احتمى من الرصاص إلى الموت!
رحلة مهران الأخيرة نحو الشهادة بدأت عندما خرج من المدينة باتجاه أسرته في بلدة (داعل) جنوب الشيخ مسكين وكان يستقل سيارة مع عدد من أبناء البلدة بعد غروب الشمس لتحميهم عتمة المساء، ومن نيران قوات النظام والميليشيات الشيعية التي ترصد أي حركة على الطريق، وعلى ما يبدو أن قوات النظام الموجودة قرب بلدة (قرفا) شرق الطريق، شعرت بوجودهم ففتحت عليهم النيران ليسارع سائق السيارة محاولا تدارك هذا المأزق الذي وقعوا به، فما كان منه إلا أن قام بزيادة السرعة لتلافي مصدر النيران، إلا أن وعورة الطريق أفقدته التركيز والسيطرة على الحافلة، وخصوصاُ أن النيران التي تتوجه نحوهم كانت غزيرة، ما أسفر عن إصابة عدد من الركاب وتفاجأ سائق السيارة بسيارة أخرى متجهة إلى داخل المدينة التي خرجوا منها، لتصطدم السيارتين ببعض مما خلف شهيدين أحدهما مهران الذي نزف كثيرا ليفارق الحياة على إثرها في مدينة (داعل).
رفض حياة اللجوء خارج سوريا!
عمل مهران بعد انشقاقه لدى العديد من الوسائل الإعلامية ومنها أورينت نت التي عمل معها كصحفي مستقل خلال عامي (2012- 2013) قبل أن ينضم إلى الجزيرة نت كمراسل ميداني منذ تشرين الأول 2013، لينقل ما آمن به وما يشهده من معاناة أبناء منطقته.ولد مهران الديري في (الشيخ مسكين) بدرعا عام 1984، ودرس بمدارسها وكان من المتفوقين، ثم درس الإعلام في جامعة دمشق وتخرج عام 2008م، ليعمل في وكالة سانا الحكومية بدمشق ومن ثم في درعا كمراسل للوكالة، ويعتبر مهران من الصحفيين القلائل الذين انشقوا عن وكالة سانا في درعا التابعة لنظام الأسد، وبقي يعمل فوق التراب السوري في ظل الثورة.
عندما أعلن مهران انشقاقه خرج مهران باتجاه الأردن في البداية، إلا أنه لم يحتمل حياة اللجوء، فعاد بعد ذلك إلى سوريا قاطعا على نفسه عهدا أن لا يخرج منها رغم المغريات التي جاءته للخروج إلى دول اللجوء كأوربا، ورغم الفرص التي أتيحت للإعلاميين السوريين الشباب ليكونوا في دول الجوار على الأقل.
رثى مدينته ثم مات قربها!
مهران االديري الذي يرحل عن عمر لا يتجاوز الثلاثين عاماً، متزوج وله طفلان أكبرهم عمره أربع سنوات واسمه (بشير) والثاني سنة واحدة، يذكر أن مهران خرج لتغطية المعارك في (الشيخ مسكين) وفي بيته لا يوجد الخبز لإطعام عائلته.
كتب مهران العديد من التقارير الإخبارية وبعضها أخذت صفة التقارير الاستقصائية التي برع بها، فلم يكتف بنقل الأشياء الإيجابية التي تحدث، كتب أيضا عن ما يدور حوله النقاش كتوقف معركة نصيب القريبة من الأراضي الأردنية ومعاناة اللاجئين والجرحى في الأردن... ولعل أجمل وآخر ما كتبه لـ (أورينت نت) التحقيق الذي خص به مدينته الشيخ مسكين، ونشر في الأول من أكتوبر / تشرين الأول 2013 تحت عنوان: (الشيخ مسكين: قصة مدينة حولتها الحواجز إلى 3 قرى) فقد رسم صورة حية لمدينته التي قطعت أوصالها حواجز الاستبداد والطغيان... رثاها ثم عاش ليتنسم بعض نسائم الحرية فيها، قبل أن يرحل.
التعليقات (1)