هنالك في الكرد السوريين غصة عميقة مثلها حزب الاتحاد الديمقراطي الفرع السوري من البي كي كي التركي. لأنه ببساطة كان مع بشار الأسد لأسباب سواء كانت مقنعة أم غير مقنعة لا يهم. لماذا؟ لايهم لأن من كان مع بشار الاسد كان مع الجريمة، وتغليف هذا الموقف بأية حجج لا يغير في جوهره شيئ. لهذا منذ اليوم الأول اعلامهم شيطن الثورة السورية وتوالت الحجج كل مرة. رغم ذلك ورغم هذا التداخل بين الساحتين التركية والسورية بنظر قادة جبال قنديل، إلا أن هذا التداخل كان وبالا على الشعب السوري برمته ومنه المكون الكوردي نفسه. حيث شرخ المكون الكوردي من جهة وشرخ التمثيل السياسي للمعارضة من جهة أخرى، وخلق ازمات مفتعلة وغير مفتعلة كانت يمكن ان تساهم فعليا بعدم وجود داعش من أساسه. لأن الموقف السياسي والاخلاقي من أي سلطة يتعلق أولا واخيرا بحقوق مواطنيها وكرامتهم، غير ذلك من مواقف هنا وهناك لا علاقة لها بجوهر الموقف من سلطة آل الاسد؛ التي أجرمت بحق المكون الكوردي مثله كمثل أي سوري. لاعلاقة بنتاجات هذا الوضع السلطوي المجرم، بأية حسابات سياسية عارضة!!
لكن البي كي كي مضطر كما يرى القائمون عليه الآن في قنديل ان يبقوا خطوطهم مفتوحة مع حكومة بغداد المركزية والاسد وطهران، كظهير استراتيجي يوظف في الساحة التركية. على اساس هذا الشرخ العميق بدأنا نسمع لغة ومفردات غريبة على الشعب السوري بكل مكوناته.. تعصب عروبي وكوردي فارغ يدعو للاقياء. يقوده فضاء ثقافي ناتج عن اسدية مديدة عاثت في سورية خرابا. على فرض أن الثورة السورية كانت ثورة متشددين رغم أنها ليست كذلك، لا يغير هذا من الموقف الاخلاقي والسياسي من سلطة آل الاسد. النقطة الاخرى التي اربكت قنديل هي أن حكومة حزب العدالة والتنمية التركي منذ توليها الحكم في تركيا قد بدأت بعملية سحب بساط حقوقية من تحت ارجل قادة قنديل، غير كافية لكنها ماضية في طريقها رغم كل العقبات الشوفينية من بعض مراكز القوى التركية. هنا نتيجة هذا المأزق السياسي الذي ادخلت فيه حكومة اردوغان قيادة قنديل، اضطرت أكثر للجوء للظهير الإيراني. حيث ألغت كل نشاط كوردي لها في إيران، ولم نعد نسمع اي نشاط لحزب الحياة الفرع الايراني من البي كي كي.. المتشددون العروبيون أسوا بكثير والسبب لأنهم أكثرية.
ديمقراطية الأكثرية هي الضامن للوطن لكي يبقى وينال حريته. عندما يسلح الأسد (الاتحاد الديمقراطي) في عفرين لمنع التظاهرات السلمية فيها، معنى ذلك أنه سيستقدم داعش وحالش. لهذا القضية الكوردية قضية لاتحتاج لمفرادت كارهة للآخر او متشددة أو شتائم او تخوين من اي طرف سواء كان عروبيا أم كوردويا؟ الكورد ليسوا اصحاب قضية قومية فقط، بل يجب أن يكون إلى جانب ذلك أو تحت هذا السقف أنهم اصحاب قضايا اصغر تتعلق بحياتهم اليومية كمواطنيين سواء في سورية أو تركيا أو إيران. هذا الامر ما يجعلهم فعلا اصحاب قضية قومية كبرى وليس التحالف مع سلطات تقوم بالاجرام بحق شعوبها، مهما كان التمثيل السياسي للمعارضة في هذه الشعوب. البي دي حاول أن يكون مواطنا اسديا وصاحب قضية قومية كبرى في تركيا أو توظيف الجميع الكوردي من أجل قيادة قنديل. هنا بدأ الخراب رغم معرفة قيادة قنديل ان الاسد وايران قدموا تسهيلات واضحة لداعش في سورية، ويعرفون أيضا أن داعش كانت تستهدف مناطق الثورة المحررة والذي معظم سكانها عرب. أما التيار العروبي والاسلامي على المقلب الآخر فقد فشل في قيادة الثورة، أروع ثورة في التاريخ المعاصر، فهل سينجح في رأب الصدع الكوردوي العروبوي؟
لهذا من المفترض على الجميع أن يعترف أن هنالك شعب كوردي له قضيته، بالمقابل على الكوردي أن يكون مواطنا سوريا ريثما تأتي لحظة تحقيق حلمه في دولة كوردية تضم الاجزاء الاربعة. أما الاكتفاء بتوظيف الاجزاء الثلاثة من أجل الساحة التركية فهنا كانت الخطيئة التي ارتكبها الاصدقاء في البي واي دي.. والشعب السوري يدفع ثمنها الآن بما فيها كورده.
كل من يتحدث عن العرب بالجملة والكورد بالجملة، لايمكن أن يكون مواطنا يناضل من أجل حريته.
عند الكورد هناك "بلاوي زرقاء" كما يقول التعبير الدارج، وعند العرب أكثر. لهذا أنا مع الكورد ضد داعش في العراق وسورية، لأن داعش ضد حرية شعبنا السوري كله. ولأن الشعب الكوردي لا ذنب له في داعش. حنانيكم بشعبنا الذي دفع الغالي والرخيص من اجل حريته وكرامته. فكان مشعل التمو كما كان غياث مطر،لا تجعلوا الاجندات العصبوية، تسرق من شعبنا هذا الارث التعايشي نضاليا من اجل حريته لأجياله.
التعليقات (11)