في لبنان لم يسلم السوريون من الاستغلال في كافة مجالات حياتهم اليومية، فلم يقتصر الأمر على استغلال العمال والأطفال، ورفع أسعار الآجر بل تعداه ليشمل النساء الحوامل اللواتي أُجبرن على وضع أطفالهن في مستشفياتٍ تكاليفها لا ترحم، وأطبائها تجردوا من إنسانيتهم وألقوا بأخلاقيات مهنتهم في مستنقع الدولارات ليتقاضوا من أناس ضعفاء أضعافاً مضاعفة من المال.
المفوضية العليا للأمم المتحدة لم تُغفل هذا الموضوع فخصّصت تغطية شاملة بنسبة 75% من مجمل تكاليف الولادة للاجئات السوريات في المستشفيات المتعاقدة معها، آملةً بذلك أن تخفف جزءاً من معاناتهن ليضعن أطفالهن في ظروفٍ شبه طبيعية ولكنهن لم يسلمن من أيادي بعض أطباء لبنان الذين اتخذوا من هذه الإعانة منهجاً جديداً ومبتكراً للنهب والكسب والاستغلال.
معاملة قاسية
فنٌ جديد برع به بعض الأطباء وأحسنوا تنفيذه ففي المستشفى الذي تعاقد مع شركة التأمين التي تغطي تكاليف ولادة السوريات يطلب الطبيب من المرأة أن تأتي للحجز وتسجيل الاستمارة قبل موعد الولادة بيوم أو يومين، حيث يقوم الجهاز الإداري في المستشفى بتسجيل الاسم بناءً على بطاقة اللجوء المعطاة لها ويتم دفع المبلغ المحدد بعد خصم النسبة التي ستسددها المفوضية.
في المستشفى وبعد تسجيل الاستمارة يتم إدخال المرأة الحامل إلى قسمٍ مخصّص للسوريات بعد أن يعلمها الطبيب بأن وقت الولادة قد حان ولا داعي للانتظار لأنه قد يؤذي الجنين، حيث تكون المعاملة من قبل الممرضات والقابلات قاسية وخالية من الاحترام والاهتمام، وبما أن الموعد المحدد للولادة لم يحن بعد يقوم الطبيب بإعطاء المرأة بعض الأدوية المحرّضة لتيسير الولادة الطبيعية وغالباً ما يفشل فيطلب منها الخضوع إلى العملية القيصرية التي تعادل تكلفتها ثلاث أضعاف تكلفة الولادة الطبيعية.
رضوخ
إجراءات إرسال الاستمارة إلى المفوضية حازمة ولا تسمح بالانسحاب لأن الاسم يرسل إليها بالفاكس فور الوصول وتثبيت الحجز، وبذلك لا تستطيع المرأة الحامل الخروج والعودة مرة أخرى للولادة بثلث التكلفة، أما بالنسبة لاسترداد المبلغ الذي تم دفعه فيصبح صعباً يحتاج للعودة إلى إدارة المفوضية والتواصل معها مما يضطر المرأة وزوجها للرضوخ إلى طلب الطبيب، وخصوصا ًفي حالة يكون التخوّف فيها على صحة الأم وجنينها أضعافاً مضاعفة بعد إعطائها أدوية التحريض وبهذه الطريقة يكسب الطبيب ثلاثة أضعاف المبلغ ويعرض تلك المرأة التي لا حول لها ولا قوة لإجراء عملية هي ليست بحاجتها بالإضافة إلى دفع ضعف المبلغ.
يوم الولادة الذي تنتظره نساء سوريا المهجّرات لينعمن ببعض الفرح والأمل هرباً من الألم والموت أمسى كابوساً ثقيلاً يقلقهن ويثقل صدورهن فلا عجب من أن تتمنى كل واحدة منهن أن تلد في الطريق لعله أصبح المكان الوحيد الآمن القادر على حماية أحلامهن.
التعليقات (7)