"ثائر كل يوم": يستعرض ثورات العالم ويتجنى على الثورة السورية

"ثائر كل يوم": يستعرض ثورات العالم ويتجنى على الثورة السورية
ععندما تستخدم السينما شعارات انسانية، وتستشهد بنماذج نقية، ثم تفضح نفسها، عندما يكتشف المتلقي ان هذه السينما هي اداة بيد اشخاص ومؤسسات لها حساباتها الخاصة بها المنطلقة من افكار تريد تفكيك المجتمعات، وبوق يضخ فحيحا مملوءا بسموم جهات اصبحت معروفة لدى الغالبية، عندها فإن القائمين على صناعة مثل هذه الافلام، يكشفون عن وجوه التزييف والكذب في حياتهم، وعلى الشاشة التي تعرض افلامهم.

فيلم، ثائر كل يوم، every day rebellion الذي كان في ختام مهرجان كرامة 2014، للاخوين اراش وارمان رياحي، وهما من ايران اصلا، يقيمان في النمسا، هذا الفيلم الذي يدعو الى المقاومة السلمية، وابتكار وسائل وادوات للتعبير والاحتجاج، والمقاومة والتغيير، وذلك اقتداء بالاسلوب الذي اتبعه زعيم الهند وحكيمها، غاندي في مواجهة الاحتلال البريطاني. وميدان الفيلم في اسبانيا ومصر وامريكا، وايران، واوكرانيا وسورية والبرازيل.لكنها في الفيلم ليست توجيهات بريئة، او منطلقة من بيئتها وبشكل طبيعي، كما في النموذج الهندي، انما هناك منظرون يقفون وراء كل حركة، يرسمونها بشكل دقيق، ويختارون افضل السبل لتنفيذها، وهم خبراء متمرسون، منهم القس، والبرلمانية، ومدرب الثورات، والناشطة الاوكرانية.

واذا كان الفيلم يربط بعلاقة مابين تغول البنوك ورأس المال في اسبانيا، وامريكا – وول ستريت-، فان الشرق الاوسط هو المستهدف برسالة الفيلم، الى الدرجة التي يتم فيها اطلاق تصريحات، ورفع شعارات يتم العمل على تنفيذها واقعيا، كما في بث الكراهية ضد الاسلام على لسان البرلمانية الاوروبية، والاخطر من ذلك هو الدعوة الى استنزاف واستهلاك قدرات الجيش السوري، فلم يستطع الفيلم ان يخفي غايته، فكانت الدعوة الصريحة التي حكما لا تنسجم مع مطالب التغيير والثورات الشعبية، فالجيش في اي بلد هو رصيد للشعب، والخلاف مع السلطة لا يعني تناقضا بين الشعب والمؤسسة العسكرية. هي دول معنية بحد ذاتها، اما لتدميرها، او تشويه صورتها، فالثورة البرتقالية في اوكرانيا، ونحن نعلم من يقف وراءها، ووراء منظرها، سيرغي بوبوفيتش الذي كان يعمل على ان تكون اوكرانيا هي خاصرة روسيا الرخوة، فهو تلميذ شارب، مؤسس معهد انشتاين الذي تشرف عليه وترعاه الاستخبارات الامريكية، وبعد ان انهى بوبوفيتش مهمته في اوكرانيا، تفرغ من خلال المعهد بتدريب الشباب العربي، الذين ترسلهم بعض الدول العربية الى بلجراد وامريكا، امثال المصري محمد عادل، الذي يطلق عليه بعضهم لقب بطل الربيع المصري، حيث يتم تدريب هؤلاء المبعوثين على الفبركات الاعلامية، وسيكولوجية الاعلام الذي يمكن ان يخدع الجماهير.

يتنقل الفيلم مابين العواصم المختلفة، ومدريد، وميدان التحرير، ومشاهد ساذجة وتافهة مصورة في الاردن لناشطين سوريين، مع اعطاء نصائح، واساليب للاحتجاج السلمي، وكيفية عدم الاحتكاك مع رجال الامن، وكل الاساليب التي من شأنها ان تؤدي الى التغيير، مع تفويت الفرصة على السلطات ان تحتك بالمحتجين، وان كان كل هذا الذي جاء في الفيلم، لا يمكن ان ينسجم مع طرح مقولة ضرورة انهاك الجيش السوري حتى يصل الى حالة يرثى لها، لأن هذه الفكرة في بلد مثل سورية، بموقعها الاقليمي، ونوعية المرتزقة الذين يحاربون داخلها، حتما هو من مصلحة جهة واحدة وهي الكيان الصهيوني.

ومن اوكرانيا ايضا تنطلق حركة، فيمن، النسوية التي تتزعمها اينا شيفتشينكو، هذه الحركة التي اعتمدت الصدور العارية للتعبير عن الاحتجاج، والى لفت الانظار الى المطالب، بالاضافة الى جرح مشاعر المتدينين، فقد قامت ايضا بخلع الصليب، ولاحقا الاستهزاء براية اسلامية، وقامت ىاول نشاطاتها عندما اقتحمت مؤتمرا صحافيا للرئيس الروسي بوتين.

وهنا السؤال حول علاقة الحركة الاوكرانية لعاريات الصدور، وبين المظاهرات المصرية، وماالذي اوصل اينا، الى المصرية علياء المهدي في استكهولم لتقنعها باهمية التعري احتجاجا، لتشاركها امام السفارة المصرية هناك، وهي عارية وتخفي عورتها بالقرآن الكريم، لنطرح السؤال مرة اخرى في وجوه صانعي الفيلم، اين هو الاحتجاج السلمي في مثل هذا التصرف الذي لا يقتصر استفزازه على رجال الامن كما يدعي الفيلم، انما هو ايذاء لملايين من البشر وبدون سبب.

فالثورة المصرية لم تكن بحاجة الى مبادرة حركة، فيمن، وهذا ليس من وسائل الاحتجاج السلمية المنسجمة مع سلوك وقناعات ومنظومة القيم في مصر.

فيلم، ثورة كل يوم، فيلم مخادع، يأتي في اطار كونه مستودع معلومات لتأهيل وتدريب الناشطين للمقاومة السلمية، وأخذ لقطات من حياة بعض الاشخاص ونشاطاتهم، ويوظف حضور اشخاص معروف تاريخهم ودورهم، ويروي قصص تمرد، ويقترح اساليب احتجاج، ونقل تجارب مناطق مختلفة، لكن الفيلم وبقصدية واضحة له موقف مغاير من سورية بشكل اساسي، الى جانب استفزاز الشعور الديني، فكما قلنا ان التحريض على انهاك الجيش السوري ليس له علاقة بوصفات الاحتجاج السلمي التي يقدمها الفيلم. ويكفي اعتراف سيرغي بوبوفيتش الذي يقول

: "إنه لا توجد ثورات شعبية عفوية، وكل ما تشاهدونه على الإعلام يجري إخراجه وفق مخطط دقيق.

التعليقات (0)

    0

    الأكثر قراءة

    💡 أهم المواضيع

    ✨ أهم التصنيفات