أكد على توقف 22 شخص عن الطيران من أصل 38 متدرب وذلك خلال المرحلة الأولى من التدريب، وبحسب كلامه فإن القاعة تقضي بتوقف من 2-5 أشخاص ولأسباب صحية، و22 يعد رقما كبيرا جداً، الأمر الذي دفع فارس الى التحقق من الاضابير الطبية لهم والتي كانت تعتبر سرية آنذاك.
وقال فارس: طلبت وبشكل سري من مسؤول الديوان لديه بإحضار تلك الاضابير والتي اكتشف من خلال مراجعته لها وجود أكثر من 20 شخص مقبول كطيار درجة ثانية، وأن أحدهم كان بعمر الـ 18 سنة وضغطه 14/9، الأمر الذي اشعره بالاستياء، ودفعه الى تقديم نسخ عن تلك الاضابير وتقديمها لرئيس أركان القوى الجوية أثناء الاجتماع الذي يعقد في نهاية كل دورة تدريبية.
وأوضح أن كل ما استطاع فعله مدير الخدمات الطبية آنذاك من تبريرات لقبوله اشخاص غير مؤهلين صحيا ليكونوا طيارين أنه اضطر على قبولهم بطلب "تحت ضغط" من ضباط آخرين "واسطة".
التعليقات (16)