تحدث مصدّرو البيان عن الأضرار الكبيرة التي لحقت بهم جراء تحول مناطقهم إلى ساحة صراع رباعي الأطراف، حيث يتنازع على السيطرة على المنطقة كل من قوات النظام السوري وقوات الجيش الحر وعموم فصائل الثوار وقوات تنظيم دولة الاسلام في العراق والشام "داعش" وقوات الحماية الشعبية الكردية ypg التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردستاني pyd.
في الواقع لقد تعرض أهالي المناطق الكردية الواقعة بريف منطقة السفيرة بريف حلب الشرقي للتهجير القسري الذي فرضته عليهم قوات النظام السوري والمليشيات العراقية واللبنانية التي تقاتل معه إبان بدء حملتها العسكرية الأخيرة على منطقة السفيرة في شهر ايار من العام الماضي، حيث تم ترحيلهم من بيوتهم دون أن يسمح لهم بالعودة إليها حتى اليوم، بالإضافة إلى عمليات سرقة ونهب ممنهج لبيوت السكان الخاوية في هذه المناطق من قبل قوات النظام السوري.
على هذا الأساس اضطر السكان إلى النزوح شمالا باتجاه مناطق الباب وريفها ومنبج وريفها ليقعوا من جديد كضحية لصراع الجيش الحر وعموم فصائل الثوار من جهة وتنظيم دولة الاسلام في العراق والشام "داعش" من جهة ثانية ، حيث اصبحت التلال التي نصبوا عليها خيمهم نقاطاً عسكرية يسعى كل من الجيش الحر وتنظيم داعش إلى السيطرة عليها ، الأمر الذي اضطرهم إلى تفكيك خيمهم والرحيل من جديد.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، حيث تعرض هؤلاء النازحون لعمليات اعتقال وابتزاز من قبل حواجز تنظيم داعش الذي بات يتهمهم بأنهم عملاء لقوات الحماية الشعبية الكردية ypg وبالتالي هم "كفرة مرتدون" بحسب عناصر التنظيم، وبالتالي حصلت العديد من حالات اعتقال الشبان الاكراد من السيارات التي تمر على حواجز التنظيم الذي يمنع العائلات من المرور عبر حواجزه في غالب الأحيان.
هذه الظروف أجبرت بعض العائلات على محاولة العودة إلى بيوتها في المنطقة التي باتت تحت سيطرة قوات النظام السوري والمليشيات المتحالفة معه مؤخرا ، لكن هذه العائلات لم تتمكن من ذلك لأن النظام فرض على كل عائلة تريد العودة إلى بيتها في مناطق السفيرة وريفها أن تقوم بتطويع شاب على الأقل في قواته مقابل أن يسمح لها بالعودة إلى بيتها، ومن يرفض التسلح والانخراط في قوات النظام والمليشيات المتحالفة معه يعاقب بمصادرة منزله وممتلكاته ويتم إسكان شخص من هذه المليشيات في منزله ويصبح صاحب البيت مطلوبا لدى حكومة النظام بتهمة أنه إرهابي.
مؤخرا حاول النازحون من القرى الكردية في ريف السفيرة النزوح نحو إقليم كردستان العراق إلى انهم واجهوا مأساة من نوع جديد لم يعهدوه من قبل، حيث أن بُعد المسافة بين مناطق ريف حلب الشرقي وحدود العراق يثقل كاهلهم بأجور نقل عالية لا يمكن لأغلبهم تحملها، كما أن الواصلين إلى الحدود السورية العراقية يتعرضون لابتزاز من عناصر حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي pyd المسيطرين على الحدود ، حيث يقوم عناصر الحزب بطلب مبالغ نقدية ضخمة يعجز النازحون عن دفعها في مقابل السماح لهم بالعبور نحو اقليم كردستان العراق.
ربما عانى سكان جميع المناطق في سوريا من حالة الحرب المستمرة منذ ما يزيد على السنتين والنصف إلا أن معاناة ابناء المناطق الكردية بريف السفيرة كانت الأشد والأكثر تعقيدا ، حيث تقطعت السبل بأبناء هذه المناطق وهاموا على وجوههم بحثا عن ملجأ ومازال معظمهم ينتظر الخلاص إلى اليوم .
التعليقات (9)