ومع تتابع الأيام بدا لنا صدق نبوءة هذا الحكيم وظهر أن هناك الكثير ممن خَدعوا أعيننا ومسامعنا بخطابات ثورية ومواقفٍ وطنية كانت عبارة عن تمثيلية مدروسة و(طقم كلام) يقال ويرمى في ساحات الإعلام أو خلال المؤتمرات كصائد فرائس وليعلق به ما يعلق المهم أن يصنف صاحب هذا (الطقم) ضمن قائمة المعارضة ليمارس المهمه الموكلو له في تخريب الثورة من الداخل واستخدام تلك الشخصيات من قبل من جندهم كحصان طروادة يعيد الثورة لمربعها الأول ويمنعها من الانتصار.
انطلق قطار الثورة, وتسارعت خطواته, وقفز من قفز ليمتطي ظهره, والجميع ينشد قيادة هذا القطار والظهور بمظهر المخلص للشعب السوري, منهم من أخلص النية, ومنهم من اعتبر الثورة مطية العبور لمبتغاه الشخصي وبعيداً عن مصلحة الثورة, لكن الأخطر كان فيمن دفعهم النظام ليكونوا ضمن عربات القطار يمارسون تخريباً منظماً وفق أجندات مخابراتية غايتها حرف الثورة عن مسارها وترسيخ أفكار وأجندات النظام ومن داخل جسم الثورة.
الدكتور (رحال), ابن بلدة مرعيان في ريف إدلب (جبل الزاوية) تلك البلدة التي عرفت بأنها من أولى البلدات التي شاركت بالثورة, و(د. رحال) أيضاً هو الصديق الوفي للعميد الركن حسام سكر الضابط في القصر الجمهوري والمقرب من مكتب أبو سليم (مدير مكتب بشار الأسد) وهذا العميد اشتهر بتوليه مهمة جلب وجهاء الأحياء والمناطق الثائرة لمقابلة بشار الأسد في بداية انطلاق الثورة السورية, ومن ثم تابع (العميد) مهمته بعلاقات مخفية مع بعض الذين تم تجنيدهم من هؤلاء الوجهاء ليمارسوا دورهم المرسوم لهم مع إبقائهم في داخل الثورة.
الدكتور (رحال) هو أول من تحدث عن إدخال السلاح للثورة وسلح الثورة إعلامياً (توافقاً مع ما كانت تبثه وتفبركه وسائل إعلام النظام) حتى قبل أن يكون في يد الثورة قطعة سلاح واحدة, وبعد أن تم إبعاده ومنع ظهوره عبر القنوات التلفزيونية, غادر مقر أقامته في السويد وتنقل في تركيا ما بين (عنتاب واستانبول وإنطاكيا) ليكون قريباً من الحدث, وحاول الدخول إلى الداخل بين الفينة والأخرى والتقاط الصور مع بعض المقاتلين ومن ثم أعلن نفسه قائداً للثورة بل ورئيساً مستقبلياً بديلاً لبشار.
أحلامه التوسعية والسلطوية عادت مع ترشيحات لرئاسة الحكومة المؤقتة ولنجده من ضمن المرشحيين بعد تمثيلية قام بها في مدينة أنطاكيا وفي مقر الجامعة السورية الحرة عندما قام بجمع بعض السذج من القادة المغمورين ومن ثم يعلن نفسه مرشحاً عن الحراك المسلح بالداخل وليشن هجوماً شنيعاً على أعضاء الائتلاف في جلسة الترشح ومهدداً إياهم من الدخول للداخل السوري عبر خطاب تشي غيفاري في الشكل لكنه مشككاً بشرعية الثورة بالمضمون.
وفجأة يطل علينا (رحال) من بيروت قادماً من مصر وخاتماً مسيرته "النضالية" بخروج على وسائل إعلام ليست بعيدة عن النظام وبكلامٍ غايته التشكيك بالثورة, طارحاً الحوار مع النظام بأسلوب خفي, مانحاً النظام صك براءة من كل مجازره وداعياً لحوار داخلي يطمح أن يكون (رحال) جزءاً منه ولتلتقطه شبكة (أو تي في) وتصنع منه سبقاً إعلامياً وكأنها (شالت الزير من البير)
لمن اعتبر ما حدث تصدعاً في جسم الثورة وتشققاً في بنيانها نطمئنكم: أن الدكتور (رحال) لن يعود إلى حضن الوطن لأنه لم يخرج منه أصلاً.
التعليقات (8)